البشير يعلن «طوارئ الحرب» بالنيل الأزرق ويقيل عقار ويعين حاكما عسكريا

اتصالات للحركة الشعبية بفصائل مسلحة لتكوين جبهة للإطاحة بالنظام .. وا

TT

كشفت مصادر مطلعة عن اتصالات مكثفة بين قيادات المعارضة المسلحة في خارج السودان لتشكيل جبهة عريضة للإطاحة بحكومة الرئيس عمر البشير وتبني خيارات عدة بينها العمل المسلح، في وقت أعلن فيه الرئيس عمر البشير عن حالة الطوارئ بولاية النيل الأزرق المتاخمة للجنوب ودولة إثيوبيا وعزل والي الولاية مالك عقار بعد اشتباكات عنيفة بين الخرطوم ومتمردي الجيش الشعبي وسط قلق دولي وإقليمي من تطورات الأوضاع في السودان.

وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» استمرار القتال حتى يوم أمس بين الجيش السوداني وقوات الحركة الشعبية في مناطق مينزا، وباوي وأم درفة وقولنق، ودندرو، وأكد الشهود أن القتال شمل مناطق الكرمك عاصمة ولاية النيل الأزرق، وقيسان، ومدينة الدمازين. من جهته، أصدر الرئيس السوداني عمر البشير قرارين رئاسيين بإعلان حالة الطوارئ بولاية النيل الأزرق التي شهدت مواجهات مسلحة بين الجيش الحكومي والجيش الشعبي، الذراع العسكرية للحركة الشعبية في شمال السودان، فيما أعفى البشير في قراره الثاني والي الولاية المنتخب مالك عقار، وهو رئيس الحركة، وعين البشير حاكما عسكريا على المنطقة، في خطوة تشير إلى استمرار التصعيد بين الحكومة والمتمردين. وكان عقار قد انتخب في مايو (أيار) 2010 خلال الانتخابات العامة التي جرت بالسودان، وتعد الولاية من الولايات المهمة نسبة لموقعها الحدودي القريب من دولة السودان الجنوبي، وانتشار آلاف المحاربين الذين حاربوا إلى جانب الجنوبيين خلال حربهم الطويلة ضد الخرطوم، ولموقع الولاية الموازي لدولة إثيوبيا التي تقع إلى الشرق، وتضم الولاية كذلك خزان الروصيرص لتوليد الطاقة الكهربائية، ويتحالف سكان ولاية النيل الأزرق مع سكان جنوب كردفان من قبائل النوبة، وتضم الولاية سكانا ينتمون إلى قبائل الأنقسنا والفونج، وهي من الممالك السودانية القديمة، إلى جانب الوطاويط، والبرنو، وقبائل أخرى ذات أصول عربية، وكان اتفاق السلام الشامل الموقع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية قد منح سكان النيل الأزرق وجنوب كردفان حق المشورة الشعبية، لمعرفة رأيهم في اتفاقية السلام، إلا أن البرلمان السوداني أجل إجراء المشورة، وهو ما أثار غضب والي الولاية مالك عقار، واعتبرت الحركة الشعبية عزل عقار «انقلابا سياسيا وعسكريا» على اتفاقية السلام، وطالبت ضامني اتفاق السلام بالتدخل والقيام بدورهم في عملية السلام السودانية، وطالبت الحركة المجتمع الدولي بفرض حظر جوي على الطيران السوداني الحربي يمتد من دارفور وجنوب كردفان إلى النيل الأزرق.

في غضون ذلك أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط » أن الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان طرح على عدد من قيادات دارفور الانخراط في جبهة عريضة للمعارضة تهدف إلى إسقاط حكومة الرئيس البشير، وتقديم المسؤولين السودانيين لمحاكمات على ما اعتبره ارتكاب جرائم حرب، وشملت الاتصالات عبد الواحد نور، ومني أركو مناوي، وقيادات من حركة العدل والمساواة، وسط أنباء بوصول زعيم الحركة خليل إبراهيم إلى إقليم دارفور المضطرب بعد انهيار نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، وكانت الحركة قد وجهت نداء للمجتمع الدولي بضرورة توفير أمن لإبراهيم وإنقاذ حياته بعد تعرض عدد من الأفارقة لمضايقات وانتهاكات من الثوار الليبيين لاتهامهم بالقتال إلى جانب القذافي.

وأشارت المصادر إلى أن الحركة الشعبية ستجري اتصالات بقيادات المعارضة في داخل السودان للتنسيق من أجل إسقاط الحكومة، وفي ذات السياق دعا متمردو دارفور إلى توحيد المعارضة المسلحة في بيانات صحافية تضامنت مع الحركة الشعبية، في وقت أدان فيه رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي إعلان الحرب، وحذر من استمرار الحرب والحلول الجزئية التي ستقسم السودان. وأشار بيان لحزب الأمة القومي إلى أن الحزب سيجري اتصالات مع كل القوى السياسية لعقد مؤتمر جامع ومناقشة الأزمة السودانية والتوصل لاتفاق سياسي يجنب البلاد خطر التمزق على حسب زعم الحزب، وفي سياق ذي صلة عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من تطورات الأوضاع في السودان، ودعا لوقف المعارك والسماح بدخول منظمات الإغاثة، وهي دعوة وجهتها أيضا واشنطن التي طلبت مفاوضات رسمية تتوج بتسوية سياسية، واحترام وقف أحادي لإطلاق النار أعلنه البشير الشهر الماضي لأسبوعين، واتهمت حكومته بعدم احترامه. وتوقعت مصادر دبلوماسية قيام وسيط السلام السوداني ثامبو مبيكي ورئيس الوزراء الإثيوبي باتصالات بين الفرقاء للضغط عليهم للعودة إلى مفاوضات أديس أبابا، وكان الطرفان قد وقعا على اتفاق إطاري في يونيو (حزيران) الماضي، إلا أن الرئيس البشير رفض التفاوض خارج السودان، وأكد عدم شرعية الحركة الشعبية كحزب سياسي لامتلاكها قوة مسلحة، ويقدر عدد مقاتلي الجيش الشعبي بنحو 40 ألفا من المحاربين السابقين في الجيش الشعبي الجنوبي.