المعارض السوري رضوان زيادة: عائلتي دفعت الثمن.. لكن لا شيء يقارن بمصلحة الوطن

السلطات اعتقلت شقيقه ياسين أول أيام العيد.. وتمنع شقيقته من لقاء زوجها منذ 3 سنوات

TT

أضيفت إلى قائمة «ارتدادات» معارضة الناشط رضوان زيادة، عقوبة جديدة باعتقال شقيقه ياسين زيادة منذ يومين، من دون أي معلومات عنه، ومن دون أي تهمة إلا تهمة «الانتماء العائلي»، وهي تهمة كتب لعائلة زيادة، مدير مركز دمشق لحقوق الإنسان والأستاذ الزائر في جامعة جورج واشنطن، أن تعاني بسببها كثيرا.

اعتقل ياسين، الأخ الأصغر لزيادة، بعد صلاة العيد في بلدته داريا القريبة من دمشق. ياسين البالغ من العمر 37 سنة، وهو رجل أعمال غير ناشط سياسيا، كان خارجا من جامع المصطفى في البلدة عندما تصدى رجال الأمن للمظاهرة التي انطلقت من الجامع بعد الصلاة. فر ياسين مع من فروا، واختبأ في أحد المنازل القريبة هربا من رجال الأمن. وبعد ساعات من الانتظار، أعقبها شعور زائف بالأمان، خرج من المنزل ليجد أن 3 رجال من الأمن ينتظرونه ويعرفونه بالاسم.

لا معلومات عن ياسين، لكن شقيقه المقيم في الولايات المتحدة يعتقد أنه سجين لدى الاستخبارات الجوية «لا معلومات، ومن غير المسموح له الاتصال، وذلك كله من دون مذكرة اعتقال بالطبع على الرغم من رفع قانون الطوارئ». يقول زيادة الذي يرى أن بلاده أصبحت «دولة خارج القانون بالكامل»، منطلقا إلى ذلك مما يصفه من «ممارسة الاعتقال العشوائي والقتل خارج القانون واعتماد أسلوب العقاب الجماعي».

يتخوف زيادة على شقيقه من «التعذيب النفسي والجسدي» بحق شقيقه الذي اعتقل لتهمة وحيدة هي أن شقيقه ناشط في مجال حقوق الإنسان وأحد المعارضين للنظام. ياسين استدعي أكثر من مرة منذ مغادرة شقيقه البلاد عام 2007، وكان السؤال الدائم عن نشاطات شقيقه. لكن الخوف على شقيق لا يبدو أنه سيكون عائقا أمام استمرار زيادة في نشاطاته المناوئة للنظام، فهو يؤكد «أن المصالح الشخصية لا يمكن أن تقارن بمصلحة وطن».

لم يكن شقيق زيادة هو الوحيد الذي تعرض للمضايقة. فالعائلة بأكملها دفعت ثمنا لنشاطاته السياسية في إطار ما يصفه زيادة بأنه «العقاب الجماعي»، منذ بدء نشاطات رضوان زيادة في مجال حقوق الإنسان في عام 2000 في إطار ما سمي آنذاك «ربيع دمشق» ثم تأسيسه جمعية حقوق الإنسان السورية. بدأت المضايقات بمنعه من السفر عدة مرات، وسحب جواز السفر أكثر من مرة، إلى أن أصدر كتابه في عام 2007 عن «عملية صنع القرار في سوريا». يقول زيادة إنه استدعي آنذاك إلى التحقيق وأبلغ رسالة مفادها «أنها المرة الأخيرة التي تزورنا فيها ضيفا».

فهم الرسالة، وقرر مغادرة البلاد، مستغلا الوضع الصحي لوالده المصاب بسرطان البروستات وبطلب منه، فكان أن قدم طلبا إلى دائرة المخابرات للسفر إلى الأردن من أجل الحصول على دواء للسرطان لوالده، مستغلا وجود وفد أوروبي في سوريا، فنال إذنا بالسفر استعمله للسفر إلى الأردن، ومنها إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث كانت في انتظاره منحة من معهد الولايات المتحدة للسلام للعمل ككبير باحثين في إعداد كتابه عن السياسة الخارجية السورية.

كانت مغادرة رضوان زيادة بلاده بمثابة «اللعنة» على عائلته. فلم يعد أحد قادرا على السفر، وتعذر الحصول على الدواء، فكان الاعتماد على الأدوية السورية، وكان أن توفي والده بعدها بفترة ليست بعيدة، تاركا لولده في غربته لوعتين، الأولى إحساس بالذنب في تقصير ما بسبب توقف الدواء المستورد رغم أن والده كان في مراحل مرضه الأخيرة، والثانية أنه توفي من دون أن يودعه أو يحضر جنازته. ويأمل الابن الذي يجهل مكان قبر والده أن يزوره في أول لحظة تطأ فيه قدماه أرض بلاده مجددا بعد «الانتصار». أما حلمه الثاني فهو إنشاء مبنى تذكاري لضحايا القمع الذين سقطوا خلال الانتفاضة «يوثق فيه حياتهم وشهادتهم».

العقوبات لم تقتصر على الدواء. فقد منع جميع أفراد العائلة من السفر، بمن فيهم أصهاره، أما صهره الذي يعمل في المملكة العربية السعودية فهو غير قادر على رؤية زوجته منذ ثلاث سنوات بتهمة أنها «شقيقة رضوان زيادة». وتكاد علاقته بعائلته تكون مقطوعة لولا «الاتصالات الآمنة» التي يجريها معهم بعيدا عن الهاتف المراقب، ولولا وجود واحدة من شقيقاته خارج البلاد مع زوجها في المملكة العربية السعودية.

لا يزال هذا الوضع قائما منذ فبراير (شباط) 2008، أي بعد 3 أشهر على مغادرته البلد في أكتوبر (تشرين الأول) 2007.. والسبب كما يقول زيادة: «نشاطاتي في مجال حقوق الإنسان»، مشيرا إلى أن ما يمارس بحق عائلته هو ما يمارس على كثيرين من أخذ المواطنين رهائن للضغط على عائلاتهم، موضحا أنه بعد اندلاع الانتفاضة في ربيع العام الحالي تعرضت والدته المريضة إلى ضغوط لإصدار بيان يتم التبرؤ فيه منه ومن «تصرفاته»، لكنها لم تستجب، آملا أن لا يكون اعتقال أخيه لهدف مماثل. زيادة ينفي أن يكون قد حصل على الجنسية الأميركية، معتبرا أن الشائعات عن هذا «مصدرها النظام»، مؤكدا أنه لا يريد أي جنسية أخرى غير الجنسية السورية، رغم ما تتسبب به هذه الجنسية حاليا من صعوبات للسفر، وهو لا يزال يستعمل جوازه السوري الذي جدده في السفارة السورية في واشنطن العام الماضي.