وزير الإعلام المغربي لـ «الشرق الأوسط»: الترويج لفكرة اشتغال الحكومة بالوكالة لخدمة هذا الحزب أو ذاك ضحك على الذقون

قال إن «العدالة والتنمية» يحاول التموقع كضحية في الانتخابات وتقديم نفسه على أنه مستهدف

TT

قال خالد الناصري، وزير الاتصال (الإعلام)، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، إن هذه الأخيرة هي حكومة دستورية مطوقة ببرنامج، ومطوقة بتوجيهات ملكية، ومطوقة أيضا بمجموعة من الالتزامات الأخلاقية والسياسية، ولا تخدم لا حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة)، ولا حزب الاستقلال، ولا حزب التجمع الوطني للأحرار، ولا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ولا حزب الحركة الشعبية، ولا حزب التقدم والاشتراكية (غالبية)، مشيرا إلى أن الحكومة تخدم المصلحة العليا للوطن والشعب، وتخدم العمل المؤسساتي، الإصلاحي، الديمقراطي، وبالتالي فإن كل من يروج لفكرة أنها تشتغل بالوكالة لخدمة هذا الحزب أو ذاك إنما يحاول الضحك على الذقون.

وتحدث الناصري، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس، عن الأزمة الحالية القائمة بين الحكومة وحزب العدالة والتنمية، الإسلامي المعارض، وقال إنه بديهي أن الحسابات الانتخابية لعبت دورا أساسيا في القرار الذي يبدو أنه اتخذ عن وعي تام من لدن قيادة «العدالة والتنمية»، مشيرا إلى أن هناك استرسالا منهجيا في المواقف المشككة والابتزازية يطرح الكثير من نقاط الاستفهام. وقال الناصري: «أن يتعمد قيادي في الحزب بالقول إن عدم حصول «العدالة والتنمية» على المرتبة الأولى في انتخابات 25 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، معناه أن الانتخابات قد زورت. هذا فيه تصرف وقح في حق الأحزاب السياسية الأخرى، وأن يتعمد قيادي آخر بالقول إنه إذا لم يشارك حزب العدالة والتنمية في الحكومة المقبلة، سيكون ذلك مؤشرا خطيرا، أي ما مفهومه بأنه سيكون كارثة بالنسبة للمغرب».

وبتعبير آخر، قال الناصري، هذا نوع من الابتزاز السياسي. وتساءل: «أليس هذا نوعا من التموقع كضحية في العملية الانتخابية، وتقديم صورة للمواطنين على أن حزب العدالة والتنمية مستهدف دون غيره من الأحزاب الأخرى، وذلك بطبيعة الحال لا يوجد إطلاقا ما يبرره أو يسنده في الممارسات السياسية، وممارسات الحكومة، ليخلص إلى القول أن كل هذه الاعتبارات جعلت الحكومة تعتبر أن هذا التصرف غير مقبول إطلاقا، ويجب أن يوضع له حد دون إبطاء، لأن الصورة التي توجه للرأي العام الوطني والدولي، هي صورة العملية الانتخابية التي حسم في أمرها، وأن الحكومة بصدد تنظيم عملية تزوير واسعة النطاق، في حين أن الواقع مخالف لذلك، إذ ليس هناك تزوير حكومي، لا واسع النطاق، ولا ضعيف النطاق». وفيما يلي نص الحوار.

* أعربت الحكومة قبل أيام عن استغرابها لترويج حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض لطروحات تشكك في نزاهة الانتخابات المقبلة ومصداقيتها. فما هي في نظركم الدوافع الحقيقية وراء قيام هذا الحزب بذلك؟ وهل تعود إلى رغبته في تحسين موقفه التفاوضي حول القوانين الانتخابية أم أن هناك رسائل متبادلة لا يفهمها إلا المعنيون بالأمر؟

- بديهي أن الحسابات الانتخابية لعبت دورا أساسيا في القرار الذي يبدو أنه اتخذ عن وعي تام من لدن قيادة حزب العدالة والتنمية. فهناك استرسالا منهجيا في المواقف المشككة والابتزازية يطرح الكثير من نقط الاستفهام. فأن يتعمد قيادي في الحزب بالقول إن عدم حصول «العدالة والتنمية» على المرتبة الأولى في انتخابات 25 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، معناه أن الانتخابات قد زورت. هذا فيه تصرف وقح في حق الأحزاب السياسية الأخرى. وأن يتعمد قيادي آخر بالقول إنه إذا لم يشارك حزب العدالة والتنمية في الحكومة المقبلة، سيكون ذلك مؤشرا خطيرا أي ما مفهومه بأنه سيكون كارثة بالنسبة للمغرب. وبتعبير آخر، هذا نوع من الابتزاز السياسي. وهنا نتساءل: أليس هذا نوعا من التموقع كضحية في العملية الانتخابية، وتقديم صورة للمواطنين على أن حزب العدالة والتنمية مستهدف دون غيره من الأحزاب الأخرى، وذلك بطبيعة الحال لا يوجد إطلاقا ما يبرره أو يسنده في الممارسات السياسية، وممارسات الحكومة. فكل هذه الاعتبارات جعلت الحكومة تعتبر أن هذا التصرف غير مقبول إطلاقا، ويجب أن يوضع له حد دون إبطاء، لأن الصورة التي توجه للرأي العام الوطني والدولي، هي صورة العملية الانتخابية التي حسم في أمرها، وأن الحكومة بصدد تنظيم عملية تزوير واسعة النطاق في حين أن الواقع مخالف لذلك، إذ ليس هناك تزوير حكومي، لا واسع النطاق، ولا ضعيف النطاق. بطبيعة الحال قد تحصل تصرفات فردية من طرف هذا المرشح أو ذاك، وإذا حصلت سنتخذ فورا الإجراءات اللازمة لردع كل من تسول له نفسه العبث بقدسية صناديق الاقتراع. هذا أمر محسوم فيه، وعبر عنه الملك محمد السادس غير ما مرة، وخطاب الملك يوم 20 أغسطس (آب) الماضي كان واضحا ومليئا بدلالات هذا السياق، ولذلك نحن نستغرب من قفز هذا الحزب على كل هذه المعطيات، ويحاول أن يبرز في الساحة السياسية على أنه الضحية التي تتباكى أمام الرأي العام، وهذا أمر غير مقبول.

* هل موقف الحكومة هذا هو موقف كافة مكونات الغالبية الحالية؟

- نعم، من دون استثناء، ومن دون تحفظ يمكنني أن أؤكد لك أن الموقف الذي صدر عن الحكومة صدر عنها كمؤسسة وكائتلاف يتكون من خمسة أحزاب، وليس هناك أدنى تحفظ من طرف أي حزب بخصوص رد الفعل الذي تم التعبير عنه، بمعنى أنه رد فعل الحكومة برمتها.

* إذن هذا الموقف يجعلنا نفهم أن احتمال قيام تحالف مع حزب العدالة والتنمية بعد الانتخابات، واقتسام الحكومة معه في حالة تصدره نتائجها وتكليف أحد أعضائه بتشكيلها هو أمر غير وارد وربما مستحيل؟

- للجواب على هذا السؤال يجب أن يكون من الضروري قد حسمت مسألة من تصدر انتخابات 25 نوفمبر المقبل.

* أنا قلت في سؤالي «في حالة تصدر الحزب نتائج الانتخابات»؟

- فهمت أن سؤالك يدخل في إطار الفرضية، ولكن ما يمكنني أن أقوله لك هو أن الدستور الجديد واضح في هذا السياق، وأن الملك محمد السادس أكد على هذا السياق أيضا، ولكن من هنا يبقى القول إن حزب العدالة والتنمية حسم موضوع أنه هو من سيكون متصدر نتائج الانتخابات، هو مقاربة سابقة لأوانها، وعلى كل حال أعتقد أن هناك كثيرا من الأحزاب تتوفر على مؤشرات تسمح لها بالقول إنها هي التي ستكون في المواقع الأمامية، علما أن الأساسي في هذا النقاش، هو أنه باستثناء حزب العدالة والتنمية، ليس هناك حزب واحد تجرأ على القول إنه إذا لم يكن هو الأول في الانتخابات فمعنى ذلك أن الانتخابات مزورة. وعلى كل حال، هذا خط أحمر لم يجرؤ عليه، لا في الماضي ولا في الحاضر، أي حزب من الأحزاب.

* ألا تعتقد أن ما حدث مؤخرا بين الحكومة وحزب العدالة والتنمية يعبر عن وجود أزمة تواصل بينهما؟

- إذا كان الأمر يتعلق بالحكومة فهذه مسألة غير صحيحة، والدليل على ذلك هو أن الحكومة تستدعي حزب العدالة والتنمية لكل النقاشات والمشاورات التي تجريها في واضحة النهار مع الأحزاب السياسية، ولم يحصل أبدا أن كان هناك لقاء مع مختلف الأحزاب، لا في الغالبية ولا في المعارضة، وتم استبعاد حزب العدالة والتنمية، وبالتالي لا يحق إطلاقا لهذا الحزب أن يدعي بأنه مستهدف. هذا أمر غير وارد. بطبيعة الحال هناك خلافات في بعض الأحيان هامة بين مكونات الأغلبية الحكومية وحزب العدالة والتنمية. فهذه الاختلافات أمر طبيعي ولا يمكن اعتبارها بأنها شيء نشاز أو شيء لافت للانتباه أكثر من غيره.

* بعض المراقبين يعتقدون أن الحكومة من خلال موقفها الأخير الصارم إزاء «العدالة والتنمية» تخوض حربا بالوكالة عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، المقرب من دوائر القرار، ضد هذا الحزب، خاصة أن «الأصالة والمعاصرة» كان دائما مستهدفا في تصريحات قياديي «العدالة والتنمية».. ما تعليقك على ذلك؟

- أنا أنفي هذه المقولة جملة وتفصيلا، طولا وعرضا. الحكومة هي حكومة دستورية مطوقة ببرنامج، ومطوقة بتوجيهات ملكية، ومطوقة بمجموعة من الالتزامات الأخلاقية والسياسية، ولا تخدم لا حزب الأصالة والمعاصرة، ولا حزب الاستقلال، ولا حزب التجمع الوطني للأحرار، ولا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ولا حزب الحركة الشعبية، ولا حزب التقدم والاشتراكية. الحكومة تخدم المصلحة العليا للوطن والشعب، وتخدم العمل المؤسساتي الإصلاحي الديمقراطي، وكل من يروج لأطروحة أننا نشتغل بالوكالة لخدمة هذا الحزب أو ذاك إنما يحاول الضحك على الذقون.