«تاكسي لندن» يجوب شوارع جدة والرياض

يقوده سعوديون ويقدمون خدمات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة

تاكسي لندن فكرة انتقلت من عاصمة الضباب الى شوارع مدن سعودية كبرى تديرها أيدي متخصصين من الشباب السعودي («الشرق الأوسط»)
TT

بعد مرور أكثر من 50 عاما على دوران عجلاته في العاصمة البريطانية، وصل «تاكسي لندن» أخيرا ليجول في طرقات وأحياء جدة والرياض، ليسجل وجودا إنجليزيا جديدا في السعودية، بعد اللغة في المدارس والشماغ المصنع بأيدٍ إنجليزية.

فكرة تاكسي لندن في السعودية أو الخليج لا تختلف، حسب ناصر القحطاني، الرئيس التنفيذي لشركة «أجرة» القابضة، المالكة السعودية لحقوق تاكسي لندن في بريطانيا، والمخولة أيضا بالتشغيل في الإمارات، سواء في الشكل أو في الخدمات، أو في طريقة التعامل مع فريق العمل المكلف بالتوصيل، لدرجة أن الرئيس التنفيذي أكد أن تاكسي لندن السعودية، بدأ من حيث انتهى البريطانيون من حيث ألوان السيارات المستخدمة مثلا.

فشكل السيارة المميز، التي تأتي من بريطانيا إلى السعودية بأسطولها الكبير في كبرى مدن المملكة العربية السعودية، يعطي انطباعا خاصا لراكبها أو لمن يشاهدها كذلك من الخارج، فتضفي على الشوارع اللندنية في تخطيطها أو تنظيمها روحا لحقبة بعيدة في التاريخ وبقعة بعيدة في الجغرافيا.

«الشرق الأوسط» سألت القحطاني عمَّا يميز تاكسي لندن عن سيارات الأجرة في السعودية، وأي منهما يفضل السعوديون والسعوديات لركوب السيارة، فأجاب بأن «ما يميزنا بيئة العمل، التي تتكون من سائقين سعوديين بنسبة 100%، مدربين على هذه المهنة، ويقدمون خدمة أفضل من المعتادة بنفس سعرها تقريبا، كما يقدمون خدمات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة وللأعضاء، كما نقدم خدمة آمنة عبر ما وفرناه من إجراءات في هذا الإطار».

وحول تلك المزايا أيضا يرى الرجل أن «السيارة المخصصة والمعتمدة صُممت أساسا لتكون سيارة تاكسي ومخصصة لنقل أناس لا علاقة لهم بملكية السيارة أو سائقها، فيوجد حاجز بين السائق والركاب يمنع وصول حديثهم الخاص إليه ويمنع أي أشكال الإضرار به من قبل الركاب في الأوقات المتأخرة، ويمنع إيذاءه بالتدخين مثلا، علما بأنه محظور وممنوع داخل المقصورة». وأضاف: «تأمينا للرحلة تتم مراقبة السيارة عبر نظام تتبع آلي موجود في العمليات، يتبع السيارة ويعرف مكانها، الأمر الذي يجعل السائق تحت المراقبة ويدفعه للعمل بمسؤولية أكبر».

القحطاني يقول إن إدارة التاكسي وفرت رقما موحدا للعملاء الذين نسوا أو فقدوا شيئا ما في تاكسي لندن، وهي الأشياء التي تعود إليهم فور العثور عليها، ويستمر الرقم مدة 24 ساعة يوميا.

وحول خدمات ذوي الاحتياجات الخاصة، ذكر أن هؤلاء لا يحتاجون مع تاكسي لندن النزول من عرباتهم المتحركة؛ إذ إن السيارة توفر جسرا بينها وبين الأرض ليصعد الشخص بكرسيه دون حاجة للنزول منه.

فخدمة تاكسي لندن تختلف عن خدمات سيارات الأجرة العادية التي تتجول في الطرق لأخذ المارين والخارجين من الأسواق ومقار الأعمال، وتكون لتاكسي لندن محطات معينة يقف فيها كالمطارات والمجمعات التجارية الكبرى ويأخذ منها الزبائن والعاملين، إلا أنه استدرك أن «بإمكان أي زبون أن يطلب تاكسي لندن ليأتيه إلى حيث هو في منزله أو في عمله لأخذه حيث يريد مرة واحدة أو بشكل مستمر ومتواصل، كما أن الأجرة تؤخذ من الزبون من المحطة لا في نهاية المشوار ولا تعطى للسائق، بينما يعطى الزبون في مقابلها فاتورة يرد له المبلغ إن لم يحصل عليها».

المبالغ، حسب القحطاني، لا تختلف كثيرا عن المعتاد في سيارات الأجرة في السعودية، وتوضع بآلية تم تحديدها مبكرا توضح المسافة بين المحطة والمكان المراد، وتتم التسعيرة وفقها، ولا يقبل أن تعطى تلك الأجرة للسائق وإنما تدفع في المحطة التي انطلقت منها السيارة.

وحول تأهيل السائقين، قال القحطاني: إن ذلك يتم بعد استيفاء شرط تجاوز الـ21 عاما وامتلاك رخصة القيادة والحصول على ما يزيد على الشهادة الابتدائية وتجاوز المقابلة الشخصية؛ حيث نقوم، بالتعاون مع مركز التنظيم الوطني للتدريب المشترك، التابع للمؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني وصندوق تنمية الموارد البشرية، بدفع الراتب لمدة سنتين مع 75% من مقابل التدريب الذي يستمر 3 أشهر.

وبيَّن القحطاني لـ«الشرق الأوسط» أن السائق يجب ألا يكون من العاملين في الوظائف الحكومية أو الخاصة، مشيرا إلى أنه بالإمكان قبول الطلاب ما لم يكن مجال دراستهم عسكريا.

ويحصل المتدرب على دورات تتعلق بالخرائط ومواقع المنشآت المختلفة والشوارع الرئيسية والفرعية، وعلى خدمة العملاء ويحصل على ألفي ريال أثناء التدريب.

وبعد تجاوزه تلك المرحلة ينتقل ليكون سائقا، ليحصل على تأمين ضد الحوادث وتأمين للحماية الاجتماعية كما يحصل على مرتب 3 آلاف ريال وبإمكانه بعد تطور أدائه وخبرته أن يصبح سائقا متخصصا ثم سائقا مرشدا، ليحصل على مرتب 3500 ثم 4 آلاف ريال.

وبإمكان السائق أن يحصل على المزيد من الأموال عبر العقود الخاصة التي يبرمها مع الزبائن فيوصل أحدهم بين منزله وعمله أو منزله ومدرسته أو إلى أي مكان، فتكون الأرباح للسائق وتحصل الشركة على نسبة بسيطة منها، وإذا بقي السائق للساعات الـ8 التي يلتزم ببقائها في المحطة، فإنه يحصل –حسب القحطاني - على مرتبه الأساسي فقط. وأضاف: «يرتدي السائق بذلة خاصة تم تفصيلها لدى خياطين معينين أثناء عمله».

وكشف ناصر القحطاني، رئيس شركة «أجرة القابضة»، القائمة بمشروع تاكسي لندن بالسعودية، عن تعاونهم مع بنك التسليف والادخار لتمكين السائق السعودي من امتلاك السيارة بعد 4 سنوات من عمله في توصيل الزبائن.

وعن الزبائن قال القحطاني: «يتمتع عملاؤنا بإمكانية التسجيل والحصول على العضوية التي تتيح لهم التسوق في عدد من المراكز التجارية والتوصيل مع تاكسي لندن ذهابا وإيابا بأسعار منخفضة».

أما عن الأسعار فأشار، أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنها تتجاوز قليلا ما اعتاده الناس في سيارات الأجرة العادية، لكنها تتميز بخدمة أوسع، كما يقول القحطاني. ودعا القحطاني الناس إلى الحصول على العضوية والتمتع بالخصومات، ذاكرا أن عدد المشتركين حتى الآن في كل من جدة والرياض 35 ألف مشترك ومشتركة.

وبيَّن القحطاني أن هذا الزبون، بالإضافة لتمتعه بالأمان عبر مراقبة مسار السيارة في مركز العمليات، فإنه يضمن حدا معينا للسرعة لا يمكن تجاوزه؛ إذ أشار إلى مشروع «تم» الإلكتروني، الذي يقوم بتسجيل المخالفة على السائق، سواء رصدتها الإدارة العامة للمرور أو لم ترصدها.

وأوضح القحطاني أن كثيرا من الشباب والنساء يعتقدون أن هذا التاكسي مخصص لغير السعوديين بسبب شكله وعدم تعودهم عليه، وهو الأمر الذي سيحاولون إعلاميا معالجته، وإشاعة فكرة أن هذه السيارة التي صممت خصيصا لتساعد الناس في تنقلاتهم اليومية.

وحول مستقبل فكرة تاكسي لندن، أكد القحطاني أن خطتهم تستهدف حاليا المطارات الدولية فالإقليمية ثم الفرعية في المملكة، وأكد، في الوقت ذاته، أن الشركة ستباشر قريبا عملها في مطار الملك خالد بالرياض عند بواباته الـ3 قريبا بعدما وقعت عقدا بهذا الخصوص مع إدارة المطار، وذلك بعد عملها من مدينة الحجاج بمطار الملك عبد العزيز بجدة.

كما كشف لـ«الشرق الأوسط» عن محادثات تجري مع الهيئة العليا للسياحة، لإقرار مشروع تاكسي لندن السياحي للتسهيل للسائحين والسائحات ليجمع بين التسوق والسياحة حسب تعبير القحطاني، على أن يتجه هذا التاكسي فقط للأماكن والمعالم السياحية.

وختم القحطاني حديثه عن الجانب الثقافي من تاكسي لندن بأنه على الرغم من أن الشركة القائمة بالخدمة في المملكة سعودية 100%، فإنه ليس بإمكانهم تحويل اسم التاكسي ليكون مثلا «تاكسي جدة» أو «تاكسي الرياض»، مؤكدا أن دولا كثيرة في أوروبا تستخدمه بالاسم ذاته.

كانت العاصمة البريطانية قد أعلنت، منذ أشهر، أنها ستشهد، وهي الشهيرة بسيارات الأجرة السوداء (التاكسي)، في السنوات القليلة المقبلة «ثورة خضراء» تحولها إلى وسيلة نقل صديقة للبيئة، لتكون بذلك العاصمة العالمية السباقة في تطبيق إجراءات حماية بيئية لسكانها.

من المعروف أن تاكسي لندن من أكثر وسائل النقل الملوثة للبيئة في بريطانيا. وبلغت نسبة مساهمتها في هذا التلويث نحو 16%، الأمر الذي حمل رئيس بلدية لندن، بوريس جونسون، على إطلاق خطة جديدة لتنظيف أجواء لندن، انطلاقا من جعل نسبة تلويث عوادم تاكسيات العاصمة البريطانية تساوي الصفر، وذلك في حلول عام 2020، ودعا إلى الإعداد لهذا الهدف منذ الآن. عمليا، سوف تصبح سيارة التاكسي السوداء الجديدة نسخة من السيارة الرمزية «إل تي آي تي إكس 4» نقية العوادم التي تسيرها خلية وقود تعمل على الهيدروجين، وهي السيارة التي كشف عنها في الصيف الماضي. ومنذ ذلك الحين خضعت السيارة للكثير من اختبارات الأداء والسلامة القاسية، بغية تأهيلها للسير على الطرقات العامة.

وبعد قطع مسافة 8000 ميل من التجارب، جرت الموافقة عليها، وبات هنالك نموذجان منها جاهزان لغزو طرقات العاصمة البريطانية المكتظة بالسيارات والمارة معا.

ومن المعروف أن «تاكسي لندن» الأسود شبه المقوس هو أكثر بكثير من مجرد سيارة أجرة؛ فهو واحد من المعالم الرئيسية التي تحدد شخصية العاصمة البريطانية، وهو تابع لشركة «مانجانيز برونز» البريطانية، التي تملكها حاليا شركة «جيلي» الصينية.