روسيا تعارض الحظر الأوروبي على النفط السوري.. وأميركا وأوروبا تصعدان وتسعيان للمزيد

واشنطن: سنواصل الضغط السياسي والاقتصادي لإجبار الأسد على التنحي.. ولندن: العنف الذي يمارسه النظام «غير مقبول بالمرة»

صورة مأخوذة من مواقع سورية معارضة لمتظاهرين يرفعون لافتات تؤيد توحيد المعارضة وتشكيل مجلس وطني في حماه أمس (أوغاريت)
TT

عادت موسكو إلى مواصلة ارتكاب ما سبق أن ارتكبته من أخطاء لدى معالجة الأزمة الليبية، بوقوفها ضد المعارضة في سوريا، التي تظل تتهمها برفض الحوار وتحملها بعض مسؤولية إراقة الدماء وإثارة الفوضى في الشارع السوري في الوقت الذي تكشف فيه عن انحياز إلى مواقف النظام الحاكم وإن طالبته بسرعة تنفيذ ما وعد به من إصلاحات.

وأعلنت موسكو، أمس، رفضها العقوبات التي أعلنها الاتحاد الأوروبي والتي استهدفت حظر استيراد النفط السوري. جاء ذلك بينما لم يستبعد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ضد النظام السوري، مؤكدين أنهم يعملون على استصدار قرار جديد من الأمم المتحدة. من جانبها، اعتبرت واشنطن أن الحظر الأوروبي على النفط سيكون له «تأثير مباشر» على قدرة النظام السوري على تمويل قمع الحركة الاحتجاجية.

وأعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، أمس، عن رفض موسكو لما وصفه بـ«العقوبات أحادية الجانب» بما فيها فرض الحظر على صادرات سوريا النفطية إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. وقال إن بلاده «طالما قالت إن العقوبات أحادية الجانب لن تفضي إلى خير، وإنها تدمر مواقف الشراكة تجاه أي أزمة»، مؤكدا أن روسيا تعارض اتخاذ مثل هذه العقوبات التي أشار إلى أنها «لا تساعد على حل أي أزمة».

من جانبها، انتقدت أجهزة الإعلام الروسية موقف السلطات الرسمية من النظام السوري وقالت إن موسكو تعاود ارتكاب نفس الأخطاء التي سبق أن ارتكبتها حين سوفت في الاعتراف بالمعارضة ووقفت إلى جانب الديكتاتور الليبي معمر القذافي، في إطار براغماتي استهدف ضمنا تصفية حساباتها مع الدوائر الغربية.

وقد عزا بعض المراقبين في موسكو الموقف الذي تتخذه موسكو إلى محاولاتها إعادة الاعتبار لسياساتها التي لقيت فشلا ذريعا في ليبيا، على حد تعبير شبكة «نيوز رو» الإلكترونية، إلى جانب الحفاظ على مصالحها الجيوسياسية وإنقاذ ما جرى توقيعه من عقود حول واردات الأسلحة والمعدات العسكرية إلى سوريا، فضلا عن الحفاظ على ما حصلت عليه من تسهيلات بحرية حربية في ميناء طرطوس السوري ومكاسب في مجالات النفط والغاز لشركتي «غاز بروم» و«تات نفط» اللتين تعاقدتا على التنقيب واستخراج النفط في سوريا. كانت موسكو قد سمحت بمظاهرات قامت بها في موسكو في نهاية أغسطس (آب) الماضي فصائل شبابية تابعة للحزب الحاكم تأييدا للرئيس السوري بشار الأسد وسياسات موسكو في سوريا.

وقال لافروف، في دوشنبه، حيث تنعقد قمة لمجموعة الدول المستقلة (جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق باستثناء دول البلطيق وجورجيا): «لقد سبق أن قلنا إن فرض عقوبات أحادية الجانب ليس بالأمر الجيد، ذلك يقضي على فرص اعتماد نهج مشترك إزاء أي أزمة». وأضاف: «إن العقوبات نادرا ما تؤدي إلى حلول».

وقد عارضت موسكو، باستمرار، فرض عقوبات على سوريا، على غرار الصين، وقاطعت اجتماعا لمجلس الأمن الدولي بخصوص هذا الموضوع.

كما رفضت روسيا التوقف عن بيع أسلحة إلى سوريا على الرغم من دعوة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي طلبت منها «السير مع التاريخ».

كان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، الذي قام بزيارة دمشق الاثنين الماضي، قد صرح بعد ذلك بأن روسيا لا تعتزم تغيير سياستها تجاه سوريا.

في غضون ذلك، لم يستبعد وزراء الخارجية الأوروبيون، السبت، فرض عقوبات جديدة ضد النظام السوري بعد تبني حظر استيراد النفط السوري، وأعلنوا أنهم يعملون على استصدار قرار جديد من الأمم المتحدة.

وردا على سؤال على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في سوبوت (بولندا) حول ضرورة اتخاذ عقوبات جديدة، أجاب الوزير الفرنسي آلان جوبيه: «إذا لم يتغير بشار الأسد، وإذا لم يتغير النظام، فسيتعين زيادة الضغط على سوريا»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

واعتبر نظيره الألماني غيدو فسترفيلي هو الآخر أنه قد يتبين أن فرض عقوبات جديدة أمر ضروري.

وقال للصحافيين: «لا يمكننا أن نستبعد بحث إجراءات إضافية إذا استمر القمع على الرغم من كل شيء».

وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون: «سنواصل ممارسة الضغوط والبحث عن وسائل للقيام بذلك»، مشيرة إلى أن «المحادثات تتواصل».

وأوضح جوبيه: «سوريا ليست ليبيا، لكن (...) ينبغي أن نكون منسجمين مع أنفسنا، ويتعين على المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وفي أي حال فرنسا أن تتحمل مسؤولياتها كاملة في حماية السكان المدنيين من عنف الطغاة». وقال: إن باريس ستواصل لهذا السبب «العمل في الأمم المتحدة من أجل الحصول على إدانة أكثر وضوحا للنظام السوري، وأخيرا العمل مع المعارضة». ورأى أنه «تجب مساعدة المعارضة على تنظيم نفسها» في سوريا أيضا، كما حصل في ليبيا.

من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: إن العنف الذي تمارسه حكومة الأسد «غير مقبول بالمرة»، وإن زيادة الضغط الدولي مطلوبة. وأضاف هيغ أن الحظر الذي فرضته دول الاتحاد الأوروبي على أي مشتريات جديدة من النفط السوري كان خطوة «جوهرية جدا» بالنظر إلى أنها غطت نحو 95% من الصادرات السورية و25% من إيرادات الحكومة السورية.

غير أن هيغ سلم بأن سوريا قد تصدر النفط إلى أماكن أخرى، ولم يوضح ما إذا كانت بريطانيا ستدعم توسيع عقوبات الاتحاد الأوروبي لتشمل حظرا على استثمار شركاته في سوريا، مثلما فعلت الولايات المتحدة الشهر الماضي. وأعرب هيغ عن اعتقاده أن الحكومة السورية ستأخذ الخطوات الجديدة للاتحاد الأوروبي على محمل الجد. وقال: «هذا بالطبع لا يحول دون اتخاذ مزيد من التدابير في المستقبل، سنواصل تكثيف الضغط خلال الشهور المقبلة إذا استمر هذا الوضع، ستكون هناك سبل للمزيد من زيادة الضغط في المستقبل، لكنني قانع بأن هذه هي الاستجابة الصحيحة في الوقت الحالي. إنها استجابة جادة جدا، وسنطلب من دول أخرى في العالم الانضمام إلينا في صنعها». وأضاف أن الوضع في سوريا يشكل خطرا كبيرا على الاستقرار في المنطقة.

وتابع قائلا: إن أي دعوة لتحرك الأمم المتحدة ستهدف إلى زيادة الضغط على السلطات السورية لإنهاء العنف، لكنها لن تشمل تدخلا عسكريا مثلما فعل الغرب في ليبيا.

كانت أسماء 4 مسؤولين اقتصاديين، إضافة إلى 3 شركات (مدى للنقل وشام إنفستمنت غروب وريل أستيت بنك) يشتبه في أنهم قدموا دعما ماليا ولوجيستيا للنظام، أضيفت إلى لائحة المسؤولين والكيانات الذين استهدفتهم قرارات تجميد الأرصدة وحظر تأشيرات الاتحاد الأوروبي، بحسب عدد الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي الصادر أمس.

وفي الأشهر الأخيرة، قرر الاتحاد الأوروبي تجميد أصول وحظر تأشيرات ضد 50 شخصية، بينها 3 مسؤولين إيرانيين، و8 شركات أو منظمات سورية أو إيرانية، إضافة إلى فرض حظر على الأسلحة مطبق منذ 9 مايو (أيار).

من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أمس أن الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على النفط سيكون له «تأثير مباشر» على قدرة النظام السوري على تمويل قمع الحركة الاحتجاجية.

وقالت فيكتوريا نيولاند المتحدثة باسم الخارجية الأميركية «إن مبيعات النفط هي مصدر دخل أساسي ومصدر للعملات الأجنبية لنظام الأسد»، وأضافت أن «الولايات المتحدة ستواصل مع شركائها الأوروبيين زيادة الضغط السياسي والاقتصادي لإجبار الرئيس الأسد على التنحي، ولإفساح المجال أمام الشعب السوري للقيام بانتقال سلمي وديمقراطي يشارك فيه كل السوريين».

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون دعت الخميس من باريس المجتمع الدولي «إلى ترجمة الخطابات إلى أعمال ملموسة عبر زيادة الضغط على الأسد ومحيطه».