والدة خالد ومحمد الإسلامبولي: ولدي سلم نفسه لأمن المطار وأخبرهم أنه مطلوب لتنفيذ حكم بالإعدام

الحاجة قدرية لـ «الشرق الأوسط»: ابني قتل السادات لأنه باعنا لليهود.. وأطلب من المجلس العسكري العفو عن الثاني

TT

منذ عام 1981، ذاقت مرارة الحزن على فراق فلذات أكبادها، حيث نفذ في أحدهما حكما بالإعدام، وظل الثاني هاربا طيلة 30 عاما من مطاردة دولية شرسة.. وتقول الحاجة قدرية محمد علي، والدة خالد ومحمد شوقي الإسلامبولي، إنها لم تعرف معنى راحة البال منذ أطلق ابنها خالد النار على الرئيس الأسبق أنور السادات ليرديه قتيلا في واقعة المنصة الشهيرة في احتفالات 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1981. وأشارت الحاجة قدرية إلى أن تلك الرصاصات أنهت حياة السادات وخالد الإسلامبولي معا، كما أدت إلى أن يظل نجلها الآخر محمد شوقي ينتقل من مكان لآخر داخل مصر هربا من المضايقات الأمنية المتلاحقة طيلة 5 سنوات، قبل أن يهرب إلى خارج مصر نهائيا، حيث جبال أفغانستان ودروب إيران واليمن، وظل على هذه الحال حتى عاد منذ أيام إلى القاهرة. شوقي الذي حكم عليه بالإعدام في قضية «العائدون من أفغانستان»، رحل إلى محبسه بسجن العقرب فور وصولة إلى أرض المطار، حيث تعرضت صحته لاعتلال بسبب أزمة قلبية حادة تعرض لها.. وعلى الرغم من صعوبة ما قاسته، أعربت الحاجة قدرية عن تفاؤلها بعد ثورة 25 يناير في مصر، وأن يجد ابنها محاكمة عادلة تظهر براءته.

وإلى نص الحوار..

> كيف استقبلت خبر عودة ابنك بعد سنوات من الغربة وكيف كان اللقاء بينكما؟

- الحمد لله، أنا سعيدة جدا لعودته، كنت طوال رمضان أدعو الله أن يعيده لي. وبعد أن سمحوا لي برؤيته، ظل يقبل يدي وهو يردد في غاية الفرحة «عدت لبلدي.. عدت لبلدي». وكان اللقاء غير كل لقاء، فالحال تغير ودخل ابني المطار لأول مرة من دون صحبة أمنية، بل إنه ذهب للأمن وقال لهم أنا محمد شوقي الإسلامبولي، وصادر بحقي حكم بالإعدام وأريد أن أسلم نفسي.

> ماذا تتوقعين أن يكون مصير محمد بعد أن سلم نفسه؟

- كل ما أتمناه أن يتم علاجه.. فهو في حالة صحية حرجة للغاية. ونحن على استعداد لمعالجته دون مساعدة الدولة. والأمر الثاني الذي أطلبه من الله ثم من المسؤولين هو أن يصدر العفو عنه في الأحكام الصادرة ضده.

> هل كان محمد رهن الإقامة الجبرية في طهران؟

- نعم، علمت أنه كان رهن الإقامة الجبرية في إيران، وأن معاملة النظام الإيراني كانت تختلف معه وفق تحسن أو سوء العلاقات مع مصر. ولكن، ليس لدي معلومات عن وضعه في إيران منذ عودتي، ولم أعرف عنه شيئا وقطعت الاتصالات بيننا لفترة لضمان سلامته.

> حدثينا عن رحلتكم خارج مصر بين أفغانستان وإيران؟

- بعد أن ازدادت الأوضاع سوءا في مصر وازداد التضييق الأمني، قال زوجي لمحمد، اترك هذا البلد وابحث لك عن لقمة عيش في مكان آخر. فتركنا مصر وسافرنا متجهين إلى اليمن، واستقر بنا المقام هناك لبضعة أشهر. ولكن، لأن هناك معاهدة بين اليمن ومصر لتسليم من يصفونهم بالإرهابيين، سافرنا من اليمن، إلى إيران، وقضينا هناك ما يقرب من 3 سنوات. وتم استقبالنا خلالها استقبال الأبطال، وتسكيننا في أكثر الأماكن رقيا. وكنا نتحرك في البلد بمطلق الحرية، وكان الكل يقدرنا والحمد لله. بعد ذلك، ذهبنا إلى أفغانستان، وكنا نسكن في العاصمة كابل، كنا نعيش حياة راقية، وكان كل المجاهدين يزوروننا في المنزل، حتى من يأتي حديثا إلى أفغانستان كانوا يجلسون عندنا في منزلنا. وطالبت السلطات المصرية أفغانستان بتسليمنا باعتبارنا إرهابيين، لكن الملا عمر رفض وقال «كيف أُسلِّم من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، لن أسلم لأن أفغانستان دولة كل مسلم».

> كيف تركتم أفغانستان إذن؟

- وقت العدوان الأميركي على أفغانستان في عام 2001، بثت الإذاعة الأفغانية رسائل صوتية كان مفادها عدم رغبة الحكومة في بقاء أي مسلم سوى المسلمين الأفغان، فخرج العرب والعديد من الجنسيات المسلمة الأخرى من أفغانستان وخرجنا معهم عبر المناطق الجبلية. وكنا نمشي وسط قذف الطائرات والقنابل وأسلحة أخرى تقوم بقتل النباتات وشفط الأكسجين، حتى يضمنوا موتنا. وكان الأطفال يلهون في التراب، وعندما كنت أسألهم ماذا تفعلون، كانوا يقولوا لي: «نحفر قبورا جماعية حتى ندفن بها عندما نموت».. إلا أننا نجونا بفضل الله.

> إلى أين ذهبتم بعدها؟

- ذهبت وحدي إلى إيران وتركت محمد في أفغانستان. وجلست 15 يوما هناك، ومنها سافرت إلى دبي ثم عدت إلى مصر في عام 2002. ولست أنا وحدي من تركت ابني وعدت، فكل الشباب هناك لهم أهل لا يستطيعون رؤيتهم والاطمئنان عليهم، ولم يسافروا برغبتهم ولكن ظروف البلد دفعتهم لذلك. > وكيف ترين الثورة المصرية وماذا تطلبين من المجلس العسكري الحاكم؟

- الـ18 يوما التي اعتصم فيهم الثوار في ميدان التحرير، أشعرتني بأن حلم خالد الإسلامبولي بدأ يتحقق، لأن ابني لم يقتل السادات إلا بعد أن أهان (السادات) الإسلام وباعنا لليهود. وأعتقد أن مصر قادمة لأن الشباب المصري أظهر حبه للبلد ويريد إصلاحها. أما ما أتمناه من المجلس العسكري فهو أن يسقط الأحكام العسكرية على هؤلاء الشباب، وأن يرجعوهم إلى مصر مرة أخرى.. فهم لم يرغبوا يوما في ترك بلادهم. وأرغب فقط في المحاكمة العادلة، فقد ترافع والد محمد عنه في الحكمين الصادرين ضده، أحدهما حكم بالإعدام في قضية «العائدون من أفغانستان»، والآخر خمسة عشر عاما في قضية «العائدون من ألبانيا». ولكنه ترك المحاماة بعد أن رأى أنه لا يوجد حكم عادل.. فكل ما أتمناه هو المحاكمة العدالة أو العفو عن ابني.