واشنطن تسعى لإقناع أوروبا بدعم موقفها الرافض لإعلان الدولة الفلسطينية

الرباعية الدولية تجتمع في واشنطن لدعم الموقف الأميركي من مفاوضات السلام

فلسطينيون وأجانب يتظاهرون ضد الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات بالقرب من مدينة قلقيلية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

بعد فشلها في إقناع الفلسطينيين والإسرائيليين باستئناف المفاوضات بينهما وبرعايتها خلال العامين الماضيين، لجأت الولايات المتحدة إلى الرباعية الدولية لدعم موقفها ووضع أسس لهذه المفاوضات. واجتمع ممثلو الرباعية الدولية، التي تضم كلا من الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، أمس، في واشنطن، بينما كان من المرتقب أن يصدر بيان في وقت متأخر من مساء أمس، من الرباعية، يدعو الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الحوار وإلى دعم السلام على أساس حل الدولتين.

جاء اجتماع أمس، الذي ترأسته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، بينما تسعى واشنطن إلى وقف الجهود الفلسطينية لتقديم طلب للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول)، لقبول عضويتها والعمل على إعلان دولة فلسطينية.

وبينما أعلنت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما موقفها الرافض لهذا المسعى، كان من المرتقب أن تحث كلينتون، خلال مأدبة عشاء في مقر وزارة الخارجية الأميركية مساء أمس، ممثلي الرباعية على اتخاذ موقف مماثل. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: إن الهدف من اجتماع الرباعية هو «إعادة الطرفين إلى طاولة الحوار». لكنه لم يستبعد أن يتم طرح موضوع عضوية فلسطين لدى الأمم المتحدة خلال الاجتماع، قائلا: «لقد أوضحنا موقفنا من ذلك مرات عدة، وستؤكد الوزيرة كلينتون ذلك خلال الاجتماع».

وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند: إن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ووزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، سيجتمعون مع كلينتون كي «يقارنوا ملاحظاتهم حول الوضع الحالي، وسيفكرون في كيفية المضي قدما» في عملية السلام المجمدة حاليا.

ويحضر ممثل الرباعية، توني بلير، والمبعوث الأميركي الخاص المؤقت للسلام في الشرق الأوسط، ديفيد هيل، الاجتماع أيضا. وقد أرجأت الولايات المتحدة، مرارا، هذا الاجتماع، بحجة أن ظروف نجاحه غير مضمونة. وقال المسؤول الأميركي: «منذ زمن لم يُعقد اجتماع مثل هذا، وكان من الضروري عقده».

وقد توقفت مفاوضات السلام في سبتمبر 2010، بُعيد استئنافها، إثر رفض إسرائيل تمديد العمل بقرار تجميد الاستيطان، جزئيا، في الضفة الغربية المحتلة. وقد رفضت إسرائيل وقف النشاط الاستيطاني أو الموافقة على إعلان أوباما السعي لإقامة دولتين بناء على حدود 1967، كما أوضح في خطابه في 19 مايو (أيار) الماضي. ويطالب الفلسطينيون باعتراف إسرائيلي بهذه الحدود، لكي تصبح أي مفاوضات جدية وذات مصداقية بالفعل. وينوي الفلسطينيون اللجوء إلى الأمم المتحدة لتقديم طلب للاعتراف بدولة فلسطينية بحدود 1967، خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.

يُذكر أن اجتماع الرباعية يسبق اجتماع لجنة التنسيق العربية يوم 16 يوليو (تموز) الحالي، لتأكيد قرار اللجوء إلى الجمعية العامة بعد فشل جهود المفاوضات التي دعمتها الجامعة العربية. وقت أعلنت واشنطن عزمها استخدام حق النقض (الفيتو) في حال توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة، مما سيفشل هذا التحرك، لكن ذلك سيفرض على المجتمع الدولي اتخاذ مواقف قد تترك الولايات المتحدة وإسرائيل منعزلتين.

من جانبه، عبر لافروف عن أمله في أن يؤدي الاجتماع إلى تحديد معايير الحل، بينما قالت أشتون إنها تأمل في إعلان يساعد الإسرائيليين والفلسطينيين في ردم الهوة في مواقفهم. ويجمع أعضاء الرباعية على دعم موقف الرئيس الأميركي، الذي دعا في 19 مايو الماضي، الأفرقاء كافة، إلى السعي لإقامة دولتين على أساس خطوط عام 1967 مع تبادل للأراضي يرضى عنه الجانبان. غير أن إسرائيل نبهت مرارا إلى أنها لن تفاوض على أساس حدود 67، التي وصفتها بأنها «لا يمكن الدفاع عنها»، مؤكدة أنها لن توقع على أي اتفاق سلام لا يلحظ اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل «دولة قومية للشعب اليهودي».

وتسعى واشنطن إلى الحصول على دعم الاتحاد الأوروبي في موقفها الرافض لإعلان دولة فلسطين. والتقت كلينتون، أمس، لهذا الغرض، أشتون، على انفراد. وقد أعلن بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن، مثل فرنسا، أنها قد تعترف بدولة فلسطينية مستقلة إذا لم يتم استئناف مفاوضات السلام بحلول سبتمبر. لكن دولا أخرى، بينها ألمانيا وهولندا، تعارض أي خطوات أحادية الجانب، وتوافق على الموقف الإسرائيلي القائل إن أي تقدم يجب أن يتم عبر المفاوضات.

وقالت نولاند: «نحن نواجه قلقا بخصوص سبتمبر»، أي: اجتماع الجمعية العامة، مضيفة: «بالتالي من المنطقي، قبل بدء العطل الصيفية، أن يجتمع أعضاء اللجنة الرباعية ويناقشوا الدبلوماسية التي كنا نخوضها مع الأطراف، لمعرفة ما يمكننا القيام به، للعمل معا في محاولة لإعادتهم مجددا إلى طاولة المفاوضات».

وفي مواجهة هذه المراوحة، ستسعى فرنسا إلى الإبقاء على أمل بإحراز تقدم خلال الصيف، من خلال اقتراحها عقد اجتماع بباريس في سبتمبر، قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.