هل تعد إسرائيل ردا على قرار الرباعية واستحقاقات سبتمبر المقبل؟

الجيش الإسرائيلي يعيد تفعيل «قوات التدخل السريع» لمواجهة انفجار محتمل في الضفة

TT

في الوقت الذي كان فيه وزراء الرباعية الدولية منهمكين في البحث عن صيغة تتيح استئناف المفاوضات حول التسوية الدائمة للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، كانت قيادة الجيش الإسرائيلي تقرر خطة عسكرية لمواجهة «خطر تدهور أمني شامل في الضفة الغربية». وقررت، في إطار هذه الخطة، إعادة إحياء ما يسمى قوات التدخل السريع، المتخصصة في مواجهة عمليات فلسطينية مسلحة وقمع «عمليات احتجاج عنيفة».

كانت إسرائيل قد فعَّلت هذه القوات في فترة الانتفاضة الثانية (2000 - 2004)؛ حيث كانت ترسلها إلى مواقع الأحداث بسرعة «لمعالجتها». وتتألف هذه القوات من مقاتلين محترفين تم تجنيدهم من الوحدات القتالية المختارة، وهم متخصصون في المجالات الحيوية كلها، بما في ذلك الانتقال إلى صفوف العدو بشكل خفي، وتخليص الجرحى، وتقديم الإسعاف الأولي لهم، وإدارة القتل وغيرها. وهم قادرون أيضا على التحرك السريع، ولديهم آليات وأجهزة تتيح لهم الوصول بالسرعة القصوى إلى الأماكن الصعبة. وهم يؤدون مهماتهم إلى حين تصل القوات النظامية للجيش، ومن ثم يصبحون عاملا مساعدا ثانويا عندما تصل تلك القوات.

ويبلغ عدد أفراد كل وحدة صف نحو العشرين، وهناك 100 وحدة صف كهذه ستنشر في مختلف أنحاء الضفة الغربية، بعد أسبوعين لتبدأ تدريبات خاصة. وبدا واضحا أن هذه القوات مخصصة لمواجهة ما تتوقعه إسرائيل من أحداث في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. فهي تقدر أن منظمة التحرير الفلسطينية ستطرح مشروعها لقبول فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة، خلال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة. وتتوقع أن تنزل الجماهير الفلسطينية إلى الشوارع، في حال فشلت هذه الخطوة أو نجحت، وأن تتوجه هذه الجماهير غاضبة أو محتفلة باتجاه الحواجز الإسرائيلية العسكرية الاحتلالية.

كان مسؤولون أمنيون في إسرائيل قد حذروا من تدهور أمني واسع في الضفة الغربية، وكذلك على الحدود مع سوريا ولبنان وقطاع غزة، بسبب البحث في الأمم المتحدة. لذلك فإن إعادة تفعيل قوات الرد السريع يأتي في إطار التهديدات الإسرائيلية للفلسطينيين بأن أي انفجارات شعبية متوقعة ستواجه بالقمع.

اللافت للنظر أن هذا «النشاط» الإسرائيلي الاحتلالي يظهر بالضبط في الوقت الذي يجتمع فيه وزراء خارجية الرباعية الدولية في واشنطن، أمس، الذي من المفترض أن يخرج بصيغة تعتمد على مبادئ خطاب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في 19 مايو (أيار) الماضي.

يُذكر أن 3 اجتماعات، بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، و7 وزراء كبار آخرين، عُقدت في الأيام الخمسة الأخيرة، وخصصت لمناقشة بيان الرباعية المرتقب. وقال مصدر سياسي: إن هناك مخاوف لدى رئيس الحكومة وباقي الوزراء من أن يفاجئ بيان الرباعية إسرائيل بشكل مماثل لما حصل مع خطاب أوباما، الذي أبلغت إسرائيل بمضمونه قبل 24 ساعة فقط من إلقائه. وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن الرباعية تنوي ممارسة ضغوط شديدة على إسرائيل كي توافق على استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس حدود 1967، وهو الأمر الذي ترفضه حكومة نتنياهو حاليا. وقد استندوا في هذا التقدير إلى تصريحات وزيرة الخارجية الأوروبية، كاثرين أشتون، بضرورة وضع خطة سلام تشكل بديلا للمسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، ومن الممكن أن تقنع الفلسطينيين بالتراجع عنه. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر إسرائيلية مطلعة على الاتصالات بين الإدارة الأميركية ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أمس، أن الأخير أبدى بعض المرونة في مواقفه بشأن تبني أسس خطاب أوباما، وقد أبلغ الولايات المتحدة أنه على استعداد للموافقة على مبدأ إجراء المفاوضات على أساس حدود 67 مع تبادل مناطق، مقابل أن تصادق إدارة أوباما مرة أخرى على رسالة الضمانات التي قدمها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق آرييل شارون سنة 2004 وفيها أعرب عن موافقته على إبقاء الكتل الاستيطانية تحت السيادة الإسرائيلية، وأن تكون عودة الفلسطينيين إلى الدولة الفلسطينية التي ستقام وليس إلى الديار التي هجروا منها في إسرائيل.

وقد وصفت مصادر إسرائيلية موقف نتنياهو بأنه «تكتيكي» يهدف إلى محاولة نقل الضغط الدولي إلى الجانب الفلسطيني وإلزام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على قبول خطاب أوباما الذي شدد على كون «إسرائيل دولة يهودية».