أزمة السلطة المالية تتعمق مع العيد وبدء العام الدراسي.. وقد تستفحل في سبتمبر

بعد رفض إسرائيل تبكير تحويل الضرائب وتهديدها بالرد

TT

انعكست الأزمة المالية لدى السلطة الفلسطينية، بأسوأ صورها خلال الشهر الماضي، مع بدء عيد الفطر المبارك، وتجلى ذلك بضعف القوة الشرائية للفلسطينيين في أسواق غزة والضفة، بعدما لم تسدد السلطة رواتب موظفيها عن الشهر الماضي، وهو الأمر الذي اتضح أنه يعود هذه المرة، لرفض يوفال شتاينتس، وزير المالية الإسرائيلي، طلبا فلسطينيا لتبكير تحويل ثلاثمائة وثمانين مليون شيقل (110 ملايين دولار) إلى السلطة، وهي مستحقاتها الضريبية، بهدف صرف الرواتب.

وقالت الإذاعة العبرية الرسمية إنه «رغم توصية الجهات المهنية في وزارتي المالية والحرب ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة، بتقديم موعد تحويل هذه الأموال كبادرة حسن نية تجاه الفلسطينيين، فإن الوزير شتاينتس أصر على التقيد بالأنظمة العادية والمحددة مسبقا».

ووجدت السلطة نفسها عاجزة أمام ذلك، ولم تستطع توفير رواتب موظفيها الذين مضوا إلى العيد بنصف راتب متأخر منذ شهرين، وزاد الطين بلة، أن الموسم الدراسي سيفتتح بعد نهاية عطلة العيد، السبت المقبل.

واتهم معين عنساوي، نائب رئيس نقابة الموظفين العموميين، الحكومة «بتجاوز كل المعايير والنظم والمنطق الذي يكفل للموظف حياة كريمة».

وقال عنساوي لـ«الشرق الأوسط»: «إن أغلبية كبيرة من الموظفين، لم تعرف ما هو العيد». وأوضح عنساوي أن «بعض الموظفين، تلقوا مبلغا يكاد يصل إلى 200 شيقل (60 دولارا) أو أقل. ما يسمى نصف الراتب، هو ما تبقى للموظفين من راتب شهر يونيو (حزيران) الماضي، إذا افترضنا أن الراتب هو 2000 شيقل، وتقاضى الموظف نصفه في يونيو، وتبقى له ألف، فمع وجود قروض مستحقة، ومعظم الموظفين مرتبطون بقروض، فلم يتبق له سوى 200 شيقل».

وأضاف: «هذا كله يأتي في وقت، نحن فيه على أبواب افتتاح العام الدراسي، هناك مدارس وجامعات، غير معقول ما يحدث».

واتهم عنساوي سلام فياض، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، باستهداف الموظفين، قائلا «إنه يتعامل معهم من دون اهتمام باعتبارهم ليسوا جيشه». وأردف «جيشه هو القطاع الخاص، وليس الموظفين».

وأكد عنساوي أن النقابة باتجاه اتخاذ قرارات بعد العيد، لحماية الموظفين.

وعلى الرغم من توجيه السلطة دعوات إلى دول عربية بالوفاء بالتزاماتها المالية، في محاولة للحد من الأزمة الحالية، واعتمادها خطة للتقشف الداخلي، فإن أي بوادر لحل المعضلة لا تلوح في الأفق.

بل إن السلطة قد تكون على موعد مع أزمة أعمق، الشهر المقبل، في حال توجهت إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية الدولة، إذ هدد شتاينتس بأن إسرائيل سترد على توجه الفلسطينيين المرجح إلى الأمم المتحدة بطلب اعترافها بدولتهم، واصفا هذه الخطوة بأخطر من التهديد الحمساوي في قطاع غزة.

وكان وزير المالية الإسرائيلي يشير بشكل غير مباشر إلى إمكانية وقف تحويل العائدات الضريبية للسلطة شهريا، حسب ما هددت به مصادر إسرائيلية في أوقات سابقة.

أما السلطة نفسها، فتدرك أنه لا نهاية قريبة للأزمة المالية، كما قال سلام فياض، رئيس الحكومة الفلسطينية، قبل يومين، مضيفا أنها أزمة مزمنة لن تنتهي قريبا.

وعزا فياض السبب الرئيسي للأزمة المالية إلى نقص حاد في المساعدات الخارجية. وأضاف: «هذه مشكلة كبيرة ليس في مقدور السلطة الفلسطينية تجاوزها في المرحلة الراهنة».

وتوقع فياض أن يخف تأثير الأزمة، بداية العام المقبل، إذ ستظهر «نتائج سلسلة الإجراءات التي وضعتها الحكومة، من أجل التكيف مع الأزمة المالية».

وتابع: «لا أتوقع أن تتلاشى الأزمة المالية في وقت قصير، وسنبقى في إطار الأزمة حتى نهاية العام الحالي، وصولا إلى العام المقبل، حيث من المتوقع أن يشهد العام المقبل، تحسنا لأنه سيتم إنجاز رزمة من الإنجازات لنكون قادرين على الاعتماد الذاتي».

وأكد فياض أنه «على الرغم من أن المساعدات الخارجية على درجة عالية من الأهمية، فإننا على مسار الاستغناء عن هذه المساعدات، ونقوم بالتقليل من الاعتماد على المساعدات الخارجية، حيث احتاجت السلطة، هذا العام، نصف ما احتاجته من مساعدات في العام الماضي».