تركيا تطلب من طهران وقف دعمها «اللوجستي» في قمع الاحتجاجات السورية وتستضيف «جزءا» من مؤتمر «الإنقاذ السوري» السبت

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: كل يوم يمضي من دون إصلاحات يفقد الأسد حظوظه في الفوز بانتخابات حرة

أحمد داود أوغلو (رويترز)
TT

تعود الأزمة السورية شيئا فشيئا إلى واجهة الاهتمامات التركية، بعد انحسار أزمة النواب المقاطعين في البرلمان، وارتفاع سخونة الملف الليبي في داخل اسطنبول التي تستضيف اجتماعا تشاوريا دوليا حولها تشارك فيه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ولا تغيب عنه سوريا التي سيكون ملفها رئيسيا على طاولة البحث بين كلينتون والمسؤولين الأتراك كما أكدت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط».

ورغم غياب التصريحات التركية بشكل شبه كامل، في ما يتعلق بالوضع السوري خلال الأيام الأخيرة، فإن هذا لا يعني أن سوريا غائبة عن بال تركيا أو أن ثمة صفقة بينها وبين النظام، كما تؤكد المصادر التركية، موضحة أن الملف السوري كان حاضرا في كل اللقاءات الخارجية التي أجراها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في المنطقة وآخرها في طهران. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن داود أوغلوا طلب من طهران «وقف دعمها اللوجستي للنظام السوري في قمع الاحتجاجات». مشيرة إلى أن الجواب الإيراني أتى بالنفي وبتأكيد «عدم وجود تأثير لطهران في ما يتعلق بالملف السوري الداخلي».

وكشفت المصادر التركية أن داود أوغلو سوف يختتم جولته في سوريا اليوم أو غدا، مشيرة إلى أن زيارته إلى سوريا سوف تكون «مفصلية» في تحديد حجم التعاون التركي مع النظام السوري. وأشارت مصادر تركية رسمية إلى أن زعيم الدبلوماسية التركية سوف ينقل رسالة حازمة للقيادة السورية تتضمن «نصيحة بعدم الاستمرار في سياسة تقديم التنازلات المتأخرة»، مشيرة إلى أن ما قدمه الأسد كان ليكون ممتازا لو حصل قبل الاضطرابات أو في بداياتها، لكنه يتأخر دائما في التطبيق. وتقول المصادر إن الاتصال مقطوع في قمة الهرمين التركي والسوري، منذ نحو شهر تقريبا، والسبب يعود إلى أن الأسد وعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كل مكالمة أجرياها بالقيام بخطوات معينة، لكنه إما تأخر فيها كثير ففقدت تأثيرها، أو قام بها منقوصة على طريقة العفو العام الذي لم يخرج إلا نحو 20 معارضا من السجن.

وأشارت المصادر إلى أن «تركيا بدأت تلاحظ أن الأسد ربما لا يكون صاحب القرار الوحيد في هذا الشأن، وأن ثمة أفرادا من العائلة، يمتلكون التأثير الكبير في هذا الموضوع». وتختم المصادر بالإشارة إلى أن أنقرة لا تريد أن تصل إلى نقطة تفقد فيها الأمل في قدرة الأسد على قيادة التغيير الحتمي في سوريا. معتبرة أن من لا يرى حتمية هذا التغيير يكون مخطئا إلى حد كبير. وأوضحت أن أنقرة كانت من بداية الأزمة مقتنعة بأن الرئيس الأسد يمكن أن يفوز بسهولة في أي انتخابات ديمقراطية يجريها، لكنها ترى أن فرصه تقل مع كل يوم يمضي لا يتوقف فيه القمع وإسالة الدماء.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة مرمرة برهان كورأوغلو إن تركيا لم تقطع العلاقات يوما مع سوريا نظرا لأهميتها الاستراتيجية بالنسبة إلى تركيا التي انفتحت من خلال سوريا على العالم العربي. مؤكدا أن آخر ما تريده أنقرة هو الإساءة إلى علاقاتها مع دمشق، قائلا: «ربما النظام ليس مرغوبا، لكن تركيا لا تنظر إلى سوريا من خلال النظام فقط». ورأى كورأوغلو أن تركيا تحض المجتمع الدولي على التروي في ما يتعلق بالملف السوري لأن الأمور تحتاج إلى الصبر، مشيرا إلى أن «تجربة ليبيا أكبر دليل على ما قد يؤدي إليه الاستعجال في التدخل».

ورأى كورأوغلو أنه «إذا استمر القتل (في سوريا) فإن تركيا قد تقوم بإنشاء منطقة آمنة داخل الأراضي السورية لحماية المدنيين بعمق 30 كيلومترا».

وأوضح كورأوغلو أن المسؤولين الأتراك كانوا يحاولون إقناع الأسد منذ 4 سنوات بالقيام بإصلاحات اقتناعا منهم بأن الديمقراطية تفتح المجال أمام تطور المنطقة وتقدمها وهو ما يفيد الطرفين.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المعارضة السورية تحضر لمؤتمر لها سيعقد في إسطنبول وفي دمشق في الوقت نفسه تحت عنوان «مؤتمر الإنقاذ الوطني» على أن يتم التواصل بين الطرفين عبر الإنترنت ووسائل الاتصال المتاحة. وقالت المصادر إن من يستطيع من المعارضين السوريين المشاركة في الداخل سيتواصلون مع معارضين آخرين لا يمكنهم الدخول إلى سوريا وهم في غالبيتهم من العلمانيين والمتدينين، في غياب «الإخوان المسلمين». وقد وصل المعارض السوري البارز هيثم المالح إلى اسطنبول أمس قادما من سوريا التي سمحت له بالسفر بعد طلب تركي غير رسمي.