العربي معلنا قرب ذهابه إلى دمشق: سأنقل القلق العربي وسأستمع للمسؤولين السوريين

حث العرب على تأييد تركيا في «العدل الدولية» بشأن عدم شرعية الحصار الإسرائيلي على غزة

TT

أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أمس، أنه سيزور دمشق «غالبا هذا الأسبوع»، بعد أن تلقى موافقة سوريا على الطلب الذي تقدم به بناء على تكليف من وزراء الخارجية العرب.

وقال العربي في مؤتمر صحافي إنه تم إبلاغه بأن «الحكومة السورية ترحب بزيارة الأمين العام للجامعة العربية، ونحن بصدد تحديد موعد، وغالبا سيكون هذا الأسبوع»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان وزراء الخارجية العرب «طلبوا» في ختام اجتماع طارئ في 28 أغسطس (آب) الماضي، في القاهرة، «من الأمين العام القيام بمهمة عاجلة إلى دمشق، ونقل المبادرة العربية لحل الأزمة إلى القيادة السورية».

وردا على سؤال عما إذا كانت هناك ضمانات بأن مهمته لن تستخدم كوسيلة لشراء الوقت من قبل السلطات السورية، قال نبيل العربي: «لا ضمانات.. الأمين العام عندما يقوم بمهمة لا يطلب ضمانات، سأذهب وسأنقل القلق العربي وسأستمع» إلى المسؤولين السوريين.

وأكد دبلوماسي عربي رفيع أن المبادرة التي يحملها الأمين العام للجامعة، «لا تخرج عن مطالب المجتمع الدولي، وتدعو إلى وقف العمليات العسكرية وإطلاق سراح المعتقلين، وبدء إجراءات الإصلاح السياسي».

وتحفظت دمشق، رسميا، في اليوم التالي لاجتماع وزراء الخارجية العرب على البيان الذي صدر عنه ودعا إلى «وقف إراقة الدماء (في سوريا) وتحكيم العقل قبل فوات الأوان»، وأكدت أنها تعتبره «كأن لم يصدر».

وأكدت مندوبية سوريا لدى الجامعة العربية، في مذكرة أرسلتها إلى الأمانة العامة للجامعة، ووزعتها على سفارات الدول العربية في القاهرة، الأسبوع الماضي، أنها «سجلت رسميا تحفظها المطلق» على البيان الصادر عن الجامعة العربية، و«تعتبره كأن لم يصدر، خصوصا أنه تضمن في فقراته التمهيدية لغة غير مقبولة وتتعارض مع التوجه العام الذي ساد الاجتماع».

ودعا الوزراء في بيانهم إلى «وضع حد لإراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الأوان»، وأعربوا عن «قلقهم وانزعاجهم إزاء ما تشهده الساحة السورية من تطورات خطيرة أدت إلى سقوط آلاف الضحايا، بين قتيل وجريح، من أبناء الشعب السوري الشقيق». كذلك، دعا الوزراء العرب إلى «احترام حق الشعب السوري في الحياة الكريمة الآمنة، وتطلعاته المشروعة نحو الإصلاحات السياسية والاجتماعية».

وأفاد دبلوماسيون عرب بأن الاجتماع الوزاري كان بصدد اتخاذ قرار بإرسال وفد وزاري إلى سوريا لعرض هذه المبادرة، إلا أن الوفد السوري احتج، معتبرا ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية السورية، فتقرر إيفاد الأمين العام للجامعة وحده، بصفته ممثلا لهذه المؤسسة العربية الرسمية.

وكان العربي قد انتقد بشدة في افتتاح اجتماع وزراء الخارجية قمع المظاهرات في سوريا، وإن بشكل ضمني. وقال إن التجارب أثبتت «عدم جدوى المنحى الأمني واستعمال العنف» ضد «الثورات والانتفاضات والتظاهرات التي تطالب بإحداث التغييرات الجذرية في العالم العربي»، معتبرا أنها «مطالب مشروعة يرفع لواءها الشباب العربي الواعد، ولا بد أن نتجاوب مع هذه المطالب دون تأخير». وشدد على أن «التجاوب مع هذه المطالب والإسراع في تنفيذ مشاريع الإصلاح هو الذي يقي من التدخلات الأجنبية».

من جهة أخرى، حث الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدول العربية على دعم التوجه التركي لنقل موضوع الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية وحصار غزة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية.

وقال العربي إنه جرى اتصال بينه وبين وزير خارجية تركيا، أحمد داود أوغلو، الذي شرح له الخطوة القادمة لتركيا، وهي الذهاب للجمعية العامة، لطلب رأي استشاري لمحكمة العدل الدولية، مشيرا إلى أنه في القانون الدولي لا تستطيع دولة أن تأخذ دولة أخرى إلى المحكمة رغما عنها.

وقال إن جميع الدول العربية عليها مسؤولية جماعية، ليس بصفتها دولا عربية فقط، بل أيضا كطرف في اتفاقيات جنيف في تأييد الطلب التركي، لاستصدار رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن عدم شرعية الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.

وشدد على أهمية دعم الموقف التركي، وأن تنضم الدول العربية لهذا القرار، وأن تشترك في التقدم بهذا الطلب مع أنقرة من أجل الإفصاح عن الطبيعة القانونية لما قامت به إسرائيل، موضحا أن هناك اتصالات ومكاتبات مع الدول العربية في هذا الشأن.

وانتقد الأمين العام لجامعة الدول العربية تقرير الأمم المتحدة بشأن الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية المعروف بـ«تقرير بالمر»، واصفا تشكيل اللجنة التي وضعت التقرير بالمعيب.

وقال الدكتور نبيل العربي: «تعجبت أن يصدر مثل هذا التقرير عن الأمم المتحدة، فتشكيل اللجنة معيب لأنه غلب عليه الطابع السياسي، في حين أن الموضوع هو سياسي قانوني، والجوانب الحقيقية فيه قانونية، وكان يجب أن تشكل اللجنة من قانونيين من دول محايدة، في حين أن اللجنة مشكلة من رئيس كان رئيس وزراء سابق، ونائب رئيس وهو رئيس سابق، إضافة إلى شخص إسرائيلي، وآخر تركي».

وأضاف بقوله: «إن التقرير أخذ منحى مختلفا، إذ ركزوا على قانون البحار، الذي يسمح للدول بأن تذهب لسفينة وتفتشها، وكان يجب التركيز على القانون الدولي الإنساني».

وتابع: «التقرير أخذ منحى لا يتفق مع القواعد العامة والواقع على الأرض الخاص بالحصار على غزة، لافتا إلى أن إسرائيل لا توضح هل تحتل غزة أم لا، فهي تحتلها، ولكن تعلن أنها انسحبت منها»، مؤكدا أن الجامعة العربية سوف تدرس هذا الموضوع دراسة عميقة.

وحول أهمية التوجه لمحكمة العدل الدولية فيما يتعلق بغزة وأسطول الحرية، في ضوء عدم الاستفادة من رأي المحكمة السابق، الذي أقر عدم شرعية الجدار العازل، قال العربي: «إن أيا من الدول العربية لم تتابع تنفيذ هذا الموضوع»، معربا عن الأمل في أن يحدث تغيير في المفاهيم في العالم العربي بعد ربيع الثورات.

وردا على سؤال حول عدم قدرة الجامعة العربية على مجاراة طموحات الشعوب العربية، قال العربي: «إن جميع المنظمات الدولية في العالم تمثل حكومات وليس شعوبا، ربما يظهر جيل جديد من المنظمات بعد عشر سنوات يعبر عن الشعوب، وهذا ليس عيبا في الجامعة العربية، بل في كل المنظمات الدولية كالاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والآسيان».