غضب في قيادة الجيش الإسرائيلي من تبجح نتنياهو و«حرب الكرامات الفاشلة» التي يديرها

دبلوماسي عربي مبتدئ يقود السفارة الإسرائيلية في تركيا

TT

أسفرت الأزمة الدبلوماسية بين حكومتي إسرائيل وتركيا، التي شملت تخفيض مستوى التمثيل بين البلدين إلى الدرجة الثالثة، عن تولي دبلوماسي عربي مبتدئ مهمة قيادة السفارة الإسرائيلية في أنقرة. وفي حين كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتوقع أن يثير موقفه «الرافض للاعتذار» موجة تقدير واعتزاز به في الساحة الداخلية، خرجت أوساط عسكرية تظهر غضبها وتقول إن نتنياهو انقاد وراء وزير خارجيته المعربد، أفيغدور ليبرمان، ولكنه ضرب بذلك مصالح إسرائيل الاستراتيجية.

وكان نتنياهو قد حاول في مفتتح جلسة حكومته أمس، إظهار موقفه الرافض للاعتذار، بمثابة دفاع عن جنود الكوماندوز البحري الذين هاجموا في حينه (شهر مايو/ أيار 2010) سفينة «مرمرة»، وقتلوا تسعة مواطنين أتراك. فقال: «نُشر في نهاية الأسبوع الماضي تقرير الأمم المتحدة المسمى (تقرير بالمر)، وحسم أن دولة إسرائيل تصرفت خلال أحداث (مرمرة) وفقا للقانون الدولي. وحددت لجنة بالمر ما علمناه منذ اللحظة الأولى أن لإسرائيل الحق الكامل والأساسي في الدفاع عن نفسها. لن نعتذر عن قيام جنود الكوماندوز بالدفاع على أنفسهم(...). لن نعتذر عن أننا نعمل لوقف تهريب الأسلحة لحماس، وهي منظمة إرهابية أطلقت أكثر من عشرة آلاف صاروخ وقذيفة هاون على مواطنينا. لن نعتذر عن أننا نسعى إلى الدفاع عن مواطنينا وأطفالنا وبلداتنا. أريد أن أقول لجنود الكوماندوز: كما أنكم وباقي جنود جيش الدفاع الإسرائيلي تدافعون عنا، سندافع نحن عنكم في كل مكان وفي كل منتدى. وإضافة لذلك، أكرر وأقول: دولة إسرائيل تأسف على سقوط قتلى. وآمل أن توجد طريقة للتغلب على الخلاف مع تركيا. لم ترد إسرائيل أبدا أن تتدهور علاقاتها مع تركيا ولا نريد ذلك الآن».

وبدا واضحا من هذا التصريح، أن نتنياهو يرد على تلك الأوساط العسكرية التي تعتبر عدم الاعتذار لتركيا خطأ سياسيا واستراتيجيا فاحشا. ولكن مصادر مقربة من الجيش الإسرائيلي، ردت بدورها قائلة، إن الأضرار اللاحقة بإسرائيل جراء الأزمة مع تركيا تخلق سلسلة ضربات للجيش وللصناعات الإسرائيلية العسكرية؛ فالضربة الأولى هي فقدان حليف استراتيجي إقليمي، حيث إن الجيشين التركي والإسرائيلي يقيمان علاقات تعاون عميقة جدا تنطوي على تنسيق دائم في التطورات الإقليمية. ومثل هذا التنسيق مهم ولا تنازل عنه، خصوصا الآن في ظل الأوضاع في سوريا والعراق والدور الإيراني. والضربة الثانية تكمن في الإساءة للعلاقات الإسرائيلية - الأميركية، حيث إن الولايات المتحدة كانت قد توجهت رسميا لإسرائيل حتى تعتذر لتركيا أو تتوصل معها إلى أية صيغة تنهي الأزمة بينهما. والرفض الإسرائيلي أغضب واشنطن جدا. والضربة الثالثة تتم على مستوى مكافحة الإرهاب، فإسرائيل لا تستطيع الاستغناء عن الدور التركي في هذا المجال.

ورفضت هذه المصادر إعطاء تفصيلات عن نوعية التعاون التركي - الإسرائيلي في مجال مكافحة الإرهاب، ولكنها وافقت على القول: «إن أهمية هذا التعاون ستعرف جيدا عندما يغيب هذا التعاون. فمنذ اليوم فصاعدا، سيكون على إسرائيل أن تعتمد على قواها الذاتية مع مكافحة نشاطات الإرهاب الإقليمية».

وأما الضربة الرابعة، وفقا للمصادر العسكرية المذكورة، فتتعلق بالصناعات العسكرية الإسرائيلية؛ فإسرائيل تبيع أسلحة عديدة لتركيا تصل قيمتها إلى مئات عدة من ملايين الدولارات كل سنة. وفقدان السوق التركية قد يحدث أزمة لهذه الصناعات، إذا لم توجد أسواق أخرى.

وأما الضربة الخامسة، فتتعلق بالنشاط التركي في القضاء الدولي ضد ضباط الجيش الإسرائيلي. فقد أعلنت تركيا أنها ستتوجه إلى محكمة لاهاي بشكوى ضد إسرائيل على هجومها على سفن أسطول الحرية، وحتى لو فشلت، فإن هناك خطرا دائما طوال إجراء المحكمة لاعتقال كبار ضباط الجيش في فترة الهجوم، وبينهم رئيس الأركان السابق، غابي أشكينازي.

يذكر أن تركيا بادرت إلى قرار بطرد السفير الإسرائيلي في أنقرة (كان قد عاد مسبقا إلى إسرائيل حتى لا يطرد بشكل مهين) ونائبته والملحق العسكري والملحق التجاري والملحق الثقافي، وسحبت سفيرها من إسرائيل ورؤساء الدوائر والملاحق. وبقي مسؤول أول في السفارة الإسرائيلية في أنقرة، هو الناطق بلسان السفارة، وهو مواطن عربي من فلسطينيي 48، ويدعى نزار عمار (31 عاما). أرسل للعمل في السفارة قبل ثلاثة أسابيع فقط، وهذه أول مهمة له في الخارج. ومع أن هناك قنصلا عاما في أنقرة وآخر في إسطنبول، إلا أن العلاقات التمثيلية أمام وزارة الخارجية التركية يجريها مندوب السفارة وليس القنصل.