مصر: القوى السياسية تنتقد مشروع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية وغموض المرحلة الانتقالية

اعتبرته معوقا لشباب الثورة ويتيح الفرصة لعودة فلول «الحزب الوطني»

سيدة مصرية تمر بجوار رسم غرافيتي على جدران احد الشوارع للرئيس المصري السابق حسني مبارك قبل أن تبدأ الجولة الثالثة لمحاكمة مبارك ونجليه جمال وعلاء ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من معاونيه اليوم (أ.ب)
TT

يستعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر، الذي يدير شؤون البلاد منذ تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن سلطاته في 11 فبراير (شباط) الماضي، خلال الساعات المقبلة، لإصدار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الجديد، والخاص بالانتخابات البرلمانية المقبلة، المتوقع إجراؤها نهاية العام الحالي، في شكله النهائي، بعد أن أقره مجلس الوزراء الأسبوع الماضي.

ورغم عدم صدور القانون بشكل رسمي حتى الآن، حيث يجب أن يصدق عليه المجلس العسكري باعتباره السلطة التشريعية حاليا، فإن القانون، الذي تسرب عبر وسائل الإعلام، واجه الكثير من الانتقادات من جانب الأحزاب والقوى السياسية، التي اعتبرته مخالفا لما تم التوافق عليه، وأنه يربك الخريطة الانتخابية ويعيق المرشحين الجدد من شباب الثورة، والأحزاب الجديدة التي ولدت بعد «25 يناير»، مشيرين إلى أنه يساعد على عودة أعضاء الحزب الوطني (المنحل) والنظام القديم إلى مقاعد البرلمان مرة أخرى.

ووجهت القوى السياسية انتقادات كبيرة إلى المجلس العسكري بشأن عدم وضوح الرؤية حول خريطة المرحلة الانتقالية الراهنة، ومنها تحديد مواعيد نهائية لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. ودعا الدكتور محمد البرادعي، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، إلى وضع جدول زمني للمرحلة الانتقالية الحالية، التي من المقرر أن تنتهي بتسليم إدارة البلاد إلى سلطة مدنية. وقال البرادعي في رسالة وجهها أمس على حسابه على موقع «تويتر»: «إن ليبيا وتونس وضعتا خطة طريق بجدول زمني للمرحلة الانتقالية من أجل وضوح الرؤية والاستقرار»، وتساءل: «بعد سبعة شهور من الثورة متى سنرى في مصر خطة مماثلة؟».

ويعتزم المجلس العسكري إجراء الانتخابات البرلمانية نهاية العام، على أن تبدأ الإجراءات الخاصة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، يعقبها إجراء الانتخابات خلال فترة لا تقل عن 30 يوما من بدء إعلان الإجراءات، بحيث تنتهي بنهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقدم مجلس الوزراء الأسبوع الماضي مشروع قانون جديد لتقسيم الدوائر الانتخابية، بما يتفق مع قانون مجلسي الشعب والشورى، الصادر قبل نحو شهرين، الذي يقرر إجراء الانتخابات بنظامي الفردي والقائمة مناصفة، ومع التقسيم الجغرافي لكل محافظة، بحيث تتم إعادة الدوائر التي تم ضمها إلى دوائر أخرى، نظرا لإلغاء محافظتي حلوان و6 أكتوبر. وقالت مصادر إن القانون الجديد سيضم الكثير من الدوائر الكبيرة المعروفة في عدد من المحافظات إلى دائرة واحدة في انتخابات القائمة.

لكن الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، قال لـ«الشرق الأوسط»، «لا بد أن يكون هناك عدالة بين نسبة توزيع الدوائر وقوة الناخبين، وتسريبات القانون الجديد تظهر أن هناك مشكلة في المحافظات الحدودية، التي ليس فيها كثافة ناخبين حيث ستحصل على 8 مقاعد، في مجلس الشعب ومثلها في الشورى»، مشددا على ضرورة أن يكون هناك اتصال جغرافي بين الدوار وليس تمزيق أوصال دائرة لصالح مرشح بعينه كما كان يحدث في الماضي.

من جهته، وصف الدكتور مصطفى النجار، عضو المكتب السياسي لحزب العدل، تقسيم الدوائر الانتخابية الذي تم الإعلان عنه بأنه «كارثي»، مشيرا إلى أن تقسيم الدوائر الانتخابية الجديد سيغير خريطة التحالفات السياسية تماما، وأن الوضع أصبح صعبا جدا على الجميع سواء ممن يدخلون النظام الفردي أو بالقائمة، بسبب كبر حجم الدوائر.

وقال مجدي أحمد حسين، المرشح الرئاسي المحتمل ورئيس حزب العمل الإسلامي، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا القانون سيجعل العملية الانتخابية فيها كثير من الارتباك، بما يصعب الأمر خاصة على الشباب الذي ليس لديه خبرة كبيرة في العمل السياسي والانتخابات وكذلك الأحزاب الجديدة، مشيرا إلى أن كبر حجم الدوائر الفردية سيرهق المرشحين، وستكون هناك أخطاء كثيرة جدا، خاصة أن الناخبين سيصوتون في أربعة صناديق، مرتين لاختيار أعضاء الشعب (فردي، وقائمة) وكذلك لاختيار الشورى.

واعتبر حسين أن هذا التقسيم يدل على عدم وجود حسن نية في إعداد مثل هذه القوانين، خاصة أن هناك توافقا بين جميع الأحزاب والتيارات على هذه القوانين ومع ذلك يصر المجلس العسكري على مخالفة ذلك. فيما طالبت الجبهة الحرة للتغيير السلمي، بتعديل القانون واعتبرت التقسيم الحالي للدوائر جاء صادما للجميع، ولم يراع التقسيم الجغرافي السليم، حيث ضم الكثير من الدوائر الكبيرة المعروفة في عدد من المحافظات إلى دائرة واحدة، الأمر الذي يعني عدم التمثيل العادل للنواب في البرلمان، مؤكدة خروجها في مليونية الجمعة المقبل تحت اسم «جمعة تصحيح المسار».

وردا على ذلك يتجه عدد من القوى السياسية، بينها «التحالف الديمقراطي من أجل مصر، والكتلة المصرية، وقائمة الطريق الثالث»، وعدد من الشخصيات العامة، نحو خوض الانتخابات بقائمة وطنية موحدة. وقال مصطفى النجار إن هناك خطوات جادة لفكرة القائمة الوطنية التي تضم كل قوى الثورة لتشكيل برلمان توافقي وإنقاذ الثورة من عودة النظام القديم.