أردوغان يحتفظ بـ«عدة الشغل» الوزارية.. وتغييرات في الوزارات الأمنية

180 نائبا يتمردون عليه وحديث عن إسقاط عضويتهم إذا لم يؤدوا اليمين الدستورية قبل منتصف الشهر

TT

رغم فوزه بأكثر من نصف أصوات الناخبين الأتراك في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي، فإن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يواجه تحديات أساسية في ولايته الثالثة على رأس الحكومة التركية. ففي الداخل، يواجه أردوغان «تمرد» نحو 180 نائبا لم يقسموا اليمين الدستورية رغم تلويحه لهم بإجراء انتخابات فرعية لانتخاب غيرهم، فيما لا تبدو في الأفق أي حلول جدية لمطالب الأحزاب الكردية، على وقع تزايد العمليات العسكرية لحزب العمال الكردستاني.

ولم يغير رئيس الوزراء التركي «عدة الشغل» الرئيسية في حكومته الجديدة التي تعقد اليوم أول اجتماعاتها، ويتوقع أن تنجز بيانها الوزاري للمثول أمام البرلمان في 13 يوليو (تموز) الجاري لنيل الثقة، فأبقى في «حكومة المعلمين» كما سماها على طاقمه الذي حقق معه نجاحاته وفي مقدمة هؤلاء وزير الخارجية أحمد داود أوغلو الذي أصبح نائبا ووزيرا هذه المرة، ووزير المواصلات بن علي يلدرم ووزير الطاقة تنار يلدز ووزير الصحة رجب اكداغ الذين حافظوا على مواقعهم في الحكومة الـ61، وأضاف إليهم 6 وزراء حققوا نجاحات على الصعيد الحزبي أو على الصعيد البرلماني كرؤساء للمجموعات من بينهم بكر اوزداغ الذي عين مساعدا للرئيس وساعد كليج الذي عين وزيرا للشباب والرياضة.

كما دخلت الحكومة أربعة وجوه جديدة لم تكن معروفة من قبل كوزير الداخلية إدريس نعيم شاهين ووزير الدفاع عصمت يلماز ووزير التنمية محمد يلماز ووزير البيئة والتخطيط ادوغان بيركتار، فيما استبعد 6 وزراء من الحكومة السابقة أبرزهم جميل شيشك الذي انتخب رئيسا للبرلمان، فيما كان لافتا أن التغييرات طالت الوزارتين الأمنيتين، الدفاع والداخلية، رغم إبقائه على الوزارات السيادية بأيدي الوزراء القدامى فالخارجية بيد أحمد داود أوغلو والاقتصاد بيد ظفر جاغليان والمالية بيد محمد شمشيك. وبتعيينه وزيرا للمواصلات يصبح بن علي يلدرم الوزير الوحيد الذي يترأس وزارة المواصلات في أربع حكومات متتالية إلى جانب أنه صاحب أكبر فترة يمكثها وزير مواصلات في تاريخ تركيا وهي 8 أعوام وشهران. يذكر أن المرأة الوحيدة في الحكومة التركية هي فاطمة شاهين وزيرة العائلة والسياسة الاجتماعية.

وقد أدخل أردوغان «تغييرات حيوية» على الحكومة الجديدة تتمثل في تغيير بعض الوزارات ما بين ضم بعضها لبعض وحذف بعضها الآخر بالإضافة إلى فتح 4 وزارات جديدة. وبعد انتخاب شيشك رئيسا للبرلمان، أصبح الطريق ممهدا أخيرا أمام بولاند آرينج للتقدم أكثر في «السلم الحكومي» فأصبح نائبا لرئيسها وناطقا بلسانه. وآرينج هو من مؤسسي حزب العدالة والتنمية في عام 2001 وقد ترأس البرلمان التركي خلال حكومة أردوغان الأولى عام 2003.

ولا يبدو أن أردوغان قد اختار «الطريق السهل» في التعاطي مع الأزمة البرلمانية التي تواجهه، بعد امتناع نحو 180 نائبا عن تأدية اليمين. وقد أدى اليمين القانونية 379 نائبا من أصل 550 نائبا وهو عدد مقاعد البرلمان التركي، في حين لم يؤد اليمين 134 نائبا عن الحزب الجمهوري - أكبر أحزاب المعارضة - و35 نائبا عن السلام والديمقراطية ونائب واحد معتقل عن الحركة القومية بعد اعتراض الطرفين على عدم إطلاق سراح نواب رشحهم الحزبان وهم في السجون. وقالت مصادر تركية إن آخر موعد لأداء القسم هو 15 يوليو (تموز) الجاري وإلا فستسقط عنهم عضوية البرلمان حسب النظام الداخلي بسبب التغيب عن حضور جلسات البرلمان مما سيستدعي إجراء انتخابات فرعية لملء المقاعد. وقد اعتبرت المعارضة التركية هذه التصريحات تهديدا، مؤكدة أنها لا تبالي وستستمر في موقفها حتى إخراج نوابها من السجون.

وقد رفضت المحكمة الدستورية التركية أمس طلبا من المرشح الفائز خطيب دجلة، أحد أعضاء حزب السلام والديمقراطية الكردي لنقض حكم المحكمة الابتدائية التي حالت دون تسليمه مقعده في البرلمان. وقال بيان للمحكمة إنها ليست مخولة النظر في القضية وبالتالي اختارت أن ترفض هذه المسألة. وقد انتخب دجلة «مستقلا»، لكن المجلس الأعلى للانتخابات كان قد حجب عنه أحقيته بالترشح بسبب «سجله الجنائي». وقد اعتبر مؤتمر التجمع الديمقراطي الكردي بتركيا، أن قرار إلغاء عضوية النائب المستقل خطيب دجلة المنتخب عن مدينة دياربكر في البرلمان التركي من قبل هيئة الانتخابات بمثابة إعلان للحرب، مشيرا إلى أن القرار يأتي على خلفية لقاء دجلة بزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في سجنه بتركيا. لكن المجلس الأعلى للانتخابات كان أعلن أن خطيب دجلة غير مؤهل للانتخاب، بحجة صدور حكم عليه بالسجن 20 شهرا، لإدلائه بتصريحات اعتبرت «دعاية» لحزب العمال الكردستاني وتقع تحت قانون مكافحة الإرهاب. وبرر المجلس الأعلى القرار بتثبيت محكمة الاستئناف الحكم قبل أربعة أيام فقط من موعد الانتخابات، بعد تثبيت لوائح المرشحين للانتخابات.

وقد أدت اليمين النائبة عن حزب العدالة والتنمية اويا ارونات التي دخلت البرلمان التركي بعد إسقاط الهيئة العليا للانتخابات عضوية دجلة تنفيذا لمبدأ انتقال حق العضوية إلى المرشح الذي يلي اسمه بعد اسم المرشح الملغى عضويته لأي سبب كان. وارونات فقدت ابنها الذي يبلغ من العام 17 عاما في انفجار وقع بمدينة بإحدى المدارس في دياربكر عام 2008، اتهمت وسائل الإعلام في حينها عناصر حزب العمال الكردستاني بالوقوف وراءه.

وقد عقد المستقلون الأكراد بعد أن كونوا مجموعة برلمانية باسم حزب السلام والديمقراطية اجتماعا في دياربكر. وقال صلاح الدين دميرطاش رئيس الحزب إن الدستور الذي سيعده العدالة والتنمية بالتعاون مع حزب الحركة القومية «سيكون أسوأ من دستور الانقلاب العسكري عام 1980». وأضاف: «نحن قررنا أن لا نشارك دون زملائنا جلسات البرلمان.. الكرة الآن في ملعب الدولة التي تدعي أنها ستسلك طريق السياسة الديمقراطية في البلاد والآن أردوغان وحزبه يمثلون الدولة.. هم في أنقرة ونحن ننتظر إجراءاتهم في دياربكر فإذا سلكوا طريقا ديمقراطيا فنحن سنذهب إلى أنقرة ونحلف اليمين وعكس هذا لن نفعل شيئا».

وكانت منظمة حزب العمال الكردستاني قد أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم المسلح في بلدة «يوكسك أوفا» بولاية حكاري شرقي الأناضول، والتي أدت إلى مقتل جنديين برتبة نائب عريف. وقالت إنها نفذت هذه العملية ردا على «المظالم» التي يرتكبها النظام القائم في تركيا ضد أهالي بلدة «يوكسك أوفا»، على حد تعبيرها.