صلاة العيد مسرح متنوع للدعاية الانتخابية في مصر

شكلت فرصة للتيارات الإسلامية لاستعراض قوتها

TT

واصلت التيارات الإسلامية في مصر ما وصفه مراقبون بـ«استعراض القوة»، مستغلة قدراتها التنظيمية في الإشراف على ساحات الصلاة في عيد الفطر المبارك، لكن العيد الأول الذي يحتفل فيه المصريون مع غياب نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الذي تخلى عن السلطة في 11 فبراير (شباط) الماضي، غدا فرصة لبدء معركة الدعاية المبكرة لانتخابات البرلمان المقرر إجراؤها نهاية العام الحالي، وانتخابات الرئاسة التي لم يحدد موعد لإجرائها بعد.

ومنذ الإطاحة بنظام مبارك، أصدر المجلس العسكري الحاكم، مشروعا جديدا للأحزاب السياسية، خفف خلاله القيود التي فرضها النظام السابق على حرية تكوين الأحزاب، وهو ما سمح بالترخيص لعدد من الأحزاب بالعمل على الساحة السياسية، جاءت في معظمها أحزاب على خلفية إسلامية أو ليبرالية.

وكان المشهد الأبرز في ظل هذه المناسبة الدينية، سيطرة التيارات الإسلامية على الساحات والمساجد وتمكنت من إقامة دعاية لها وبطرق مختلفة، شملت المسابقات وتقديم الجوائز للفائزين، ولوحظ الانتشار الموسع لأنصار التيارات الإسلامية وسط الساحات والميادين، فيما انتهزت القوى السياسية الليبرالية انتهاء الصلاة للترويج لأنفسها.

وبدا أن البلاد ستدخل مرة أخرى دائرة الاستقطاب الحاد حول هوية مصر ما بعد مبارك، ورغم أن بدء الدعاية للقوائم الانتخابية يعكس في رأي مراقبين ثقة تلك الأحزاب بشأن رغبة المجلس العسكري في تسليم السلطة للمدنيين، فإنهم أضافوا بقولهم إن النجاح الذي أظهرته القوى الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، أبرز الفصائل السياسية في البلاد، قد يفاقم من قلق التيارات الليبرالية واليسارية بشأن سيطرة الإسلاميين على البرلمان القادم.

وتخشى القوى المؤيدة لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية في مصر بعد مبارك، من سيطرة الإسلاميين على البرلمان المنوط به وضع دستور جديد للبلاد. ويقول مراقبون إن «قدرة الإسلاميين الذين أعلنوا تحالفهم في الانتخابات المقبلة قد تجدد إصرار القوى الليبرالية على وضع مبادئ فوق دستورية أو حاكمة تلزم الجمعية التأسيسية التي من المقرر أن ينتخبها البرلمان لوضع الدستور».

وقلل الناشط الليبرالي زياد السيد من الظهور القوي للقوى الإسلامية خلال اليومين الماضيين، قائلا إن «الطابع الديني للمناسبة فرض هذه الحالة التي بدا معها أن التيار الإسلامي يتسيد الشارع»، مشيرا إلى أنه ما زال من المبكر الحديث عن حصول التيار الإسلامي على أغلبية مقاعد البرلمان.

ويعلق سيف الدين سمير، الناشط اليساري، على الحضور القوي للسلفيين بجانب كوادر «الإخوان المسلمين» للترويج لأحزابهم بقوله إن «هذا المشهد أثار استياء عدد كبير من المصريين.. لقد لمست هذا بنفسي في ساحة مسجد مصطفى محمود، لقد استنكر عدد من المصلين استغلال العيد للترويج السياسي». وأضاف أن المصريين الذين أنهكتهم السياسة خلال الشهور الماضية يرغبون في قضاء إجازة عيد حقيقية، من دون برامج انتخابية.

في المقابل، ترى أسماء عبد الرحيم، وهي ناشطة سياسية من أعضاء حركة «6 أبريل» أن «الإخوان» وحزبهم السياسي (الحرية والعدالة) الذي أنشئ حديثا، نجحوا في استعراض قوتهم، من دون الدخول في جدل سياسي أو عرض برامجهم، تقول عبد الرحيم: «لقد أحال (الإخوان المسلمون) ليلة العيد لكرنفال حقيقي.. جابوا شوارع حلوان وأطلقوا الألعاب النارية».

تضيف: «رغم اختلافي الكامل مع الجماعة وتوجهها السياسي فإنني استمتعت شخصيا بهذا العيد أكثر من أي عيد مضى ولا بد أن أعترف أن ذلك كان بفضل كوادر (الإخوان المسلمين) الذين أظهروا قدرا كبيرا من التنظيم.. وأضفوا جوا من البهجة.. على عكس تصوري الشخصي فقد تصورت أن الأمر سيقتصر على الملمح الديني فقط للعيد».

ولم يفت المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية اللحاق ببورصة الداعية الانتخابية في العيد، وحاول كل مرشح أن يظهر في المكان الذي يحمل أكبر قدر ممكن من الدلالات السياسية.

اختار أيمن نور، مؤسس حزب الغد الليبرالي، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الظهور في ميدان التحرير الذي كان مركزا للثورة المصرية التي أطاحت بنظام مبارك، فيما انضم حازم أبو إسماعيل، المرشح الإسلامي، إلى اعتصام التيارات الإسلامية المطالبة بالإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن المعتقل في السجون الأميركية، أمام مبنى السفارة الأميركية بالقاهرة، معربا عن تضامنه مع المعتصمين ومهنئا الشعب المصري بحلول عيد الفطر.

بينما اكتفى عمرو موسى، الأمين العام السابق للجامعة العربية، أحد مرشحي الرئاسة البارزين، بحملاته الدعائية خلال شهر رمضان، وهنأ الشعب المصري عبر مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما قام به أيضا الدكتور محمد البرادعي، الذي أعلن في وقت سابق تعليق حملته الانتخابية على خلفية ما قال إنه مخاطر وتحديات أمام الثورة المصرية. وفي حين اختار محمد سليم العوا الإسكندرية للظهور في صلاة العيد، احتجب عدد من مرشحي الرئاسة عن الظهور.