أبو مازن: ذاهبون إلى مجلس الأمن

قال إن ذلك لن يحقق الاستقلال وينهي الاحتلال ولكنه يجعل المفاوضات بين دولة محتلة وأخرى تحتلها

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى اعلانه من رام الله طلبه من الأمم المتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية عندما يزور الولايات المتحدة الأسبوع المقبل (إ.ب.أ)
TT

حسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الموقف نهائيا من مسألة توجه الفلسطينيين إلى مجلس الأمن، وأزال أي شكوك حول صفقات أبرمت في اللحظات الأخيرة لإثناء الفلسطينيين عن ذلك، قائلا في خطاب موجه لشعبه أمس إنه ذاهب إلى مجلس الأمن الدولي لطب العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية. وأكد أبو مازن أن هذا الخيار هو خيار القيادة الفلسطينية الوحيد، وأن أي خيارات لم يتخذ فيها أي قرار وإنما ستدرس في حينها بعد تقديم طلب العضوية. وقال أبو مازن «نحن ذاهبون إلى مجلس الأمن الدولي، هذا هو قرارنا الذي أبلغناه للجميع».

وأضاف «بمجرد أن ألقي كلمة هناك، سأقدم رسالة الطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة ليرسل الطلب إلى رئيس مجلس الأمن، أما الخيارات الأخرى فأقول لكم إننا لم نتخذ فيها قرارا وسندرسها بعد تقديم الطلب». وكان أبو مازن يشير إلى خيارات عرضها عليه الأميركيون والأوروبيون حول الذهاب إلى الأمم المتحدة بدلا من مجلس الأمن والحصول على دولة مراقبة، واستئناف المفاوضات مع إسرائيل. وعدد أبو مازن 3 أسباب دفعت القيادة الفلسطينية إلى اتخاذ قرار التوجه إلى مجلس الأمن، وقال «السبب الأول: أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، قال إنه يريد أن يرى دولة عضوا جديدا كاملا في الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول)، والثاني: أن الرباعية الدولية قالت إنه لا بد من بدء المفاوضات في سبتمبر على أن تنتهي في سبتمبر (الحالي)، والثالث: أننا نحن تعهدنا أن تكون هناك مؤسسات ناجزة وقادرة على قيادة الدولة في سبتمبر، وقد نجحنا». كما أرجع أبو مازن الخطوة إلى وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، قائلا «نتوجه إلى الأمم المتحدة لأن جهودنا الحثيثة من أجل التوصل عبر المفاوضات إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة وصلت إلى طريق مسدود، بسبب سياسات الحكومة الإسرائيلية المتعنتة الرافضة لمرجعية للمفاوضات على أساس الشرعية الدولية والاتفاقات مع منظمة التحرير ومواصلتها للاستيطان وتهويد القدس، وهو طبعا ما يحول دون حل الدولتين». وطمأن الرئيس الفلسطيني شعبه، بأن التوجه إلى الأمم المتحدة «لا يمس بأي حال من الأحوال منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، والتي تبقى ويبقى دورها قائما حتى الاستقلال التام والناجز وتنفيذ حل جميع قضايا الوضع النهائي وعلى رأسها قضية اللاجئين». وأضاف «منظمة التحرير هي السلطة العليا، وهذه السلطة انبثقت عنها، وانبثقت بأمرها ورعايتها، ولذلك أقول، إنها باقية حتى ننفذ الحل وليس فقط نصل إليه». وعبر أبو مازن عن الأمل في أن ينجح في مهمته، قائلا إنه «يذهب إلى الأمم المتحدة للمطالبة بحق مشروع وهو الحصول على العضوية الكاملة، ويحمل معه آلام وآمال شعبنا لتحقيق هذا الإنجاز وإنهاء الإجحاف التاريخي بحقنا». وأضاف «نتوجه إلى الأمم المتحدة لنضع العالم أمام مسؤولياته، حاملين في أيدينا غصن الزيتون، الذي حمله الزعيم ياسر عرفات قبل 36 عاما». وتابع «لا نذهب لعزل إسرائيل ولا ننزع شرعيتها، نحن لا نستطيع أصلا نزع شرعيتها، إنها دولة معترف بها، نحن نريد أن ننزع الشرعية عن الاحتلال». ومضى يقول «نحن الشعب الوحيد في العالم الذي بقي تحت الاحتلال.. لا يوجد جزيرة إلا ورفعت علمها ولها كرسي في الأمم المتحدة إلا الشعب الفلسطيني طيب لماذا؟». ورغم قراره التوجه إلى مجلس الأمن، حرص أبو مازن على التأكيد على أن ذلك لا يشكل بديلا للمفاوضات، وقال «نسعى للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة على حدود 67، لنتمكن بعد ذلك من العودة إلى المفاوضات». ومضى يقول «نريد أن نتفاوض على كل قضايا الحل الدائم دولة لدولة، كدولة محتلة مع دولة تحتلها».

لكن أبو مازن لم يضمن لشعبه النجاح، وطلب منهم ألا يرفعوا سقف التوقعات. وقال «حتى إذا نجحنا علينا أن نفهم أننا لسنا ذاهبين لنأتي بالاستقلال». وأردف «نحن أمام مهمة صعبة وتاريخية، ولا يجوز الاستهانة بالعقبات، فإذا نجحنا فإن علينا أن نعلم أيضا أن الاحتلال لن ينتهي ولن تكون المهمة التالية سهلة، لكننا نكون قد حصلنا على اعتراف العالم بأن دولتنا محتلة، وأن أرضنا محتلة، وليست أرضا متنازعا عليها كما تروج الحكومة الإسرائيلية لذلك». وتطرق أبو مازن للاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، قائلا إنهم في إسرائيل يطلقون المستوطنين والكلاب والخنازير لمهاجمة الفلسطينيين، ومتسائلا «هل نحن منذورون للمذابح فقط، أما آن لنا أن نرتاح». وطلب أبو مازن من شعبه أن يتحرك بشكل سلمي لدعم خطوة التوجه إلى مجلس الأمن، محذرا من «أن الانجرار إلى مواجهة مع إسرائيل كما تريد سيعطي إسرائيل ذرائع كافية لتخريب مساعينا وسيضرنا، وسيسلط الأضواء على السلبيات أكثر من الإيجابيات». وجاء خطاب عباس، بعد يوم من لقائه الموفدين الأميركيين دينيس روس وديفيد هيل، بمقره في رام الله في آخر مسعى أميركي لمنع الفلسطينيين من التوجه إلى مجلس الأمن. وأخبر أبو مازن الموفدين الأميركيين في اللقاء الذي كان صعبا ومتوترا، بأن القيادة الفلسطينية مستعدة للعودة إلى المفاوضات كما تقترح الولايات المتحدة، في حال التزام إسرائيل بمرجعيات العملية السلمية ومبدأ حل الدولتين ووقف الاستيطان. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس الوفد الفلسطيني لمفاوضات الوضع النهائي، صائب عريقات، أمس، إن مسعى فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لا يتناقض مع عملية السلام ومبدأ الدولتين على حدود 1967. وشدد أن على المجتمع الدولي دعم هذا المسعى حفاظا على عملية السلام، وعلى مبدأ الدولتين وعلى اعتبار أن الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي، وأن الأرض الفلسطينية المحتلة هي أرض دولة فلسطين المحتلة، وليست أرضا متنازعا عليها، كما تحاول إسرائيل الادعاء.