الأحساء تنتج 60 ألف طن من التمور.. وتخوف من موسم محبط للفلاحين

توحيد الأسواق قتل التنافس في الأسعار

تمور الخلاص يمثل 30 في المائة من إنتاج الاحساء البالغ نحو 60 ألف طن سنوياً («الشرق الأوسط»)
TT

بدأ موسم صرام النخيل في محافظة الأحساء منذ نحو شهر تقريبا، ويستمر موسم الرطب نحو 4 أشهر، وتمثل النخيل التي يؤكل جنيها رطبا نحو 10% من نخيل المحافظة البالغ عددها نحو 3 ملايين نخلة، فيما ينتج باقي النخيل أنواعا متعددة من التمور التي اشتهرت بها المحافظة والتي يأتي في مقدمتها تمور الخلاص التي تمثل ما نسبته 30% من إنتاج المحافظة من التمور والبالغ نحو 60 ألف طن من التمور سنويا.

التخوف من أن يكون موسم جني النخيل في الأحساء محبطا لكثير من الفلاحين لسببين الأول نتيجة طرح تمور مخزنة لإتخام السوق والضغط على الأسعار بشكل أكبر والسبب الثاني دخول كميات من التمور من الدول المجاورة تحت مسمى أعلاف للحيوانات أو غير صالحة للاستهلاك الآدمي رغم أنها ليست كذلك ولكن للتحايل على شرط التصنيع الذي يفرض على التمور التي تدخل للاستهلاك الآدمي، مما يتخم السوق ويقلل من الإقبال على الإنتاج الجديد للمزارع.

ولدعم دور المحافظة في مجال إنتاج التمور تعكف أمانة المحافظة على إنشاء مدينة الملك عبد الله للتمور التي ستضم مخازن معارض للتمور كما ستساهم في تسويق التمور الأحسائية والمحافظة عليها كإنتاج يميز منطقة الأحساء، والمدينة أنهت أمانة المحافظة التصاميم الأولية لها وينتظر أن يبدأ تنفيذها خلال الفترة المقبلة.

يقول المهندس عبد الله الشايب رئيس مركز النخلة بمحافظة الأحساء، إن إنتاج المحافظة من التمور في حالة نمو سنوية ولكن يختلف معدل النمو من عام إلى آخر، مضيفا أن كثيرا من أصحاب المزارع في المحافظة يعمون على التوسع في إنتاج الخلاص الذي اشتهرت به المحافظة لذلك تستبدل كثيرا من النخيل بفسائل نخيل الخلاص، وتزيد كمية الإنتاج كل عام إلا أنها في المتوسط العام تصل إلى نحو 60 ألف طن.

تضم محافظة الأحساء نحو 30 ألف مزرعة فيما تمتد الرقعة الزراعية للنخيل على مساحة تصل إلى 10 آلاف هكتار، هنا يقول الشايب إن الغالبية العظمى من هذه المزارع هي حيازات صغيرة، ويكون إنتاجها من التمور قليلا، ويحسب الفلاحون فقط تكاليف صرام ونقل وتسويق التمور بينما لا يحسبون تكاليف هذه المزارع طوال العام، ويؤكد الشايب الذي يتخصص المركز الذي يديره في الصناعات الحرفية، أن حصر إنتاج النخيل في التمور فقط أخفى كثيرا من المنتجات التي كانت تدر دخلا إضافيا وغير مكلف في كثير من الأحيان للفلاحين، ويأتي في مقدمة هذه المنتجات المختفية بيع سعف النخيل وكذلك الجريد، إضافة إلى الألياف التي تصنع منها الحبال، يقول الشايب «انحصرت علاقة الفلاح والنخلة في إنتاج التمر فقط مما زاد التكلفة وقلل العائد المادي للفلاح». يعتقد الشايب أن الأحسائيين (نسبة إلى محافظة الأحساء)، يمكنهم أن ينافسوا في مجال تسويق وإنتاج التمور على النوعية والكيف، لا على الكم، لذلك بدأ كثير من الأحسائيين التوجه لإحلال فسائل ونخيل الخلاص محل الأنواع الأخرى من النخيل التي تحتل مزارعهم لذلك نما إنتاج الخلاص الحساوي من 20% إلى أكثر من 30%، مع توقعات بأن يبلغ قريبا 40% من إنتاج المحافظة من التمور. ويبقى العائد المجزي للفلاحين ليس من سوق التمور في المحافظة التي يرى البعض أن التجار يتحكمون فيها بل من مصنع التمور الذي يعول عليه الفلاحون في الحصول على عوائد مجزية عن الموسم.

ويشير الشايب إلى أن البيت الأحسائي الذي كان مخزن التمور أحد أركانه فقد هذا المخزن مع الحداثة فأصبحت المنازل في المحافظة خالية من مخازن التمور، مما يعني طرح كامل الإنتاج في السوق دفعة واحدة وهو ما يجعل الأسعار متدنية مقارنة مع التكلفة المادية حيث لا يتجاوز سعر الكيلو للتمر الأحسائي بحسب الشايب ريالين، بينما كانت مخازن البيوت تتحكم في عملية العرض والطلب ويمكن للفلاحين أن يطرحوا إنتاجهم خلال فترات متعددة من العام مما يحد من تخمة السوق للإنتاج دفعة واحدة والذي يذهب إلى التجار، ويعيدون بيعه بأسعار مرتفعة. أمانة المحافظة وحدت الأسواق في سوق واحدة وبحسب الشايب هذا التوحيد حد من المنافسة السعرية بين الأسواق، مما جعل كل الإنتاج يتجه إلى موقع واحد وفي توقيت واحد، مما قتل المنافسة السعرية التي كان الفلاحون يستفيدون منها بالتنقل بين الأسواق. مشكلة أخرى يواجهها الأحسائيون حدثت العام الماضي والتوقعات تشير إلى تكرارها هذا العام، وهي طرح منتجات مخزنة بدعوى أنها من إنتاج هذا العام في الأسواق مما يكثف العرض بشكل كبير مقابل الطلب لتهبط الأسعار أكثر فأكثر، مما يضر بالإقبال على الإنتاج الجديد بشكل كبير. ورغم تحول كثير من المزارع إلى استراحات فإن ذلك لم يؤثر على إنتاجها من التمور ففي الفترة السابقة حدث اختراق كبير في هذا المجال وتحولت كثير من المزارع إلى استراحات وحتى تحولت بعضها إلى مراكز ضيافة وقصور أفراح، إلى أن التوجه الذي اتخذته الهيئة العامة للسياحة والآثار بتنظيم ما يسمى بالسياحة الريفية نظم هذه العملية إضافة إلى الرقابة التي وضعتها الأمانة على بناء الاستراحات داخل المزارع.