سوريون من أديان وطوائف مختلفة يجمعهم أمر واحد الخوف من المستقبل

بعضهم يخشى الانتقام الطائفي وآخرون تقسيم البلاد مثل يوغوسلافيا

TT

يجتمع سوريون من كل الطوائف وكل الطبقات، من مؤيدين ومعارضين للرئيس السوري بشار الأسد كل أسبوع منذ بداية الحركة الاحتجاجية ضد النظام التي انطلقت منتصف مارس (آذار) الماضي، للتعبير عن شعور مشترك بينهم هو الخوف.

وقالت المحللة النفسية رفاه ناشد التي تشارك في تنسيق هذا المشروع إن «المفارقة هي أن الجميع يشعرون بالخوف في سوريا، لماذا يستخدم النظام العنف والقمع؟ لأنه يخاف أن يفقد السلطة. والناس الذين يتظاهرون ألا يشعرون بالخوف؟ بالتأكيد يشعرون بالخوف ومع ذلك يذهبون» إلى المظاهرات.

وفي مركز اليسوعيين في قلب دمشق، تبدأ المأساة كل يوم أحد بعرض يشارك فيه 6 من نحو 50 مشاركا. يقفون في وسط الصالة ويناقشون بصوت عال موضوعا ما.

هذه المرة، يتعلق الجدل بالخوف الطائفي، ويقول فادي الذي يبدو أنه لا يشعر بالراحة في مقعده «بعد مهاجمة جامع الرفاعي بدأت أشعر بالهلع على نفسي وعلى أولادي. لكن بصفتي علويا أشعر بالخوف مما يمكن أن يحدث. هناك الكثير من الأحداث الخطيرة ذات الطابع الطائفي في سوريا».

وكانت قوات الأمن السورية فرقت بعنف مظاهرة عند مغادرة المصلين لجامع الرفاعي السني في حي كفر سوسة غرب دمشق، مما أدى إلى مقتل متظاهر وجرح عشرة آخرين بينهم إمام المسجد، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأضاف فادي معترفا «شعرت بالخوف من أن تثار مشاعر الناس ويقومون بتفجير الوضع لكن لحسن الحظ لم يحدث ذلك».

وسوريا بلد متعدد الطوائف يشكل السنة أغلبية فيه يليهم العلويون ثم المسيحيون، وقالت مشاركة درزية تدعى ميسان إن «الشعب يدرك خطر مواجهات طائفية. أنت تفترض أن الناس سينتقمون لكن هذا ليس آليا، حركة الاحتجاج سلمية وترفض خوض أعمال عنف طائفية». وأضافت أن «ما أخشاه في الواقع هو تدخل أجنبي وهذا سيؤدي إلى تقسيم بلدنا كما حدث في يوغوسلافيا السابقة».

وتتدخل زينة لتقول بخجل «أعتقد أن المعارضة منقسمة بين المتنورين الذين يدركون الرهانات وقسم آخر أكثر تدينا وأقل تنويرا».

وينصت الحضور في الصالة باهتمام، عندما بدأ فجأة المسيحي همام برواية تجربته، ويقول «كانت لدي أحكام مسبقة من تربيتي ضد المسلمين لأن عائلتي كررت دائما أنه يجب عدم استقبالهم في المنزل».

ويضيف وهو يتحدث بسرعة كما لو أنه يزيح عبئا عن صدره «كنت أولا مع النظام ثم بعد سقوط كل هؤلاء القتلى ذهبت للتظاهر».

ويتابع الشاب العشريني «تظاهرت في دوما ضاحية دمشق وهؤلاء الذين قالوا لنا إنهم حثالة خبأوني عندما كان رجال الأمن يلاحقونني ويخشون أن أقع بين أيديهم»، وانتهى السرد. وبعد دقيقة الصمت يمكن للجميع أن يتحدثوا.

وتقول ناشد إن «الاتصال تم بين لا وعي المجموعة والمشارك العلوي. الآخرون فهموا أنه كان يريد أن يشعر بالاطمئنان وهذا ما فعلته المجموعة».

ويرى الأب رامي إلياس المحلل النفسي ومسؤول المركز اليسوعي الذي يستقبل الاجتماع أن «المهم ليس السياسة بل وجود مكان يستطيع فيه الجميع أن يتحدثوا عن الخوف الذي يشعرون به وامتصاصه حتى لا يتحول إلى عنف».

ويتابع «اليوم تحققت خطوة كبيرة لأنهم سموا الخوف باسمه: الخوف الطائفي بشكل مباشر. لكن ما زال هناك الكثير الذي يجب القيام به لضمان قبول الاختلاف».