السعودية: ضروريات الحياة اليومية تعيد ترتيب أولويات الشراء الموسمية

تجار لـ «الشرق الأوسط»: سوق الملابس الرجالية تنمو بـ5% سنويا.. وارتفاع الأسعار قلص من مبيعاتها

تشهد أسواق الملابس الرجالية إقبالا متوسطا، إلا أن هنالك انخفاضا في حصة الأفراد من الملابس مقارنة بالأعوام الماضية (تصوير: أحمد يسري)
TT

أعادت الأسر في السعودية ترتيب أولوياتها في عملياتها الشرائية، مما خالف التوقعات وأثر في انخفاض مبيعات الملابس بشكل عام، والملابس الرجالية بشكل خاص، بسبب تقاسم ضروريات الحياة من سكن ومواد غذائية ونقل، الحصص الكبرى من ميزانية الأسرة، لا سيما أن حمى ارتفاع الأسعار طالت بشكل أكبر هذه الضروريات وبلغت نسب الارتفاع فيها أكثر من 100 في المائة، خصوصا المواد الغذائية منها.

وأثر واقع حال حمى ارتفاع الأسعار في قطاعات أساسية مثل الغذاء والدواء والسكن والنقل، على مبيعات سوق الملابس الرجالية، على الرغم من استمرار وتيرة نموها الذي أتى بشكل أقل، حيث بقيت بين 3 و5 في المائة سنويا، وذلك بحسب تجار في سوق الملابس الرجالية، أوضحوا لـ«الشرق الأوسط» أن القوة الشرائية للفرد الواحد انخفضت عن السابق، إذ باتوا يحرصون على تقليل كميات الشراء، في إشارة واضحة إلى حرصهم على التوفير ودخول عوامل أخرى حدت من خياراته الشرائية.

وأضح تجار الملابس الرجالية لـ«الشرق الأوسط» أن ارتفاع الأسعار بالنسبة للملابس بشكل عام لا يقارن بارتفاع منتجات وخدمات قطاعات أخرى، إذ إنها لم تتعد في أقصاها حاجز الـ30 في المائة، مرجعين هذه الارتفاعات إلى حالة التضخم وغلاء الأسعار التي يعيشها العالم. وفي مقابل ذلك، بين مهند السبيعي، وهو موظف حكومي، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن حمى ارتفاع الأسعار في المواد الضرورية للحياة من غذاء وغيرها، عزفت به عن شراء الملابس في كل موسم، حيث أصبح يجري عملية التسوق له ولأبنائه من موسمين إلى آخرين يصاحب ذلك تقليل في كميات الملابس من أثواب وشمغ وبناطيل وقمصان وغيرها، حيث إنه لم يعد كالسابق يقتني ثلاث قطع أو أكثر، بل إن الظروف المعيشية أجبرته على الاكتفاء بثوب واحد لكل ابن على سبيل المثال.

وعن الأسباب التي دفعته لذلك، قال إن عمليات التضخم التي أصابت مجالات الحياة كافة، دفعته لإعادة النظر في وضعه وترتيب أولوياته، لا سيما في هذا الوقت الذي يعد وقت تعاقب مواسم شرائية ينبغي للأفراد محدودي ومتوسطي الدخل الانتباه لها كثيرا والتوقف أمام كل عملية لحساب الميزانية، لا سيما أن الموسم الدراسي سيبدأ خلال أيام وهو ما يتطلب أيضا مصاريف، هي الأخرى أصابها حمى ارتفاع الأسعار.

أمام ذلك، يرى راشد الفوزان، الرئيس التنفيذي لشركة «الفوزان وشركاه»، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن سوق الملابس الرجالية شهدت خلال الفترات الماضية إحجاما عن بعض السلع خصوصا الفئات الغالية نسبيا منها، في ظل وجود خيارات عدة بأسعار منافسة، إضافة إلى أن كثيرين قلصوا من مشترياتهم، مرجعا السبب في ذلك إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في البلاد.

وقال الفوزان إنه على الرغم من نمو سوق الملابس الرجالية بنسبة 3 إلى 5 في المائة على أساس سنوي، فإن قطاعات أخرى وتضخم المستورد أثرا في ارتفاع أسعار الملابس الرجالية نسبيا مقارنة بالأعوام الماضي، الأمر الذي حتم على المستهلكين إعادة ترتيب أولوياتهم وتقليص شرائهم للملابس، ولا سيما أن الملابس تحتل المرتبة السادسة في أولويات الأسرة في السعودية. وأشار الفوزان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن آخر أيام شهر رمضان الكريم، شهد ارتفاعا في إقبال الأفراد على شراء الملابس الرجالية، لكن بدا واضحا تقليصهم لعدد الملابس الرجالية من أثواب وشمغ خصوصا، في حين كانوا في السابق يحرصون على اقتناء أكثر من قطعتين لبعض المنتجات.

وتوقع الفوزان أن تشهد أسواق الملابس الرجالية وبعض القطاعات الأخرى انخفاضا في الأسعار بعد أن وصلت ذروتها خلال الأيام الماضية، مبينا أن أي ارتفاع يطرأ بعد ذلك لن يكون أعلى من الارتفاعات التي أصابت الأسواق خلال السنتين الماضيتين.

ولفت الفوزان إلى أن المستهلكين، استوعبوا الارتفاع في الأسعار خلال هذا العام، بعد أن كانوا مفاجئين العام الماضي، حيث برر واقع حال الأسواق في مختلف القطاعات محليا ودوليا ارتفاع أسعار الملابس التي هي أيضا تعاني ارتفاع أسعار المواد الخام عالميا، مشيرا في الوقت ذاته إلى زيادة وعي وإدراك المستهلكين بما في السوق، إذ إن الكثيرين يحرصون على المنتجات غير المقلدة، وسط وجود منتجات تقليدية كثيرة بدأت تغزو السوق خصوصا في ما يتعلق بالشمغ.

ووسط سوق المستلزمات الرجالية في السعودية، التي يقدر حجمها بنحو 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار)، وعلى الرغم من النمو المتواصل لحجم السوق، فإن تجار سوق الملابس الرجالية أكدوا لـ«الشرق الأوسط» وجود انخفاض في القوة الشرائية خلال العامين الماضيين، مرجعين الأسباب في ذلك إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في السعودية ودوليا.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تتميز فيه أسعار الملابس الرجالية التقليدية في السعودية بارتفاع طفيف منذ عام، والتي تتمثل في الملابس الوطنية الرسمية، ابتداء من الأشمغة والغتر البيضاء مرورا بالأثواب والأقمشة، وصولا إلى الملابس الداخلية البيضاء، والقمصان والبناطيل ومختلف منتجات الأقمشة. من جهته، قال ناجي أحمد، وهو بائع في أحد محلات الملابس الرجالية، أن سوق الملابس الرجالية تشهد نموا خفيفا، واستقرارا نسبيا في أسعار السلع مقارنة بالعام الماضي، حيث إن نسب الارتفاع ليست بالكبيرة، مشيرا إلى أن السوق تشهد استقرارا منذ عامين، حيث بدا واضحا انخفاض في القوة الشرائية للفرد على الرغم من الإقبال المتزايد خصوصا خلال شهر رمضان وقبل دخول العيد الذي يعد أفضل مواسم الأسواق الرجالية.

وتشكل هذه الأيام من كل عام، موسم مبيعات كبيرا لأسواق ومحلات بيع الملابس الرجالية من كل عام، حيث تزيد نسبة المبيعات تدريجيا من بداية شهر رمضان إلى أن تبلغ ذروتها قبل يوم العيد بيوم أو يومين، حيث درجت العادة سنويا على التجهز لعيد الفطر المبارك بأثواب وأشمغة وملابس داخلية جديدة، الأمر الذي ينعش حركة سوق الملابس التجارية في السعودية بشكل عام.

وخلال الفترة التي امتدت من نصف رمضان حتى قبل العيد بليلة، يبدأ السعوديون البحث عن تكملة معادلة الزي السعودي الوطني من أشمعة وملابس داخلية وعقال وأحذية، إلا أن هذا العام صادف أيضا موسم السفر لدى الكثيرين الذي يمتاز بقوته الشرائية من الملابس الرسمية و«الكاجول» من قمصان وبناطيل، و«جينز»، وهو ما دفع بالمستهلكين إلى تقليل الكميات الشرائية لتفادي التكاليف الباهظة وتوزيع تكلفة الفاتورة بين الاحتياجات الموسمية بما لا يضر ميزانية الفرد.