المعارضة البحرينية: الحكومة المنتخبة ليست ترفا.. ولن نعود إلى النظام الحالي

مشاركون في الحوار الوطني: الوقت غير مناسب للحديث عن انتخاب الحكومة

حوار التوافق الوطني البحريني يختتم اليوم بانعقاد آخر جلساته («الشرق الأوسط»)
TT

بينما يختتم حوار التوافق الوطني البحريني جلساته اليوم، صعدت المعارضة البحرينية الشيعية، ممثلة في جمعية الوفاق الوطني الإسلامي، من موقفها من الإصلاحات السياسية المرتقبة، وأكدت إصرارها على التمسك بالحكومة المنتخبة وعدم العودة إلى النظام الحالي في تشكيل الحكومة.

وأكد خليل مرزوق رئيس فريق «الوفاق» في حوار التوافق الوطني خلال مؤتمر صحافي عقد في العاصمة المنامة أمس، تمسك جمعيته بالحكومة المنتخبة، على الرغم من رفض الأغلبية المشاركة في حوار التوافق لمثل المطلب، لحفظ التوازن بين كل الطوائف وتهيئة الأجواء الصحية لحكومة منتخبة.

وقال مرزوق: «الحكومة المنتخبة ليست ترفا، بل هي ضرورة ملحة، ولا يمكن الرجوع إلى النمط السابق لإدارة البلد (الحكومة الحالية)».

وفي إشارة واضحة إلى موقف «الوفاق» من مطالبة الغالبية من مكونات الشعب البحريني في الحوار الوطني على أهمية التمسك بما جاء في الميثاق الوطني الذي يتضمن أن تعيين رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة من صلاحيات الملك، رد مرزوق قائلا: «من لا يريد حكومة منتخبة ليس من حقه أن يقول للآخرين لا نريد حكومة منتخبة. وعليه (المعارضون للحكومة المنتخبة) وقت تشكيل الحكومة أن يتنازل عن حصته في هذا التشكيل»، مضيفا أن الحديث عن أن حضور منتدى الحوار غالبيتهم لا يريدون حكومة منتخبة، قائلا: «الحاضرون لا يشكلون الإرادة الشعبية أصلا».

وأضاف: «ما زلنا نسعى لتصحيح آليات الحوار، وتم اقتراح لجنة مصغرة للشأن السياسي، ومن الدقائق الأولى لها لم يتوصلوا لآلية عمل».

لكن فؤاد أحمد الحاجي عضو مجلس الشورى قال لـ«الشرق الأوسط» إنه من السابق لأوانه الحديث عن حكومة منتخبة، «في ظل التأجيج الطائفي الذي لا يخدم المسيرة الإصلاحية التي يقودها الملك حمد بن عيسى آل خليفة، إضافة إلى أن البحرين جزء مهم من المنظومة الخليجية، ومن المهم جدا الحفاظ على الاستقرار، والتمسك بميثاق العمل الوطني الذي يقضي بأن تعيين الحكومة حق للملك».

وأضاف: «إننا في هذه المرحلة الهامة من مسيرتنا الديمقراطية نحتاج إلى أن تتجذر هذه المسيرة ويتعمق مفهوم الديمقراطية في البحرين وفق ظروفنا»، مشيرا إلى أن «أي أطروحات في هذا الصدد يجب أن تتوافق مع ظروف البحرين وخصوصيتها ومحيطها الإقليمي والداخلي».

وأوضح الحاجي أن الوضع الداخلي في البحرين لا يسمح بهذه الأطروحات بسبب التكوينة الطائفية في البلاد والتوجس، قبل توفير مناخ الثقة بين جميع مكونات الشعب.

وحول ما طرح حول نظام المجلسين في الجلسة السابقة قال إن مجلس الشورى بالأساس لا يملك صلاحيات واسعة في التشريع وإن الرقابة السياسية وأدواتها ليست متوفرة في مجلس الشورى، ومحصورة في آلية السؤال فقط، بينما الاستجواب وطرح الثقة وغيرها من الآليات الرقابية كلها من اختصاصات مجلس النواب المنتخب مباشرة من الشعب.

وأضاف الحاجي أن مجلس الشورى يكتسب البعد الشعبي وليس بعيدا عن الإرادة الشعبية.

وكانت جلسة المحور السياسي في الجلسة الثالثة لحوار التوافق الوطني الذي ضمت كل مكونات الشعب البحريني قد توجهت فيها آراء الأغلبية حول تشكيل الحكومة على أن الوقت غير مناسب في البحرين للحديث عن حكومة منتخبة، في ظل التبعات التي خلفتها أحداث فبراير (شباط). وتمسك الغالبية بحق الملك بتعيين الحكومة وفقا لميثاق العمل الوطني الذي توافق عليه الشعب، على اعتبار أن الميثاق هو عقد اجتماعي بين الشعب والملك، خصوصا وأن نظام الحكومة المنتخبة سيوجد حكومة تمثل جزءا من مكونات المجتمع البحريني، وليس المجتمع بأكمله، على أن يمنح مجلس النواب صلاحيات أوسع تدفع المسيرة الإصلاحية إلى الإمام.

وأكد آخرون ضرورة أن يقدم مجلس الوزراء برنامجه مفصلا لمجلس النواب، ليتم طرح أو تأكيد الثقة فيه، بينما طالب آخرون بوضع آلية واضحة لتعيين واختيار الوزراء، تتضمن الأخذ بعين الاعتبار الكفاءة الأكاديمية، والخبرة، والتخصص، إلى جانب السمعة الطيبة والنزاهة.

ومن المقرر أن يواصل المشاركون في الجلسة في جزئها الثاني حوارهم حول هذا الموضوع، الذي يتناول بشكل رئيسي موضوع الحكومة من حيث ضوابط وضمانات تمثيل إرادة الشعب في الحكومة، والخيارات المتاحة لتحقيق إرادة الشعب، وعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية.

وفي ما يتعلق بالمحور الاجتماعي دعت سهام الشيخ عضو جمعية الحوار الوطني إلى أهمية وجود قوانين لتنظيم دور العبادة وإيكال هذا الأمر إلى جهة رسمية تتولى التصريح لبناء دور العبادة بعد تطبيق الشروط والمعايير والتأكد من حاجة المنطقة إلى وجود المزيد من دور العبادة.

وقالت الشيخ لـ«الشرق الأوسط» إن جلسة النقاش حظيت بتوافق كبير من المشاركين، وطالبت بتفعيل القوانين ودور المؤسسات غير الحكومية والشخصيات العامة في الحفاظ على السلم الأهلي، كما دعت إلى تنمية الثقافة الذاتية لدى الفرد والمجتمع واحترام سيادة القانون وعدم الاستثناءات التي تفقد القانون هيبته، مشددة على ضرورة احترام الشعائر الدينية وتوفير القدسية لها واحترام مختلف الديانات والمذاهب، واقتصار المواكب الدينية على المآتم والمساجد دون الخروج إلى الشوارع وإرباك الحركة المرورية والتسبب في مضايقة وإزعاج الآخرين.

وفي الجانب الحقوقي دعا المشاركون في الجلسة الثالثة إلى ضرورة إنشاء مجلس أعلى للصحافة ليكون ضامنا لتحقيق التوازن بين حرية الرأي والمسؤولية المهنية، ويكون كيانا جامعا لكل الصحافيين يعمل على تدريبهم وتنظيم عملهم لتعزيز المهنية الصحافية، مشددين على أهمية محاسبة من يثير النعرات الطائفية، والتشديد على المسؤولية المهنية، وتحمل الأمانة الصحافية من خلال الضوابط والالتزام بالقانون، بينما شدد عدد آخر من المشاركين في الجلسة على التأكيد بعدم سجن أي صحافي أو فصله من عمله بسبب آرائه الفكرية والسياسية مع مراعاة عدم إغلاق أي صحيفة محلية إلا بحكم قضائي.

أما في ما يخص تنظيم الإعلام الإلكتروني فقد طالب المشاركون بإعادة فتح المواقع الإلكترونية المغلقة، والتأكيد على أهمية فصل النشر الإلكتروني عن قانون المطبوعات والنشر، ومراعاة الالتزام بمبادئ حرية الرأي والتعبير، مع ضرورة مراعاة وجود رقابة دون المنع في تنظيم النشر، مؤكدين على أن فتح مواقع شبكة الإنترنت لا يعني بالضرورة عدم الرقابة على محتوياتها.

وفي ما يخص قانون التجمعات والمسيرات فقد أكد عدد من المشاركين على أهمية سن قانون جديد للمسيرات والتجمعات، بحيث يكون أي تجمع أو مسيرة خارج نطاق العاصمة، بحيث لا يقام في الشوارع الرئيسية حتى لا يعيق حركة السير أو يشل حركة الأفراد مع ضرورة منع مشاركة الأطفال من هذه المسيرات، والالتزام برفع أعلام المملكة فقط.

وفي المحور الاقتصادي برزت المطالبة بتأسيس هيئة مستقلة لمكافحة الفساد، وعلقت على العامل الاقتصادي ودوره الهام في قياس قوة أي دولة، والمحافظة على أملاك الدولة باعتبارها جزءا من محاربة الفساد. واقترح مشاركون التوسع في مأسسة الأصول، بحيث تنقل أصول الدولة إلى شركات قابضة يتم إنشاؤها لهذا الغرض، تعمل على تطبيق المعايير الدولية وينضم إلى عضوية مجلس إدارتها أشخاص ذوو كفاءة من دون موظفي الدولة. وكذلك الحاجة إلى وجود رقابة حقيقية على الأجهزة الحكومية، بهدف مضاعفة الإنتاجية وزيادة الكفاءة إلى جانب تطوير الابتكار، مشيرين إلى أن حوكمة المال العام تهدف إلى حمايته من جانب، وخدمة المجتمع من جانب آخر، وأحقية المواطن في معرفة تفاصيل الميزانية ومناقشة ما يتم التصرف به من المال العام وانتقاده، بما في ذلك حماية الثروة البيئية والحفاظ عليها باعتبارها جزءا من أملاك الدولة. وإلحاق ديوان الرقابة المالية والإدارية بتبعية ديوان مجلس النواب، وتشكيل هيئة وطنية تمثل إرادة الشعب وتكون هناك مساءلة عن محاسبة سوء استغلال المال العام، وتوجيه ميزانية الدولة لخدمة المواطن والتنمية الاجتماعية.

وتختتم اليوم الجلسات الرئيسية المجدولة لحوار التوافق الوطني، حيث يتطلع المشاركون إلى الوصول إلى تقريب وجهات النظر للخروج بمرئيات وقواسم مشتركة تساهم في دفع عجلة الإصلاح نحو مزيد من التطور في مختلف المجالات، وسيكون المحور الانتخابي على طاولة النقاش في جلسة اليوم ضمن المحور السياسي، وذلك في ما يتعلق بالدوائر الانتخابية وآلية توزيعها على مختلف محافظات البحرين، إضافة إلى موضوع التجنيس. أما في المحور الاقتصادي فسيتطرق المتحاورون إلى موضوع إعادة توجيه الدعم ومساهمة المجتمع في التنمية، وسيتمحور النقاش حول أهمية التقليل من العجز في الموازنة، وتحديد الفئات المستهدفة بالإضافة إلى عوائد توجيه الدعم الحكومي والعدالة الاجتماعية.

وفي المحور الحقوقي سيناقش المتحاورون موضوع حقوق الإنسان وما يندرج تحته من مرئيات فرعية تعنى بتوفيق القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية في ما يتعلق بحقوق الإنسان ومنظماتها والمدافعين عنها، بالإضافة إلى المنظمات الدولية وتطبيقات مبادئ حقوق الإنسان. وفي المحور الاجتماعي ستشهد جلسات الغد الجولة الثانية للمحور الفرعي المعني بالشباب، وسيتطرق إلى أداء المؤسسات الرسمية المعنية بالشباب، وواقع وتحديات الجمعيات الشبابية، بالإضافة إلى واقع وتحديات المراكز الشبابية، والتمكين الاقتصادي للشباب، ومن ثم إقرار المرئيات المتوافق عليها وبحث المرئيات التي لم يتم التوافق عليها، من أجل تقريب وجهات النظر، والبحث عن قواسم مشتركة للتوصل إلى التوافق المطلوب.