طالبان تنفي.. وجيران وأصدقاء الأصولي المصري الجمل يؤكدون أنه مترجم سفير الحركة بإسلام آباد

محاميه وأهالي قويسنا تعرفوا عليه ومحاضر قضية تشير إلى اقتراحه استخدام الطيران الشراعي لتهريب قادة الجهاد من سجن طرة

TT

في الوقت الذي نفى فيه سفير أفغانستان في اسلام آباد الملا عبد السلام ضعيف امس ان يكون مترجمه أصوليا مصريا محكوما غيابياً بالأشغال الشاقة 15 عاماً، أصر أهالي قرية كفر الأكرم التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية في دلتا مصر على ان مترجم السفير ضعيف هو عضو جماعة الجهاد المصرية عبد العزيز موسى الجمل ابن القرية التي غادرها قبل 15 عاماً متوجهاً الى افغانستان.

وأكد أهالي مدينة قويسنا التي انتقلت إليها أسرة الجمل، وزملاء دراسة، ما نشرته «الشرق الأوسط» اول من امس من ان الشخص الذي يظهر الى جوار ضعيف ويضع على عينه عصابة سوداء هو عبد العزيز موسى الجمل.

وبدأت رحلة «الشرق الأوسط» للتأكد من شخصية مترجم السفير ضعيف بعدما تردد في قويسنا حول شخصيته، وكان أول من التقيناه زميل دراسة لعبد العزيز ويعمل الآن محاميا وبادرنا متسائلا «هل جئتم للسؤال عن عبد العزيز الجمل؟».

وأضاف المحامي الذي رفض نشر اسمه انه يعرف الجمل منذ فترة طويلة أيام الدراسة وأنه كان يزوره منذ كان معتقلا في قضية اغتيال الرئيس الراحل انور السادات وانه زاره في سجنه عدة مرات لأخذ رأيه في قضية مدنية وكلته فيها أسرة الجمل.

وأكد المحامي انه يعرف الجمل شخصياً ولا تراوده أية شكوك في ان من يظهر الى جوار الملا عبد السلام ضعيف هو عبد العزيز موسى الجمل الذي زاره في السجن رغم مرور عشرين عاماً على هذه الزيارات.

وأضاف جيران أسرة الجمل في قويسنا انه عاد الى مصر أكثر من مرة وهو معصوب العين بعد اصابته في الحرب ضد السوفيات، وأشاروا الى أن أسرة الجمل حريصة على تسجيل المؤتمرات الصحافية التي يظهر فيها الى جوار ضعيف على شرائط الفيديو.

كما ذكر الجيران ان الجمل يتصل بأسرته هاتفياً، وان أسرته ألتقت به في الأراضي السعودية في مواسم الحج والعمرة بينما يكون وسط حشد كبير من رجال حركة طالبان يتجاوز 25 شخصاً.

وأدى نشر «الشرق الأوسط» لقصة الجمل الى اتصال عدد من أهالي قويسنا لتأكيد تلك الانباء، كما اتصلت ايضاً شقيقته وقالت انها تتمنى عدم اثارة هذه القصة في هذا الوقت بالذات لظروف صحية يمر بها والد ووالدة الجمل، وأكدت انها لا تريد فتح الحديث عن شقيقها الهارب، واكتفت بالقول «اننا نحتسبه عند الله»، ورفضت تأكيد أو نفي ان شقيقها هو نفسه مترجم ضعيف، مبررة ذلك بأنها لا تحرص على مشاهدة القنوات الفضائية.

يشار الى ان عبد العزيز موسى الجمل عمل ضابطاً بالجيش المصري أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات ووصل الى رتبة «النقيب». وفي عام 1981 الذي شهد اغتيال الرئيس السادات تم القبض عليه وظل رهن الاحتجاز لمدة 3 سنوات ثم حصل على البراءة فقرر فتح شركة قطع غيار سيارات. وبعد 4 سنوات من عمل الشركة باع حصته للشريك الأخير وسافر لاداء العمرة ومنها توجه لافغانستان للمشاركة في عمليات الافغان العرب، وخلال عام 1998 صدر حكم قضائي من محكمة مصرية بسجنه 15 عاما في تنظيم «العائدون من ألبانيا».

وأكد أحد أصحاب مقاهي الانترنت في مدينة قويسنا ان مترجم ضعيف هو نفسه الجمل، واضاف ان عدداً كبيراً من سكان مدينة قويسنا ذهبوا الى مقهاه لمشاهدة «الشرق الأوسط» على الانترنت حيث انها لا تصل الى هناك، مشيراً الى ان كل من شاهد «الشرق الأوسط» وصورة مترجم ضعيف أكد انه هو عبد العزيز موسى الجمل بشكل غير قابل للخطأ.

وقال وكيل مؤسسي حزب الشريعة في مصر المحامي ممدوح اسماعيل لـ«الشرق الأوسط» انه عرف الجمل خلال قضية الجهاد الكبرى عام 1981، مشيراً الى انه كان عضواً بالمجموعة التي كونها الرائد السابق بالجيش المصري عصام القمري، وكانت كلها من العسكريين، وتم توقيفها في مارس ( اذار) 1981 حيث جرت لهم محاكمة عسكرية وتم تبرئة الجمل.

وأوضح اسماعيل انه مر على هذه الواقعة نحو 20 عاماً، وهو الأمر الذي لا يمكنه من نفي أو تأكيد شخصيته، مشيراً الى ان الجمل كان شاهد نفي في قضية الجهاد الكبرى عن الدكتور ايمن الظواهري زعيم تنظيم الجهاد، حيث استدعته المحكمة لسماع شهادته، وهو ما أكده أيضاً كمال السيد حبيب أحد المتهمين الرئيسيين في هذه القضية، والذي ذكر انه يصعب عليه تحديد شخصية الجمل بسبب مرور كل هذه السنوات.

وجاء اسم الجمل في تحقيقات قضية، «العائدون من ألبانيا». وذكر المتهم خالد السيد أبو الدهب، وهو اميركي من أصل مصري، ان علي ابو السعود ـ المسجون حالياً في الولايات المتحدة ـ كلفه في عام 1990 بالسفر الى افغانستان لتدريب عناصر الجهاد على الطيران الشراعي.

وذكر انه حين وصل الى أحد معسكرات التدريب هناك قابل عبد العزيز موسى الجمل المكنى باسم «ابو خالد» واختار له ثلاثة أشخاص لتدريبهم على الطيران الشراعي.

وأضاف ابو الدهب ان الجمل سأله عن امكانية استخدام الطيران الشراعي في الطيران به من جبل المقطم والهبوط به داخل سجن طرة، حيث يوجد قادة جماعة الجهاد في السجن، مشيراً الى انه أخبر الجمل باستحالة تنفيذ هذه المهمة لان الطيران الشراعي منخفض وواضح ويمكن اسقاطه ببندقية.

وأشار ابو الدهب الى ان الجمل سأله بعد ذلك عن امكانية التدريب على طائرات الهليكوبتر في اميركا وتكلفة ذلك حتى يمكن استخدامها في تنفيذ المهمة. فيما ذكر شوقي سلامة خالد أحد المتهمين في نفس القضية ان الجمل كان مسؤولا عن تدريب المصريين في معسكرات «بدر» التابعة لجماعة الجهاد في مدينة جلال آباد الافغانية.

وبعكس قادة الجهاد الذين غادروا افغانستان عامي 92 و93 الى اليمن والسودان قبل ان يعودوا اليها، فان الجمل على ما يبدو ظل في افغانستان، حيث لم يأت ذكره في كافة التحقيقات التي تناولت أنشطة جماعة الجهاد في اليمن والسودان من 92 الى .95 وكان سفير حركة طالبان الافغانية الحاكمة في باكستان قد نفى أمس لـ«رويترز» ان مترجمه هو عضو جماعة الجهاد الاسلامي المتشددة في مصر وانه غادر بلاده قبل 15 عاماً للانضمام الى المجاهدين في افغانستان.

وقال عبد السلام ضعيف ان مترجمه الذي يظهر معه في المؤتمرات الصحافية، وهو يضع عصابة على إحدى عينيه وله يد صناعية من البلاستيك، هو افغاني.

وقال ضعيف ان اسمه راتب وهو من «قندهار، وقال «انه من البشتون، انه افغاني»، والبشتون هم أكبر جماعة عرقية في افغانستان وأغلبية أعضاء حركة طالبان المتشددة منهم.

ويرتدي الجمل دوماً عمامة وعباءة سوداء مثل ضعيف لكنه يختلف معه كثيراً، فسفير طالبان لدى باكستان مبتسم ويتفجر كثيرا في الضحك ويبدو انه يستمتع بالشد والجذب الذي يحدث بينه وبين الصحافيين.

ويسهل التعرف عليه نظراً للعصابة السوداء التي يضعها على عينه، وشوهد من قبل في مطار اسلام آباد ينتظر ركوب طائرة تابعة للامم المتحدة متجهة الى العاصمة الافغانية كابل حين كانت المنظمة الدولية تسير رحلات الى هناك.

وقال مراسل لـ«رويترز» انه شاهده وهو يتناول طعام الافطار بمدينة جلال آباد التي قالت روسيا انها أحد مقار القيادة لتنظيم «القاعدة».