رئيس الأركان الأميركي: علاقتنا بمصر لم تتزعزع

مايك مولن قال إنه لا يمكن التكهن بالمستقبل بالنسبة لسوريا.. وحذر من الفوضى والقاعدة في اليمن

المشير طنطاوي لدى استقباله رئيس الأركان الأميركي، مايك مولن، في مبنى وزارة الخارجية بالقاهرة، أمس (رويترز)
TT

حذر مايك مولن، رئيس هيئة الأركان الأميركية، من تعاظم دور تنظيم القاعدة وشبح الفوضى والحرب الأهلية في اليمن، قائلا إن على قادة اليمن الحاليين، في ظل غياب الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، أن يعملوا على إبعاد بلادهم عن شبح الفوضى أو الحرب الأهلية، معربا عن قلق بلاده الشديد من خطر «القاعدة» في اليمن. وقال إن مسألة انسحاب القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) من أفغانستان ليست مرتبطة بمقتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، لأن الوضع «لم يتغير كثيرا في أفغانستان» بعد مقتله الشهر الماضي، مستبعدا في الوقت نفسه الخيار العسكري أو التدخل البري لحلف «الناتو» في سوريا وليبيا، مؤكدا خلال زيارة إلى القاهرة، أمس، متانة العلاقة بين بلاده ومصر.

ووصف مولن الوضع في اليمن بأنه «جد خطير»، قائلا إنه تعامل مع الملف اليمني لسنوات طوال، مشيرا إلى أن خطورة الوضع في اليمن ترجع لسببين أساسيين، أولهما المساحات الكبيرة (من الأراضي) غير الخاضعة للحكومة اليمنية، وتعمل بها منظمات إرهابية مثل «القاعدة»، مشيرا إلى أن السبب الثاني هو تنظيم القاعدة نفسه في اليمن، وقال: «نمت (القاعدة) في اليمن بشكل كبير ومخيف وأصبحت (نقطة قاتلة) لأميركا وأوروبا بسبب حصول التنظيم على موارد تمويل جيدة وتخطيطه المستمر لقتل الأميركيين والأوروبيين».

وحذر مولن من «تعاظم خطورة (القاعدة) في اليمن في هذه الفترة»، وقال: «أصبحت (القاعدة) اليوم تمثل خطرا كبيرا، ومع ازدياد الفوضى والانفلات الأمني في اليمن أصبحت (القاعدة) أكثر خطورة، وهذا جانب مقلق للغاية للإدارة الأميركية».

وعما إذا كان هناك توقع بعودة الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، إلى اليمن بعد شفائه، حيث يعالج في المملكة العربية السعودية، قال مولن: «لا أعرف ما إذا كان صالح سيعود أم لا، ومستقبل حكمه لليمن لا يمكن الإشارة إليه في الوقت الراهن، لكن كل ما يجب أن يقال إنه على قادة اليمن الحاليين في ظل غياب صالح أن يعملوا على إبعاد بلادهم عن شبح الفوضى أو الحرب الأهلية، وعلى الشعب اليمني أن يتوحد لأجل مصلحة بلاده».

واستبعد مولن أي خيار بالتدخل العسكري البري الدولي في ليبيا، وقال إنه لا يوجد «احتمال وارد» لاتجاه بلاده للخيار البري العسكري في ليبيا. كما نفى أن يكون الخيار العسكري البري لقوات «الناتو» قائما في حال مضت 3 أشهر دون حسم الموقف في ليبيا.

وفي الأول من الشهر الحالي مدد حلف «الناتو» رسميا مهمته في ليبيا التي بدأها في مارس (آذار) الماضي لمدة 90 يوما أخرى.

وأوضح مولن، ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، عما إذا كان الخيار العسكري البري لقوات «الناتو» قائما في ليبيا إذا ما مرت فترة الـ90 يوما دون حسم، بقوله: «حلف (الناتو) ملتزم تماما بأمان الشعب الليبي، وهو مهمته الأساسية، وعليه أن يركز على تحقيقها في أسرع وقت، ولكن إلى اليوم ليس هناك أي احتمال وارد لاتجاه الولايات المتحدة الأميركية للخيار البري العسكري في ليبيا».

وشدد مولن خلال لقائه حول طاولة مستديرة مع صحافيين في القاهرة على ضرورة رحيل القذافي إنقاذا لليبيا وشعبها، مشيرا إلى بطء النتائج التي يحققها حلف «الناتو» على أرض الواقع في ليبيا، لكنه استبعد أيضا التدخل العسكري البري في المرحلة الراهنة، قائلا: «أعترف أن الوضع في ليبيا يتقدم ببطء جدا، وعلى القذافي أن يترك موقعه، خصوصا أن الكثير من أعضاء نظامه المقربين تخلوا عنه، وبعضهم رجال عسكريون، وهذا أدعى لأن يترك موقعه». واستدرك مولن: «ولكن لا أحد يعرف متى سيحدث ذلك تحديدا».

ووصف رئيس هيئة الأركان الأميركية الوضع في ليبيا بالمعقد، قائلا: «الوضع حاليا ليس في مصلحة ليبيا أو الشعب الليبي، لكن علينا القول أيضا إن الوضع في ليبيا معقد، وهناك قادة سياسيون ينظرون إلى أفضل الاحتمالات والحلول الممكنة للتعامل مع ليبيا من الناحية العسكرية».

وقال مولن عن الوضع في سوريا التي تشهد ثورة ضد حكم الرئيس بشار الأسد: «إن أميركا ودول الاتحاد الأوروبي والعالم أدانوا قتل الأسد لشعبه وأرسلوا له رسائل قوية وشديدة اللهجة ضد قتل المدنيين السوريين من المتظاهرين، كما تلقينا الكثير من رسائل الاستغاثة من الشعب السوري عن عمليات القتل هذه.. ونحن ضد ما يحدث في سوريا وضد ما يفعله الأسد، ولكن إذا ما كان هناك تدخل عسكري مرتقب في سوريا، فهذا أمر لا يمكن التكهن به في المرحلة الحالية، فلا يمكن قراءة المستقبل حيال سوريا».

وعن إمكانية انسحاب القوات الأميركية المشتركة من أفغانستان عقب مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، أشار مولن إلى أن خطة انسحاب القوات من أفغانستان تم وضعها منذ عدة سنوات، ولكن لم يتحدد ميعاد لتنفيذها حتى اليوم، وقال إن الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، لم يتقدم حتى الآن بتوجيهات مرتبطة بانسحاب القوات عقب مقتل بن لادن.

وأشار مولن إلى أن اختفاء بن لادن للأبد هو مجرد عنصر مهم في «معضلة أفغانستان»، قائلا إنه خلال الأسابيع الماضية، أي عقب إعلان مقتله، لم يتغير الوضع كثيرا في أفغانستان.. «لهذا يظل وضع انسحاب القوات مرتبطا بمخرجات أخرى عدة تخص الوضع في أفغانستان، وهي موضع الدراسة حاليا». وفي ما يتعلق بالتعاون بين بلاده ومصر، قال مولن إن العلاقات بين البلدين وطيدة منذ عقود طويلة، مشيرا إلى أن الوضع في مصر ما بعد ثورة «25 يناير» لم يتزعزع على مستوى علاقات البلدين.. «بل على العكس؛ الولايات المتحدة الأميركية تعتبر ثورة (25 يناير) نموذجا يجب أن يحتذى به في العالم». وأضاف أن «المساعدات العسكرية الأميركية لمصر مستمرة».

أما في ما يخص الموقف الأميركي من إعادة مصر لفتح معبر رفح وتأثير هذا على العلاقات الأميركية – المصرية–الإسرائيلية، فقال مولن: «أعتبر فتح معبر رفح شأنا داخليا مصريا، وهو قرار تتخذه مصر بمفردها»، مشيرا إلى أن الطرفين، المصري والإسرائيلي، عبرا بقوة عن رغبتهما في استمرار الاستقرار والسلام في المنطقة، وأنه أولوية لكل منهما. وأضاف أن «العلاقة التي تجمع كلا من مصر وأميركا، وإسرائيل وأميركا، علاقة قوية مشتركة وإلا ما استمر السلام طوال الـ30 عاما الماضية».

وغادر مولن القاهرة بعد أن التقى مع المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة، نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بالإضافة إلى الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المصري.