ثوار ليبيا يكثفون حربهم الإعلامية

تراخيص لمحطتي إذاعة وقناة تلفزيون وأكثر من عشر صحف ومجلات

TT

بينما ينخرط المعارضون الليبيون في معارك بالقذائف ونيران البنادق الآلية مع قوات العقيد الليبي معمر القذافي في الشرق، تضيف مجموعة من شبان المعارضة المتطوعين مطبوعات وكاميرات تلفزيون وميكروفونات لعتاد الحرب. يعرض الكتاب ورسامو الكاريكاتير والموسيقيون أعمالهم في شرق البلاد الذي تهيمن المعارضة المسلحة على أغلبه، بعد أن هزت انتفاضة شعبية أركان حكم سلطوي يخيم على البلاد منذ عقود بإعلام حكومي موجه. تغطي كتابات «الجرافيت» الزاهية الجدران في بنغازي معقل المعارضة وتصدح أغاني الراب التي تهاجم القذافي من مكبرات الصوت، وظهر الكثير من المنافذ الإعلامية الجديدة. وقال محمد فنوش، منسق الإعلام والثقافة بالمجلس الوطني الانتقالي المعارض في بنغازي، إن المجلس أصدر بالفعل تراخيص لمحطتي إذاعة وقناة تلفزيون وأكثر من عشر صحف ومجلات. وقال في مكتبه الواسع بمبنى حكومي سابق، حيث تتركز أغلب وسائل الإعلام الجديدة: «من السهل جدا الحصول على ترخيص.. يكتبون أسماءهم ونوع النشرة الصحافية أو الصحيفة. وأنا أوافق عليها. ونظرا لحالة الحرب التي تشهدها البلاد فإن أغلب الطاقة الإبداعية التي ظهرت في الفترة الأخيرة تستخدم لتفنيد بيانات الإعلام الرسمي الذي ما زال نظام القذافي يهيمن عليه والإعلان عن أهداف الانتفاضة على حكمه المستمر منذ 41 عاما».

وقال محمد بن كاتو (18 عاما) الكاتب بمجلة «عمر المختار» التي تحمل اسم الثائر الليبي الذي قاتل الاحتلال الإيطالي: «الإعلام سلاح آخر نستخدمه الآن إلى جانب المعدات العسكرية».

وأضاف: «يجب مواجهة ما يقولونه على القنوات الليبية مثل أن كلنا من (القاعدة)». وكثيرا ما يشير التلفزيون الليبي الرسمي إلى المعارضين باعتبارهم عصابات مسلحة أو متشددين إسلاميين وتهيمن على برامجه لقطات لمظاهرات مؤيدة للقذافي. وتعد صحيفة «برينيس بوست» الأسبوعية التي تنشر المقالات والشعر باللغتين العربية والإنجليزية من أبرز الأمثلة على حرية الصحافة المكتشفة حديثا في شرق ليبيا. وفي أحدث طبعاتها وضعت الصحيفة على غلافها اللامع كفين مضمومتين كأنهما في صلاة وكلمة (ليبيا) مكتوبة فوقهما. ويقول متطوعون يعملون بالصحيفة، إنهم يعتبرون خلع حكم القذافي فرصة لإعطاء الإعلام الليبي لمسة حديثة. وقالت الكاتبة فرح قتات (19 عاما)، إن الصحف والمجلات القديمة كانت مملة للغاية. لم تكن بها ألوان، ونوع الورق كان سيئا جدا. نحن كشبان نريد شيئا أكثر جاذبية. ومع إغلاق المدارس قالت قتات وغيرها، إنهم يتطوعون بالعمل في الصحيفة الأسبوعية على أمل أن تنعش الساحة الإعلامية وتساعد في مواجهة الصور النمطية السائدة عن ليبيا. وقالت الكاتبة ديلارا كولاك أوغلو (17 عاما) لسنا كلنا صحافيين. أنا ما زلت طالبة في المدرسة الثانوية. لم أقرر ما الذي أريد القيام به في المستقبل، لكني أقوم بذلك لأنه يتعين علي القيام بشيء. ويريد المعارضون استخدام قناة جديدة اسمها «ليبيا الحرة» في نشر مبادئ ثورتهم وأهدافها بين المواطنين في الغرب الذي تسيطر عليه قوات القذافي. وتستند القناة على مكتب لبث مقاطع فيديو على الإنترنت من قاعة محكمة في بنغازي كانت مركزا لانطلاق الانتفاضة التي بدأت في 17 فبراير (شباط) الماضي. واستخدمه الكثير من المتطوعين في إرسال صور المظاهرات والحملات الحكومية إلى وسائل الإعلام الأجنبية. ويقدر المعارضون أن أكثر من 300 شخص قتلوا في الأيام الأولى من الاحتجاجات في بنغازي وحدها. وكان من بين القتلى محمد نبوس الذي أنشأ مكتب بث مقاطع الفيديو في بادئ الأمر. ويقول أصدقاؤه إن قناصا حكوميا قتله بعد أيام من إطلاق قناة «ليبيا الحرة». وتعرض صوره الآن في جميع مكاتب القناة. ويعمل المتطوعون على تحويل «ليبيا الحرة» إلى منفذ إخباري حقيقي. وتمتلئ القاعة التي يعتزمون تأثيثها لتصبح استوديو تصوير بالسجاد ومصابيح الهالوجين ورائحة الطلاء الحديث. ويجري المذيعون الشبان تدريبات للتسجيل على الهواء مع مدرسين يساعدونهم على صقل لغتهم العربية الفصحى المستخدمة في أغلب وسائل الإعلام العربية. وأصبحت القناة بالفعل مصدر فخر لصحافيين مثل سلمى بشير (21 عاما) التي عادت من مصر، حيث كانت تدرس الإعلام حين بدأت الانتفاضة الشعبية.

وقالت: «الإعلام في ليبيا كان دائما يتحدث عن القذافي وأسرته وعظمته وعن كونه شخصا رائعا. الآن يمكننا القيام بما هو أفضل من ذلك، يمكننا أن نقول الحقيقة عن القذافي وعن بلادنا وعن الأشياء الجيدة والأشياء السيئة. وقد تحتاج ليبيا لوقت طويل قبل أن تطور إعلاما مستقلا بالكامل». ويقول فنوش إن المعارضين لا يتحكمون حتى الآن في المطبوعات الجديدة باستثناء وحيد هو منع نشر أي شيء مؤيد للقذافي. وقال: «بعد التحرير إذا جاء رجال القذافي وقالوا إنهم يريدون إصدار صحيفة أعتقد أنه سيسمح لهم بذلك.. لكن الآن بما أننا في حرب يتعين علينا أن نتحكم في ذلك».