الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: الحكومة السورية سيحكم على أعمالها لا كلماتها

استمرار المظاهرات احتجاجا على اجتماعات الحوار الوطني

د. محمد حبش المفكر السوري يتوسط المنصة الرئيسية في مؤتمر الحوار أمس (أ.ب)
TT

قال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الأميركية تراقب ما بعد الحوار الوطني الذي عقد في دمشق أول من أمس، وإنها تتوقع «خطوات إيجابية وصادقة» من جانب حكومة سوريا بعد الحوار. وقال إن الحوار يسجل «مرحلة جديدة»، ويجب أن يكون بداية فترة انتقالية لتحقيق طموحات الشعب السوري، وإن الحكومة السورية سوف يحكم عليها بأعمالها الفعالة، لا بكلماتها. وأشار المسؤول إلى كلمة فاروق الشرع، نائب الرئيس بشار الأسد، في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني. وقال إن الشرع اعترف بأن الحكومة لم تفهم معاني الصحوة العربية، وأن الشرع وعد بأن الحوار سوف يقود إلى دولة ديمقراطية تعددية.

ولاحظ المسؤول أن المؤتمر لم يشمل قادة معارضة حقيقيين. لكن، تحدث عدد من المشتركين عن رفع الإجراءات الأمنية المتشددة، وإطلاق سراح السجناء السياسيين.

وكان مسؤول في الخارجية الأميركية علق أول من أمس على ما سماها مظاهرات نظمتها الحكومة السورية أمام السفارة الأميركية في دمشق. وقال إن المتظاهرين بقوا أمام السفارة يوما ونصف اليوم، وطالبوا برحيل السفير الأميركي، روبرت فورد، وإنهم رموا حبات من الطماطم، وكذلك رموا بيضا وحجارة وزجاجا على مبنى السفارة، وإن مسؤول الأمن في السفارة اتصل بالمسؤولين عن الأمن في دمشق الذين أرسلوا حراسة إضافية للسفارة، وإن المظاهرة انتهت ليلة أول من أمس.

وقال المسؤول إن السفير الأميركي في دمشق، روبرت فورد، سجل استنكاره خلال اجتماع مع وليد المعلم، وزير الخارجية. وطلب منه وقف المظاهرات، وألا تكون زيارة السفير إلى حماه عذرا لمثل هذه المظاهرات، وأن زيارة حماه كانت فقط لجمع معلومات بسبب حجر الحكومة السورية للمعلومات عن مظاهرات المعارضين، وعن الإجراءات العنيفة من جانب الحكومة ضدهم.

وقال المسؤول إن السفير الأميركي أشار إلى ميثاق جنيف لحماية الدبلوماسيين في الدول التي يعملون فيها، وقال للمعلم إن هذه الحماية تقع على مسؤولية الدولة المضيفة.

وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، رفضت في الأسبوع الماضي انتقادات حكومة سوريا للسفير الأميركي لزيارته لحماه مع مظاهرات يوم الجمعة هناك. وقالت: «بصراحة، نحن أصبنا بخيبة أمل بسبب ردود فعل الحكومة السورية، لأن سفارتنا في دمشق كانت أبلغت مقدما الحكومة السورية، عن طريق وزارة الدفاع، بخطتنا للذهاب إلى حماه. وأيضا، كان على السفير أن يمر عبر حاجز عسكري للحكومة السورية، وسمح لهم بالمرور». وأضافت: «لهذا، ليس هناك أي معنى للقول إن هذا كان مفاجئا للحكومة السورية، أو يشكل انتهاكا لإرادتها». وقالت: «ما نود أن نقوله مرة أخرى إلى الحكومة السورية، بصراحة، أنها حقا في حاجة إلى تركيز اهتمامها على ما يقول مواطنوها، بدلا من تضييع وقتها في نقد السفير فورد».

وفي شرح لما حدث، قالت نولاند إن السفير قضى ليلة الخميس في حماه، وصباح يوم الجمعة، عندما وصلت سيارته إلى قلب المدينة، «أحيطت بالسيارة في الحال مظاهرات ودية وضعت زهورا على الزجاج الأمامي، ووضعت أغصان الزيتون على السيارة، وكانوا يرددون (يسقط النظام)، وكان مشهدا رائعا»، وإن السفير، في تلك اللحظة، كان أمامه خياران: أولا، إذا خرج من السيارة، فسيصبح «القصة». ثانيا، عدم البقاء بعد منتصف النهار لأن هدفه «إظهار الدعم للسوريين ولحقوقهم الديمقراطية». ولهذا، «قرر ألا يبقى بعد الواحدة والنصف، وترك المكان والصلاة لا تزال مستمرة، وقبل بداية المظاهرات، وعاد إلى دمشق».

إلى ذلك ذكرت منظمة غير حكومية سورية أمس أن مظاهرات جرت مساء أول من أمس في مدن سورية عدة احتجاجا على اجتماع الحوار الوطني الذي بدأ في اليوم نفسه بدمشق بهدف التصدي للأزمة التي تهز البلاد منذ نحو أربعة أشهر. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن نحو خمسة آلاف شخص تظاهروا ضد هذا الاجتماع في دير الزور، مشيرا أيضا إلى تجمعات في ثلاثة أحياء من العاصمة دمشق. ويطالب المتظاهرون بسقوط النظام وبإجراء انتخابات حرة ويرفضون أي حوار مع السلطات السورية. ويطالب المعارضون الذين قاطعوا الاجتماع، قبل أي حوار، بوقف قمع حركة الاحتجاج والإفراج عن المعتقلين.

من جهة أخرى، واصل الجيش السوري أمس عمليته الأمنية في منطقة جبل الزاوية بمحافظة إدلب (شمال غرب). وقال المرصد إن «الجيش قام مدعوما بالدبابات بعمليات مداهمة في قرى كفر حيا وسرجة والرامي وقام باعتقالات في كفر نبل». وجرت عمليات اعتقال في ضواحي حماة (210 كلم إلى شمال دمشق)، وكذلك في مدينة بانياس الساحلية حيث تم توقيف خمسة أشخاص بتهمة التقاط صور للمظاهرات، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. إلى ذلك، سمع إطلاق نار حتى الساعات الأولى من فجر الاثنين في حمص (وسط).

وفي دمشق، عقد اجتماع للحوار الوطني مساء الاثنين شارك فيه بين 150 و200 شخص من أعضاء حزب البعث الحاكم منذ 1963 ومستقلين وممثلين عن المجتمع المدني. وأوضح نائب الرئيس السوري فاروق الشرع أن الهدف منه الإعداد لمؤتمر وطني شامل. وقال الشرع: «هذه بداية حوار وطني نأمل أن يفضي إلى مؤتمر شامل يمكن منه الانتقال بسوريا إلى دولة تعددية ديمقراطية يحظى فيها جميع المواطنين بالمساواة ويشاركون في صياغة مستقبل بلدهم».