«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي 4

لقطة من فيلمها الجديد «و. إ»
TT

* مادونا: الحب هو أن تعطي.. أما الهوس فهو أن تأخذ فقط

* حول فيلمها الجديد «و. إ»: خبراتي التقنية كانت محدودة

* غياب المخرج رومان بولانسكي عن مهرجان فينيسيا نظرا لوضعه القانوني، حيث هو حبيس تلك الدول التي يثق بأنها لن تسلمه للعدالة الأميركية، وإيطاليا، نظريا، ليست منها، خفف من البريق الذي كان فيلمه «أشلاء» يستحق ولو بعضه؛ فالمؤتمرات الصحافية تنفع في ترويج الفيلم ومن فيه، وتخلق مستوى آخر من الحديث عن العمل السينمائي المقدم. المستوى الأول بالطبع هو الفيلم بحد ذاته، أما الثاني فالاستماع إلى ما قد يقوله صاحب العمل أو يحاول إخفاءه.

هذا الغياب كان سينسحب على النهار بأسره لولا فيلم مادونا الجديد W.E، فهي ليست مطلوبة من العدالة، بل من الصحافة، وهي ليست مطالبة بمعاينة سلامتها حيال القوانين المتبعة، بل فقط بالظهور أمام الكاميرات وتوزيع الابتسامات وتوظيف شهرتها لخدمة العمل الفني الذي تقوم به؛ لذلك كان المؤتمر الصحافي الذي عُقد لها بعد عرض الفيلم مكتظا، لكنه لم يكن الوحيد المكتظ. منذ وصول مادونا إلى المرفأ الصغير في الطابق السفلي من فندق أكسلسيور والصحافة ومصوروها تدافعوا صوبها. قد تكون مهنتها الموسيقية والاستعراضية باتت من ملامح الماضي، لكن تلك المهنة هي التي مهدت لها مكانتها الحالية ونجوميتها الطاغية. هي وجمالها وأنوثتها وذلك القدر من الموهبة التي جعلت عشاق الأغنية والاستعراضات الموسيقية يتحلقون حولها ويرفعونها، استحقت ذلك أم لم تستحق، إلى أعلى المراتب.

الآن مادونا ليست مغنية بالدرجة الأولى، هي مخرجة وممثلة، وفيلمها الجديد هذا يؤكد أمرا مهما لم يؤكده فيلمها السابق الذي أخرجته قبل 4 سنوات بعنوان «وساخة وحكمة»، لديها موهبة تتبلور صوب رؤية فنية خاصة وطموح أكيد برغبتها في التحول إلى مخرجة تحقق أفلاما تدخل بها المناسبات والمحافل. في النهاية، نتذكر جميعا، طرحت مادونا نفسها كفنانة شاملة. وهي مثلت في 22 عملا مصورا وأنتجت 9 أعمال سينما وفيديو، روائية وتسجيلية، وكتبت 4 سيناريوهات تم تنفيذها، عدا عن فيلمي فيديو موسيقيين آخرهما في العام الماضي.

«الشرق الأوسط» لا تشترك في المؤتمرات الصحافية التي تعقدها المهرجانات على شرف هذا الفنان أو ذاك ويحضرها مئات الصحافيين، أو تنقلها كما لو كانت مقابلات خاصة. وموعد يوم الجمعة ظهرا كان خاصا بالتأكيد وتم تحديده بفضل انتماء هذا الناقد لجمعية مراسلي هوليوود الأجانب الذين يمنحون أولويات متميزة بحكم موقعهم المهم وجائزتهم السنوية «ذي غولدن غلوب». وهناك في غرفة تكمن في الطابق الثالث من فندق أكسلسيور تمت المقابلة التي قيل إنها محددة بربع ساعة فقط. لكن الحديث استمر ثلاثة أرباع الساعة مع انضمام عدد من أبطال فيلمها، ومنهم: آبي كورنيش، نتالي دورمر، وجيمس دارسي. هؤلاء، وسواهم، يشتركون في حياكة قصتين تقع إحداهما في عهد الملك إدوارد الثامن حول المرأة التي من أجلها ترك العرش حسب الوقائع المحفوظة، والثانية قصة حب معاصرة.

* أن تقدمي على فيلم يجمع بين السيرة الذاتية والتاريخية عمل لا بد له أكثر من دافع، ما هذه الدوافع؟

- دافعي الأول هو رغبتي في تقديم هذه الحكاية منذ 7 سنوات. تحدثت عنها في البداية ثم انشغلت بأعمال أخرى، ثم كتبت فيها ثم توقفت لكني منذ عامين قمت وأليك كششيان بكتابة السيناريو الذي تحول إلى الفيلم الذي شاهدته. لقد قرأت تحقيقا عن الأميركية واليس سيمسون التي من أجلها ترك الملك إدوارد الثامن حكمه ليتزوجها. لم تكن مذكرات كاملة، وبالتأكيد خلقت عندي أسئلة لم أجد إجابات عنها في ذلك التحقيق فعملت على استكمالها.

* أي نوع من الأسئلة تحديدا؟

- أعتقد أن الفيلم يوضح اهتمامي بمعرفة كيف تشعر امرأة وصلت إلى القمة ذات يوم، ثم انحدرت عنها. كل ذلك الشعور بالإحباط واليأس والتقهقر من عالم بدا شاسع الإمكانات ينقلها من واقع إلى آخر، فقط لكي تتراجع عنه بعد حين. هذا هو واحد من الأسئلة التي حاولت الإجابة عنها. أيضا كنت أرغب في أن يعرض الفيلم جوانب شخصية لكل الشخصيات الرئيسية بمن فيها الملك إدوارد الثامن، وبمن فيها شخصيات القصة الأخرى.

* هل كان من بين تلك الدوافع تحبيذك للسير الذاتية؟

- لا، على العكس. أكره الأفلام التي تعتمد على «البيوغرافي»، لكني وجدت في هذه السيرة تحديدا الحرية لكي أقدم حكاية تتحرر من القيود. كنت أريد أن أحكي قصة وليس تقديم عمل واقعي. سألتني عن الدوافع ولا أعتقد أنني أجبت كاملا، هناك وضع خاص لتلك المرأة التي أحبت أو في الحقيقة لكلتا المرأتين. إيفنجي التي أحبت رجل الأمن الروسي في القصة المعاصرة وواليس التي أحبت الملك كما أحبها قبل أن تصبح عبئا عليه. هذه امرأة تسلمت آلاف الرسائل الكارهة. الناس اعتبرتها المسؤولة عن هدم استقرار الملك إدوارد بينما كانت هي الضحية.

* الأسلوب والرؤية

* لماذا كانت القصة المعاصرة مهمة؟

- إنها رابط بين عالمين، نوع من التأكيد أن الحب ومعاناته لا يعرفان الفوارق الزمنية، حتى إن لم تكن القصة المعاصرة مساوية في الأهمية وفي المساحة الخاصة بها، فإن وجودها في اعتقادي كان مفيدا للفيلم.

* مؤخرا، كما تعلمين، حقق «خطاب الملك» نجاحا كبيرا حول العالم على صعيدي الجمهور والنقد وأنجز جوائز مهمة، هل كان ذلك النجاح دافعا لإنجاز المشروع الآن؟

- ربما بصورة غير مباشرة، أحيانا ما يساعد فيلم فيلما آخر من النوع نفسه. بالتأكيد «خطاب الملك» له أثر على تعزيز وجود تلك الأفلام الخاصة ونجاحه مشجع للكثير من الإنتاجات التاريخية المماثلة، لكني كنت أعمل بمنأى عن ذلك الفيلم منذ البداية، وكنت أعلم أنني سأستطيع إنجازه. المسألة كانت مسألة وقت.

* ماذا عن أسلوب تصويرك المعتمد هنا. هناك أولا تطور إيجابي عن معالجتك في فيلمك السابق، هذا فيلم أفضل؟

- أحب اللقطات الطويلة واللقطات القريبة، لكني لم أعمد إلى خياراتي الخاصة، بل استشرت مجموعة كبيرة من العاملين معي، بينهم (مدير التصوير) هاغن بوغادنسكي. أخبرك الحقيقة، مفرداتي التقنية كانت محدودة جدا (تضحك).. لغتي الفنية لم تكن كاملة لكي أنجز العمل جيدا لولا تلك الخبرات التي استندت إليها.

* كيف تصفين اليوم الأول من التصوير؟

- أوه.... كنت قلقة وعصبية، كنت أبحث عن ترجمة فعلية لرغبتي توظيف السينما كمنبر إعلامي. الأغنية تستطيع أن تكون تعبيرا رائعا عن ذات الفنان، لكن السينما هي تعبير أكبر، أضخم. كان قلقي له علاقة بهذا الشأن تحديدا.

* في الفيلم حديث عن الحب وحديث عن الهوس، ما الفرق بين الاثنين؟

- أعتقد أن الحب هو فن العطاء، حين تحب تهب وتمنح من تحب ما لديك من عاطفة وصدق ورغبة في المشاركة، أما الهوس فهو العكس تماما، إنه الأخذ فقط، الاستحواذ.

* جربت الاثنين؟

- طبعا، كل ما أنا عليه اليوم هو نتيجة تجاربي الشخصية، هذا هو حال كل الناس، لكن البعض ربما أقل اهتماما بالتفكير في تجربته. التجربة تعلمنا الكثير في هذه الحياة.

* كيف تنظرين إلى دورك في الحياة اليوم؟

- لا أتعاطى السياسة ولا أحاول أن أفسر الأشياء. ربما حاولت سابقا الاقتراب مما يحدث في هذا العالم، لكني اليوم مؤمنة بأن الطريقة للمساعدة هي أن أنجح كفنانة، أن أواصل العمل للتعبير عن اختياراتي وعن نفسي.

* هل توقفت عن طلب التمثيل؟ - توقفت عن الرغبة في أن أوافق على التمثيل في مشاريع قد تعني شيئا ما لمخرجيها، لكنها لا تعني الكثير من الجمهور، لقد ظهرت كما يبدو عليك تعلم في أفلام لم تحقق النجاح الذي تمنيته لنفسي.

* لكن لم تكن جميعا سيئة.. هل كانت؟

- لا.

* «إيفيتا» كان من الأفلام الجيدة فعلا، كذلك «دك ترايسي»، لكن هل تخططين لمهنة الإخراج من دون التمثيل؟

- سأخرج أفلاما بالتأكيد، لكن كلمة «تخطيط» لا تفي بما يدور في عالمي. لا أستطيع أن أجزم بأني لن أمثل بعد اليوم. على العكس ربما أعرف أنه في يوم ما، ربما العام التالي أو بعد عدة أعوام، سيعجبني دور يعرض علي وسأقوم بتمثيله.

* ما رأيك بالنقد المتفاوت الذي حصده الفيلم؟

- أليس هذا طبيعيا؟ لكن أرى أن معظم المقالات التي كتبت للآن اتفقت على أن هذا الفيلم أفضل من سابقه، هذا وحده أمر جيد.

* ما مشروعك المقبل إذن؟

- ليس لديَّ أي فكرة في الحقيقة، أنا دائما مشغولة، وهناك أكثر من فكرة لكني لم أحدد بعدُ أي منها ستكون مشروعي المقبل، هذا لا يزال من المبكر الحديث فيه بعض الشيء.

* مفكرة

* كايرا نايتلي.. قمة الأداء أو قاعه!

* ما موقف قراء النقد السينمائي حين يطالعون آراء مختلفة حول فيلم أو أداء ممثل أو كتابة سيناريست؟

هل هذا الفيلم مشوق كما يقول هذا الناقد، أو ممل كما يقول ناقد آخر؟ هل القصة تقليدية كما عند أحدهما، أو هي حكاية مبدعة كما عند الآخر؟ وكيف لا يتفقان على أداء ممثل أو ممثلة معينة؟ لماذا يقول الأول إن أداء الممثل الفلاني رائع، بينما يقول الآخر إن أداءه بليد أو سيئ؟

الجواب السريع هو أن على القارئ أن يمضي لما بعد الأسطر الظاهرة ليعرف من أين يأتي الناقد بموقفه، هل ناقده عادة ما لا يعجبه العجب أو أن ناقده متساهل مع أحد جوانب الأفلام أكثر مما يستحق؟ بقدر ما يمنح الناقد مبررات لموقفه، يتأكد هذا الموقف ويصبح رأيا مؤثرا وفاعلا.

أول من أمس (الجمعة) دخلت الممثلة كايرا نايتلي عرين التجاذب بين من أعجب بتمثيلها في فيلم ديفيد كروننبيرغ الجديد «نظام خطر» ورآه جديرا بالأوسكار، وبين آخرين اعتبروا ما أدته أقل مستوى مما وعدت به في أفلامها السابقة.

إكسان بروكس، أحد نقاد صحيفة «الغارديان» البريطانية، وجد تمثيلها جديرا بالأوسكار، لكن زميله ديفيد غريتن وصف تمثيلها في «دايلي تلغراف» بأنه «منفعل إلى درجة خطيرة».

جوستين تشونغ، من مجلة «فاراياتي» رأى أن تمثيلها «نقطة مثيرة للمتاعب»، في حين أن زميله في المجلة المنافسة لها «ذي هوليوود ريبورتر» وجد تمثيلها «ممتازا».

والمسألة ليست مسألة كايرا نايتلي وحدها. جودي فوستر في فيلم رومان بولانسكي «أشلاء» لديها المشكلة ذاتها: هل كانت متشنجة أكثر من اللازم، أم أنها أدت دور المتشنجة أكثر من اللازم جيدا؟ الأول يعني أنها كانت متكلفة والثاني يعني أنها مثلت سلوك المتكلفة بإتقان.

السؤال الآخر الذي يطرحه هذا التباين في وجهات النظر، خصوصا حين ينتصف بين مؤيد ومشجب، هو إذا كان هذا التباين يؤدي إلى عدم ثقة القارئ بأي من هذين الطرفين. والحقيقة أن لديه الحق تماما ما دام بات من الصعب التفرقة بين ما هو مكتوب عن دراية وبين ما هو مكتوب ليبدو أنه دراية، وهذا الانشقاق له تداعياته، ومجاله بحث آخر. لكن المهم هنا هو أن القارئ، نتيجة هذا التباين في الآراء، يستطيع أن يقرأ الاثنين ثم يقرر بنفسه. وإذا تكرر توافق رأيه مع رأي أحد الناقدين يستطيع أن يلتزم به. بذلك يطبق مبدأ كتب عنه أحد النقاد البريطانيين في الخمسينات تحت عنوان «ناقدك المفضل إذا أصاب أو أخطأ».

* بين الأفلام Crazy Horse إخراج: فردريك وايزمان وثائقي - فرنسا

* موضوع الفيلم هو ذلك الملهى الفرنسي المعروف بـ«كريزي هورس» وهو يحيط بتاريخه فيمهد الفيلم لموضوعه بالتنقيب عن المحطات الأهم في تاريخه. المثير هنا هو أن هذا التاريخ لا يتناول السنوات التي مرت على الملهى من حين إنشائه مطلع الخمسينات، بل على عروضه أيضا واختلاف تلك العروض باختلاف المراحل و«النمر» الاستعراضية ذاتها. هناك لغة يحاول المخرج تأكيدها، وهي انسيابية الجسد تبعا للحركة، لكن يفتقد العمل جوانب متعددة يجعل تلك الاستعراضات تبدو متكررة والفترة التي يستغرقها العرض (ساعتان و13 دقيقة) أطول بكثير مما يجب. مما يفتقده مثلا، البحث في الجوانب الفنية المؤسسة لكل تلك الاستعراضات التي شغفت الفرنسيين والزوار طوال تلك الفترة وكان لها الأثر الكبير في نجاح المشروع منذ تأسيسه. هناك، كبديل، الكثير من تصوير ما وراء «الكواليس»، لكن بعد حين لا تنطق تلك المشاهد بأي جديد. ساعة ونصف الساعة كانت ممكنة لفيلم ليس لديه أكثر من ذلك ليسرده، لكنه يفعل على أي حال.

* Testimonies إخراج: شلومي إلكابتز روائي - إسرائيل

* «شهادات» هو فيلم روائي مؤلف من حكايات محورها المواجهة التي وقعت خلال الانتفاضة الثانية، لكنه يستمد من تلك الانتفاضة الحديث الكامل عن كل فترات الصراع السياسي والعسكري القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ليست هناك حكاية واحدة، بل نماذج لحكايات ومواقف تتمحور حول شهادات يقدم الممثلون على الإدلاء بها تتخذ صفة الحديث المباشر إلى الكاميرا. بذلك، يعمد المخرج إلكابتز إلى أسلوب السينما التسجيلية لمنح الفيلم القدرة على التوجه إلى مشاهديه اليهود برسالته التي تدعو إلى تفاهم وسلام، لكنها لا تحاول أن تخدع نفسها أو الآخرين باحتمالات قيامه. تلك المشاهد التي تؤطر فيها الكاميرا ممثليها ليدلوا بشهاداتهم تفعل أكثر من الفعل التوثيقي أو التسجيلي؛ تضع المشاهد الإسرائيلي في مواجهة تلك الشهادة، مما يفرض عليه موقفا من اثنين: تأييد وجهة النظر الفلسطينية، أو رفضها تلقائيا، كما فعلت وزيرة الثقافة والرياضة ليمور ليفنات حين غادرت قاعة العرض الخاص الذي حضرته في تل أبيب، في إشارة إلى رفضها مضمون الفيلم، معتبرة إياه وجهة نظر واحدة. الحقيقة هي أن الممثلين الذين يؤدون أدوار الجنود العسكريين في زمن الانتفاضة الثانية (مساحة الفيلم الزمنية) ليس لديهم ما يبررون فيه موقفهم سوى الدفاع عن ممارساتهم. وفي حين يتحدث بعض الفلسطينيين (ممثلين يهود يقومون بأدوارهم) عن حقائق على الأرض وعن مواقف هي في الصلب سياسية، فإن المتحدثين الإسرائيليين (أي أولئك الذين يؤدون أدوار الجنود والضباط) ليس لديهم ما يواجهون فيه وجهة النظر المناوئة إلا بالدفاع. ولا ينتظر المشاهد طويلا حتى يدرك أين موقع قلب الفيلم مما يعرضه.

W.E إخراج: مادونا روائي - بريطاني

* الفيلم الثاني للمخرجة مادونا، هو دراما بقصتين تسيران متوازيتين: الأولى عن الملك إدوارد الثامن (جيمس دارسي) وحبه للأميركية واليس (أندريا رايزبورو) وكيف أدى ذلك الحب للتضحية بحكمه في قصة بدأت فصولها بعد الشهر الأول من تسلمه الحكم (سنة 1936). والثانية حول امرأة من نيويورك (آبي كورنيش) على علاقة عاطفية برجل أمن روسي. على الرغم من طموحات المخرجة فإن الخطين لا يلتقيان إلا من حيث كونهما رفيقي درب هذا الفيلم. قصة الملك إدوارد تطغى كونها أكثر إثارة للاهتمام، بينما تبدو الثانية كما لو كانت مجرد تنويع على الموضوع أو إضافة غير ضرورية له. وكان الملك إدوارد الثامن (الذي توفي عام 1972) قد استجاب لعواطفه وقرر الزواج من امرأة كانت قد تزوجت مرتين من قبل، وحين أدرك أن الحكومة البريطانية لا تستطيع قبول هذا الموقف، ترك منصبه تلبية لنداء قلبه وسط أزمة سياسية عاتية، ولو أن هذه الاستقالة لم تخلق نهاية سعيدة له أو للمرأة التي أحب. يسعى الفيلم لإحاطة كلية بالتاريخ من دون الدخول في تفاصيله ويختار المحطات التي يتوقف عندها وبل يغير ما يريد من الوقائع. لكن البديل لكل ذلك يبقى محدود الأثر. هذا إنتاج محدود التمويل، تم تصويره بالسوبر 8 وبمقاس 16 مم ثم نفخه إلى 35 مم مع نتائج فنية لا بأس بها وإن ليست متكاملة. على ذلك لا يمكن إغفال حقيقة أن المخرجة تعكس طموحا كبيرا لم يتحقق على الشاشة بالحجم المنشود.

Dangerous Methods إخراج: ديفيد كروننبيرغ روائي – كندي - ألماني

* دراما قاسية الوقع وباردة الأطراف في آن معا حول صراع أدمغة بين سيغموند فرويد (فيغو مورتنسن) وكارل يونغ (مايكل فاسبندر) ينتقل إلى القلب والعاطفة مع دخول امرأة اسمها سابينا (كايرا نايتلي) حياتهما. في البداية تلجأ إلى يونغ للتداوي من هوس جنسي، وإذ تفتقد الحب والاكتفاء العاطفي فإنها تجذب إليها يونغ (المتزوج) الذي يصبح جزءا من المشكلة، خصوصا حينما يكتشف فرويد أن تلميذه في مهنة الطب النفسي سمح لنفسه بتجاوز الحدود. لكن سابينا تنتقل لاحقا من يونغ إلى فرويد، وعلى هذا الأخير الحذر من الوقوع في المطب نفسه. الفيلم ليس دراما نفسية على الإطلاق ولا يحتوي على تشخيص يتجاوز المنطوق في الحوار. على الرغم من أن للفيلم محيطا شاسعا من النماذج الثقافية يستند إليها لتقديم عالمه الثلاثيني، وأجواء ما قبل نشوء الحرب العالمية الثانية (أجواء فيلم مادونا ذاتها)، فإن المطروح محدود بالرغبة في السرد ولا شيء أكثر. هناك تمثيل جيد من كل المعنيين، بما في ذلك كايرا نايتلي، ولو أن المخرج تركها تبتدع سلوكا قد يثير التساؤل. لكن الواقع والحقيقة ليسا من مهام هذا الفيلم الذي ينزوي بعد قليل من بداية عرضه إلى ما يجمع بين أعمال كروننبيرغ كلها، أفكار عميقة يتم تسطيحها ومعالجتها ببرود غير ضروري.