أطباء حلب يطالبون بحماية مسعفي المتظاهرين.. وعدم تعريضهم للاعتقال والمساءلة

شهود يروون لـ «الشرق الأوسط» قصصا مروعة عن تعامل السلطات مع جرحى الاحتجاجات

متظاهر يرفع لافتة ينتقد من خلالها النظام السوري في مظاهرة في دمشق أمس (شام نيوز)
TT

طالب أكثر من 500 طبيب وطبيبة في مدينة حلب بحماية الأطباء والمسعفين وعدم تعرضهم للاعتقال والمحاسبة نتيجة قيامهم بعملهم، وبفتح تحقيق قضائي حول منع زملاء لهم من إسعاف ومعالجة مصابين في مظاهرات شهدتها حلب والمحافظات السورية، في مبادرة تحت عنوان «أطباء تحت القسم - حلب» وقع عليها مئات الأطباء الحلبيين.

ودعت المبادرة إلى توثيق ما تردد من معلومات لعرضها على القضاء حول تهديد أطباء، والطلب من مستشفيات خاصة عدم استقبال جرحى المظاهرات. وأكدت المبادرة على أنه انطلاقا من حيادية الطب كمهنة إنسانية، فإنه من الضروري «توفير كل الظروف المواتية لقيام الطبيب بعمله على أكمل وجه، وتأمين كل مستلزمات المعالجة والإسعاف، بما فيها أكياس الدم»، وأنهم «كأطباء سوريين حريصون على كل قطرة دم تهدر في ترابنا الوطني، ونرى فيها خسارة لا تعوض كان يجب استثمارها في معركتنا الوطنية التحريرية وفي معركة البناء للوصول إلى المجتمع الديمقراطي الحر المتوازن في التنمية والصحة والتعليم».

وطالب الأطباء بـ«عدم توقيف أي طبيب إلا بموجب مذكرة قضائية وحضور ممثل عن نقابة الأطباء، لا سيما أنه تم توقيف العمل بقانون الطوارئ بمرسوم جمهوري»، وبـ«الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين أو إحالتهم إلى القضاء العادل».

واستند الأطباء في مبادرتهم على ما جاء في القسم الطبي أن «يظلوا أوفياء لواجب المهنة، وأن لا يسمحوا للخوف بأن يدفعهم إلى الفرار من الواجب»، مع الإعراب عن احترامهم «لجميع مكونات المجتمع السوري كمجتمع غني بالكفاءات والإمكانات والطاقات البشرية التي تضمن انتقاله بكل تصميم نحو الدولة المدنية العادلة، ونحو سوريا واحدة قوية بأبنائها مستقرة على قيم العدل ومتطلعة إلى مستقبل مشرق».

ويعاني الأطباء في سوريا من التضييق على عملهم لدى قيامهم بالواجب الإنساني في بؤر الاحتجاجات، حيث لا يسمح للمستشفيات الخاصة باستقبال جرحى المظاهرات، وحصر ذلك في مستشفيات الحكومة، التي عادة ما تكون محتلة من قبل الأجهزة الأمنية التي تقوم بدورها باعتقال الجرحى من المستشفيات وذويهم، والتحقيق معهم من دون أي اعتبار لتعريض حياتهم للخطر، مما اضطر المتظاهرين إلى إقامة مستشفيات ميدانية سرية في العيادات والمنازل، حيث يعانون من نقص حاد في المستلزمات الطبية، لا سيما أكياس الدم الفارغة التي يتم تهريبها بصعوبة إلى تلك المستشفيات، وفي حال اكتشافها من قبل قوات الأمن يتعرض ناقلها لخطر الاعتقال أو القتل.

وبحسب ناشطين، فإنه تم اعتقال عدد من الأطباء الناشطين في حمص وحماه وحلب ومناطق أخرى، وفي ريف حمص، تم الاعتداء بالضرب من قبل الأمن على مدير المستشفى الحكومي، وتمت إقالته من موقعه لسماحه بإسعاف جرحى جيء بهم من منطقة حدودية مع لبنان، مما يدفع الأهالي إلى إسعاف جرحاهم في لبنان إن تيسر ذلك.

ويؤكد ناشطون أن أكثر الملفات سوادا في ممارسات النظام القمعية هو ملف الانتهاكات التي تتعرض لها المستشفيات، وأن هذا الملف لو تم فتحه والتحقيق فيه فسنكتشف مئات الجرائم الإنسانية التي ارتكبت بحق جرحى المظاهرات، ويقول أبو أحمد الدوماني إن «قوات الأمن أجهزت على ابن أخيه في المستشفى العسكري بدمشق، بعد أن اختطف من مستشفى دوما وكان مصابا بطلق ناري ليس خطيرا»، ويتابع: «الذين أسعفوه بعد إصابته في مظاهرة منذ أربعة أشهر قالوا إنهم أوصلوه إلى مستشفى دوما، وهناك سألنا ووجدنا اسمه في سجلات المرضى، ولكننا لم نجده وبعد بحث مضني علمنا أنه في مستشفى تشرين العسكري، وبعد أيام تسلمنا جثته».

وفي حمص، كان الأهالي يحملون جرحاهم إلى مستشفى جمعية البر في الأسابيع الأولى، ولكن تمت محاصرة المستشفى، وراح الأمن يعتقل الجرحى من غرفة العمليات، بحسب ما كتبه أحد الأطباء على صفحته في موقع «فيس بوك».

أما في الرستن، فيروي أبو خالد ما تعرضوا له في الشهر الأول من الاحتجاجات، قائلا إنه عدما رفض مستشفى الرستن الوطني استقبال ابنه الجريح، توجهوا إلى مستشفى حماه، وعند باب المستشفى تم اعتقاله في حين توفي ابنه الجريح لدى إدخاله المستشفى.