منظمات حقوقية عالمية: الأمن السوري يستهدف أقارب معارضين بالتهديد والاعتقال والاعتداء

مسؤول في مجال حقوق الإنسان: الاستهداف يعيدنا إلى العصور الوسطى

TT

استنكرت كل من الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والفيدرالية الأورومتوسطية ضد حالات الاختفاء القسري، في بيان مشترك، استهداف أجهزة الأمن السورية ومن يسمون بـ«الشبيحة» أقارب الناشطين السوريين المقيمين داخل سوريا، عبر ملاحقتهم واعتقالهم وإخضاعهم «لتعذيب وحشي»، في محاولة للانتقام من المعارضين المقيمين خارج البلاد والضغط عليهم للتخفيف من حدة الانتقادات اللاذعة التي ما برحوا يوجهونها ضد نظام الرئيس بشار الأسد منذ اندلاع الانتفاضة السورية الشعبية في 15 مارس (آذار) الماضي.

ويتوقف البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، عند «تصاعد الاعتقالات التعسفية وأعمال المضايقات المنهجية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المطالبين بالديمقراطية وأفراد عائلاتهم». وكانت المخابرات الجوية، وهي واحدة من العديد من الهيئات الأمنية العاملة في سوريا، قامت باعتقال ياسين زيادة، شقيق المعارض السوري المعروف رضوان زيادة، رئيس مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان والناشط الأبرز في توثيق انتهاكات النظام السوري ضد المتظاهرين السلميين وتقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية. ولعب زيادة دورا مهما في إبراز وجهة نظر المعارضة السورية للولايات المتحدة الأميركية عبر لقاء جمعه إضافة إلى عدد من المعارضين مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون.

وتشير المنظمات الحقوقية العالمية إلى أنه منذ بداية الانتفاضة الشعبية في سوريا «قامت أجهزة الأمن السورية في حالات عديدة باستهداف نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء المطالبين بالديمقراطية من خلال استهداف أفراد عائلاتهم».

وأوردت، في بيانها، سلسلة من الوقائع، كاعتقال الأجهزة الأمنية في 20 أغسطس (آب) الفائت محمد خضر غليون، شقيق المعارض البارز برهان غليون، المقيم في فرنسا. وقبل بضعة أسابيع من ذلك، اعتقلت السلطات السورية وائل حمادة زوج المحامية والحقوقية البارزة رزان زيتونة، كما اعتقلت شقيقه عبد الرحمن حمادة، سعيا من السلطات إلى دفع رزان زيتونة إلى الاستسلام.

وتعرض أفراد أسرة كل من الناشطة دانا إبراهيم الجوابرة، والناشط علي العبد الله، لعمليات اعتقال شبيهة خلال يوليو (تموز) الفائت. وهذه الحالات وفق البيان عينه «ليست حالات منعزلة، ويبدو أنها تندرج في إطار استراتيجية منهجية ومتعمدة».

ورأى جيرالد ستابيروك، الأمين العام للمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، أن «استهداف أفراد عائلات النشطاء يعيدنا إلى العصور الوسطى، وهذه الممارسات تجري بعد بضعة أيام فقط من قيام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشجب السلطات السورية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، على أثر التقرير الذي قدمه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، مما يظهر استخفاف السلطات السورية بمنظومة حقوق الإنسان». وأضاف «يتعين علينا العمل على إنهاء هذه الانتهاكات فورا، وعلينا فرض مساءلة دولية على الجهات المسؤولة عن هذه التصرفات الفظيعة».

وطالب البيان السلطات السورية «بالكف عن جميع أعمال المضايقات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المطالبين بالديمقراطية، وأن تفرج فورا ومن دون شروط عن جميع الأشخاص المحتجزين تعسفيا، وأن تلتزم وفي جميع الظروف بإعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة (1998) وبالصكوك الدولية المعنية بحقوق الإنسان المُلزمة للسلطات السورية».

يذكر أن عائلة الموسيقار السوري - الأميركي مالك الجندلي قد تعرضت في مدينة حمص إلى اعتداء وحشي من قبل أجهزة الأمن، حيث عمد ثلاثة من عناصرها إلى اعتراض والده الطبيب مأمون الجندلي (77 عاما)، عند مدخل البناية التي يقطن فيها وكبلته من الخلف قبل أن تغلق فمه بشريط لاصق، واقتادته إلى داخل المنزل حيث كانت زوجته لينا الجندلي (64 عاما)، وتعرضا للضرب والتهديد من عنصرين فيما وقف الثالث متفرجا.

ثم عمد العناصر الثلاثة إلى سجن الطبيب وزوجته، التي تحمل شهادة الدكتوراه، في غرفة جانبية في المنزل، وقاموا بتكسير أثاث المنزل والعبث بمحتوياته. وبدت آثار الضرب واضحة على والدة جندلي نتيجة معاناتها من نزيف في العين وكسور في الأسنان، وتقطيب وجهها بثماني قطب.

وكانت أغنية الجندلي «وطني» قد تحولت إلى رمز من رموز الربيع العربي في الاغتراب، خصوصا بعد محاولة منعه من أدائها في يونيو (حزيران) الفائت أمام «المنظمة العربية - الأميركية ضد التمييز»، (إيه دي سي)، والتي يعتبر رئيسها أحد المقربين من الحكومة السورية.

وفي السياق عينه، أردت أجهزة الأمن السورية معن العودات، شقيق المعارض والمدافع عن حقوق الإنسان هيثم مناع العودات المقيم في باريس، قتيلا خلال مشاركته في تشييع جثمان أحد المتظاهرين في درعا، بعد أن فتحت النار على الجنازة وأوقعت عددا كبيرا من الضحايا.