العلاقات الأميركية - الألمانية تدخل مرحلة جديدة وتطوي صفحة الخلاف

أوباما يقلد ميركل «وسام الحرية».. ويشدد على الصداقة بينهما

TT

تكللت الزيارة التي قامت بها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الولايات المتحدة، بتقليدها الليلة قبل الماضية، «وسام الحرية»، وهو الوسام الأرفع الذي يمكن أن يمنحه الرئيس الأميركي. ودخلت العلاقات الأميركية–الألمانية مرحلة جديدة مع توثيق علاقة الصداقة والتقارب بين ميركل والرئيس باراك أوباما الذي وصفها بـ«الصديقة». وحرص أوباما وميركل خلال اليومين الماضيين على إظهار انسجام في التفكير حتى وإن كانت هناك اختلافات في بعض الرؤى؛ فمثلا، رفضت ميركل مشاركة بلادها في الحرب ضد ليبيا، إلا أن أوباما دافع عن ذلك القرار قائلا أمام الإعلاميين إن ألمانيا ستلعب دورا مهما في مرحلة ما بعد سقوط العقيد معمر القذافي.

ومثلت زيارة ميركل إلى واشنطن الخطوة الأخيرة في طي صفحة الخلاف الأميركي–الألماني الذي تصاعد بسبب الخلاف حول حرب عام 2003 على العراق. وأشارت ميركل إلى العلاقات المتشنجة بين القادة السابقين؛ الرئيس الأميركي السابق جورج بوش (الابن) والمستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر، قائلة في مؤتمر صحافي مشترك مع أوباما: «شكلنا مختلف عن أسلافنا ولدينا الكثير مما نشترك فيه». وفي حين تعد ميركل المرأة الأولى التي تقود ألمانيا، فإن أوباما هو الرئيس الأميركي الأول من أصول أفريقية، وقد لفت الزعيمان إلى أن اختلافهما عن أسلافهما يجعلهما قادرين على التفكير بشكل مختلف حول التحديات القائمة.

واختار أوباما ميركل لتكون الزعيم الأوروبية الأولى التي يقيم على شرفها عشاء دولة رسميا. وبدلا من أن يخصص كلمته خلال العشاء الليلة قبل الماضية حول العلاقات بين الولايات المتحدة وألمانيا، وهو المعتاد في هذه المناسبات، قرر أن يجعل كلمته عن ميركل نفسها. وقال: «نريد أن نكرم قائدة استثنائية تجسد القيم المشتركة التي تلهم الملايين حول العالم، بمن فيهم أنا، وهي المستشارة ميركل». وشدد أوباما على ما «تجسده» ميركل من إنجازات بعد توحيد الألمانيتين وانتهاء الحرب الباردة بعد أن ترعرعت في ألمانيا الشرقية. وأوضح خلال العشاء: «اليوم نحيي أنجيلا ميركل ليس لأنها حرمت من الحرية، ولا لأنها حصلت على الحرية؛ بل بسبب ما حققته عندما حصلت على حريتها». يذكر أن ميركل هي أول قائدة لألمانيا الموحدة من ألمانيا الشرقية.

وأظهرت ميركل حبها للولايات المتحدة، قائلة: «لقد ترعرعت في ألمانيا ولم تكن حرة، في جمهورية ألمانيا الديمقراطية. ولسنوات كثيرة، حلمت بالحرية مثلما حلم كثيرون، وحلمت أيضا بالحرية للسفر إلى الولايات المتحدة». وأضافت: «أشكرك شخصيا سيدي الرئيس لأنك رجل صاحب اعتقادات قوية. إنك تؤثر على شعبك من خلال الحماس ورؤيتك لمستقبل أفضل لهذا الشعب، ولكن أيضا في ألمانيا». واعتبرت ميركل أن حصولها على «وسام الحرية» يعد «شهادة للشراكة الألمانية–الأميركية الممتازة، ووقف بلدينا من أجل السلام والحرية».

وخلال زيارة ميركل، تبلورت صورة أوضح للتحالف الأميركي–الألماني لدعم مبادئ محددة، وفي شكل أخص الحرية. وقالت ميركل إن «الجميع لديه حق الحرية، إذا كان في شمال أفريقيا أو بيلاروسيا أو ميانمار أو إيران». وشددت على عزمها مواصلة الدور الألماني في أفغانستان ودعم العمليات العسكرية فيها، كأحد أبرز الحلفاء في حلف الناتو. كما أن واشنطن وبرلين أصبحتا تنسقان بشكل أكبر المساعدات الدولية للدول الفقيرة، حيث إنهما من أكبر المانحين في العالم. وما زالت هناك خلافات بين واشنطن وبرلين حول جوانب اقتصادية، حيث تشدد إدارة أوباما على أهمية إنقاذ اليونان من أزمتها الاقتصادية والمخاوف من تأثير تراجع عملة اليورو على الاقتصاد الأميركي. وشدد أوباما وميركل على عزمهما على حل تلك القضايا بالتشاور والعمل عن كثب معا.

وكان هناك تركيز خلال زيارة ميركل على واقع أن جذور نحو ربع الأميركيين تعود إلى ألمانيا، وشدد أوباما على هذه النقطة، للتأكيد على الروابط التاريخية بين البلدين. وتعتبر هذه أيضا خطوة في العمل على كسب تأييد الناخبين الأميركيين من أصول ألمانية لحملته الانتخابية لعام 2012.

وفي حين كان عشاء مساء أول من أمس رسميا وفي البيت الأبيض، كان من اللافت قرار أوباما استضافة ميركل في مطعم فخم في واشنطن على مأدبة عشاء يوم الاثنين الماضي في الليلة الأولى من زيارتها. وفي حدث نادر، توجه أوباما وميركل إلى العشاء بمفردهما للدلالة على العلاقة الحميمة بينهما. وأقامت ميركل خلال زيارتها لواشنطن في دار استضافة ضيوف البيت الأبيض «بلير هاوس» حيث زينت الأعلام الأميركية والألمانية الشارع الذي يفصل بين البيت الأبيض و«بلير هاوس».