اليمن: مخاوف من انفجار الوضع العسكري

مصدر قبلي لـ «الشرق الأوسط» : تسلل عناصر «القاعدة» إلى محافظة مأرب النفطية بعد تراجعها في أبين

متظاهرون مناوئون لنظام حكم الرئيس علي عبد الله صالح يرددون شعارات ضد النظام في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

تشهد صنعاء وعدد من المدن اليمنية انتشارا مكثفا للمسلحين، سواء أكانوا من العسكريين أم من رجال القبائل، مما ينذر، حسب مراقبين، بانفجار الوضع عسكريا. وعلى الرغم من الهدوء الذي يسود معظم المحاور الساخنة خلال أيام العيد فإن عددا من المراقبين يخشون أن يكون ذلك هو الهدوء الذي يسبق العاصفة.

يقول راجح بادي، رئيس تحرير صحيفة «الصحوة الإسلامية»، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «إن الناس اليوم يتحدثون عن نوع من الهدوء في صنعاء وغيرها من المحافظات، غير أن غالبية الناس يشعرون بالقلق الشديد من أن يكون ذلك هو الهدوء الذي يسبق العاصفة»، حسب تعبيره.

كان وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد قال في حوار مع «الشرق الأوسط»، نُشر أمس: إن إمكانية اندلاع العنف المسلح في اليمن عالية. يأتي ذلك في وقت جددت فيه الولايات المتحدة تحذير رعاياها من السفر إلى اليمن، نظرا لأن مستوى التهديد الأمني لا يزال مرتفعا في تلك الدولة العربية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، إنها «تحذر المواطنين من مستوى التهديد الأمني المرتفع في اليمن، جراء القلاقل المدنية والأنشطة الإرهابية.. وتوصي بتأجيل السفر غير الضروري إلى اليمن». ونصحت واشنطن رعاياها بـ«توخي الحذر»، خاصة في المواقع التي يرتادها الأجانب في أنحاء البلاد، كما أعربت عن قلقها من «اعتداءات محتملة من قبل أفراد أو مجموعات متشددة ضد مواطنين ومرافق وشركات تجارية ومصالح أميركية». ودعت رعاياها، الذين يسافرون أو الباقين في اليمن، إلى «توخي الحذر، وأخذ تدابير أمنية، بما فيها الحفاظ على مستوى عالٍ من اليقظة، وتجنب الحشود والمظاهرات». كما يأتي ذلك في أعقاب بيان أصدره اللواء المنشق علي محسن، هدد فيه باستخدام القوة لضمان نجاح الثورة اليمنية، وقال: «نحن نعلم أن الثورة سوف تحتاج التدخل العسكري، وسنعمل على تحقيق ذلك».

وقد شهدت مدينة تعز، أمس السبت، أول مظاهرة حاشدة خلال أيام عيد الفطر المبارك شارك فيها عشرات الآلاف من المتظاهرين إيذانا بتدشين ما سموه المرحلة الأخيرة من مراحل التصعيد الثوري التي حددوا لها 3 مراحل ستنفذ خلال أسبوعين، ولكل مرحلة من تلك المراحل وسائلها وأساليبها التي ستختلف من مرحلة إلى أخرى سيسقطون خلالها الكثير من مناطق المحافظة الواقعة تحت سيطرة ما سموها «بقايا النظام» وبشكل سلمي.

وطالب المتظاهرون ثوار صنعاء بسرعة الزحف نحو القصر الجمهوري وهم يهتفون: «يا صنعاء ثوري ثوري نحو القصر الجمهوري». وقد دعت اللجنة التنظيمية لثورة الشباب في اليمن إلى تصعيد الاحتجاجات على نظام حكم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح والخروج في مظاهرات مليونية اليوم من أجل «التصعيد الثوري» الذي يخطط الشباب له ليكون وسيلة للضغط على ما يسمونها «بقايا النظام» إلى الرحيل.

على الصعيد السياسي، من المرتقب أن يعقد حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم في اليمن اجتماعا، خلال أيام، بموجب تفويض الرئيس علي عبد الله صالح له للمصادقة على مشروع آلية لتنفيذ المبادرة الخليجية. ومن المنتظر أن تعقد اللجنة العامة، المكتب السياسي، لحزب «المؤتمر الشعبي» الحاكم اجتماعا استثنائيا، خلال أيام، بموجب تفويض صالح لها لمصادقة على مشروع آلية لتنفيذ المبادرة الخليجية تنص على أن ينقل صالح سلطاته إلى نائبه وأن يدعو لانتخاب رئيس جديد خلال 90 يوما في حين تتولى المعارضة تشكيل حكومة وحدة وطنية وتتولى لجنة عسكرية إعادة هيكلة الجيش. غير أن خطوة كهذه ربما لا تلاقي القبول من أطراف في المعارضة على الرغم من تكهنات بوجود قبول مبدئي للانتخابات المبكرة، غير أن ما يمكن أن يكون عائقا أمام نجاح خطة كهذه هو الشباب المعتصمون الذين يصرون على رحيل النظام بشكل فوري.

وفي موضع ذي علاقة، تمكن أفراد من قوات اللواء 31 مدرع في محافظة أبين، من إلقاء القبض على 7 من عناصر «القاعدة»، حاولت قبيل مغرب أمس السبت، التسلل، عبر البحر، إلى مواقع الجيش المتمركزة بالقرب من مصانع النشور الواقعة بين مدينتي الكود والشيخ عبد الله، وقالت مصادر عسكرية بأن العناصر التي تم إلقاء القبض عليها تم ترحيلهم، أمس، إلى مدينة عدن. وكانت جبهات القتال في محافظة أبين، شهدت خلال الأيام الثلاثة الماضية، تفوقا ملحوظا لقوات الجيش اليمني على العناصر الجهادية، وذلك بعد مرور أكثر من 3 أشهر من بدء المواجهات بين الطرفين في المحافظة. وتمكنت وحدات تابعة للألوية 31 و39 و119 من التقدم إلى مشارف مدينة الكود، أول من أمس، وفرضت طوقا أمنيا حولها، فيما شوهدت عناصر «القاعدة»، أو من يسمون أنفسهم «جماعة أنصار الشريعة» وهي تتراجع صوب المزارع المحاذية لمدينة زنجبار، وذلك على بعد نحو 4 كيلومترات من أماكن تمركز قوات الجيش. وذكرت مصادر إعلامية يمنية أن الألوية الثلاثة تستعد خلال الساعات المقبلة لشن هجوم كاسح على مواقع تمركز المسلحين، وفك الحصار عن قوات اللواء 25 ميكا، المرابط في مدينة زنجبار منذ بدء المواجهات، وقالت المصادر بأن الجنود بانتظار الأوامر استعدادا لدخول مدينة زنجبار، خلال الساعات المقبلة، حيث تم حشد قوة كبيرة من السلاح والعتاد والجنود استعدادا لاقتحام المدينة. وأكد شهود عيان أن العناصر المسلحة تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات خلال المواجهات الأخيرة، بلغت أكثر من 75 قتيلا، تم دفنهم في مقابر مدينة جعار، ومقبرة مصنع 7 أكتوبر، بما فيهم بعض القيادات البارزة في التنظيم. وأشارت الأنباء الواردة من أبين، إلى أن عددا من قيادات الجيش يقودون المعارك في أبين، استعدادا لاقتحام مدينة زنجبار، على رأسهم وزير الدفاع، اللواء الركن محمد ناصر أحمد، وقائد المنطقة الجنوبية، اللواء مهدي مقولة، وقائد اللواء 39 العميد علي الجرباني، وقائد اللواء 119 فيصل رجب، وقائد المحور الغربي «العند» العميد الركن محمود الصبيحي، الذي يشرف بشكل يومي ومباشر على العمليات القتالية التي تنفذها قوات الجيش ضد عناصر «القاعدة» في أبين.

وفي السياق ذاته، قال مصدر قبلي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن بعضا من عناصر «القاعدة» قد بدأت تتوافد على محافظة مأرب بعد احتدام المعارك بين العناصر المرتبطة بـ«القاعدة» وقوات الجيش في أبين. وأضاف المصدر القبلي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن «بعضا من القطع العسكرية التي استولت عليها (القاعدة) في معاركها مع الجيش في أبين قد بدأت تصل إلى مأرب في مؤشر على احتمال أن تكون محافظة مأرب النفطية هي النقطة الساخنة القادمة في هذا الملف»، حسب تعبيره.