الدنمارك تختار أول رئيسة وزراء لها بعد فوز اليسار

الاتحاد الأوروبي: نأمل أن تصبح شريكا أوروبيا بناء.. ونتطلع للعمل مع حكومتها الجديدة

رئيسة وزراء الدنمارك لدى اعلان النتائج ويظهر في الخلف زوجها
TT

فاز ائتلاف اليسار الوسط بقيادة الحزب الاجتماعي الديمقراطي في الانتخابات التي كانت نتائجها متقاربة في الدنمارك، أول من أمس، واضعا بذلك نهاية لحكم ائتلاف اليمين الذي دام 10 سنوات، والذي فرض قيودا على الهجرة تعد هي الأكثر صرامة في أوروبا. ووضعت نتائج الانتخابات، التي بلغت نسبة المشاركة فيها أكثر من 90%، البلاد على طريق تقوده أول رئيسة وزراء في تاريخ البلاد، وهي هيلي تورنينغ شميدت، التي يقود حزبها التحالف الذي يعرف بالكتلة الحمراء. وقد أعلنت شميدت عن فوزها بعد نحو 3 ساعات من غلق أبواب مراكز الاقتراع قائلة: «لقد صنعنا عملا تاريخيا اليوم». وأقر رئيس الوزراء، لارس لوكي راسموسن، زعيم الحزب الليبرالي، بهزيمته يوم الخميس الماضي، بحسب ما أفادت تقارير صحافية.

وأثارت الانتخابات في الدنمارك، التي يبلغ عدد سكانها 5.5 مليون نسمة، قضية طالما كانت محل خلاف وانقسام بين الكثير من الدول الغربية التي تعاني بطء النمو الاقتصادي والعجز الكبير في الميزانية وارتفاع نسبة الديون التي وصلت إلى مستوى غير مسبوق، وهي كيفية المزج المناسب بين الإنفاق الحكومي والسياسات الضريبية لاستعادة الصحة الاقتصادية وتفادي المزيد من الانزلاق باتجاه أزمة مثل تلك التي تعانيها اليونان.

وقامت الحملة الانتخابية للحزب الاجتماعي على وعود من هيلي برفع الضرائب بالنسبة للمصارف الدنماركية والمواطنين الأثرياء من أجل الإنفاق على إنشاء مدارس ومستشفيات أفضل والتوسع في تمويل برامج الرفاهة بمقدار 4 مليارات دولار. واتضحت إشارتها إلى التقشف مع اقتراحها بإضافة 12 دقيقة إلى متوسط يوم العمل في الدنمارك، وأقرت أيضا بالحاجة إلى اتخاذ إجراء بشأن العجز الذي من المحتمل أن يصل إلى 4.6% من إجمالي الناتج المحلي عام 2012 وهو أعلى من متوسط العجز الأوروبي.

وأشارت كتلة اليمين الوسط، بزعامة لوكي راسموسن، إلى الأزمة المالية العميقة، وصرحت بأن على الدنمارك فرض قيود على الإنفاق الحكومي وتفادي «خروج الديون عن السيطرة» وعدم فرض أي زيادة في الضرائب من شأنها أن تعوق التعافي الاقتصادي؛ حيث يبلغ النمو المتوقع العام الحالي 1.25%. ويعد أداء الاقتصاد الدنماركي هو الأسوأ مقارنة بالأداء الاقتصادي للدول الاسكندنافية؛ حيث بلغ معدل نموها أقل من نصف معدل نمو اقتصاد النرويج وأقل من ثلث معدل نمو اقتصاد السويد.

من ملامح حكم أحزاب تيار اليمين الوسط الذي دام نحو عقد من الزمان، والتي يبدو من الصعب تغيرها بشكل ملحوظ، القيود الجديدة الصارمة المفروضة على الهجرة، التي أثرت بشكل كبير على عدد المسلمين في الدنمارك الذي بلغ نحو 200 ألف، وأكثرهم من طالبي اللجوء السياسي. وفي الوقت الذي يمثل فيه المسلمون حاليا نحو 4% من عدد السكان، بحسب وزارة الخارجية الأميركية، ويعد المسلمون هم الأكبر عددا بعد المسيحيين، أوضحت استطلاعات الرأي دعما كبيرا لتلك القيود التي قالت شميدت إن أي حكومة تقودها ستحافظ عليها. وعلى الرغم من استعادة الحزب الاجتماعي الديمقراطي قوته، كان النجاح الذي حققه أعضاء الحزب أقل من أدائهم في انتخابات عام 2007؛ حيث فازوا بـ44 مقعدا، أي أقل من عدد المقاعد التي فازوا بها في انتخابات عام 2007 بمقعد واحد.

وفاز حزب الشعب الدنماركي المناهض للهجرة، الذي كان يمثل ثالث أكبر كتلة في البرلمان السابق، بـ22 مقعدا، أي أقل من عدد المقاعد التي فاز بها عام 2007 بـ3 مقاعد. وبذلك سيصبح حزب معارضة، وقالت زعيمة الحزب، بيا كيير سغارد، إنها ستتصدى إلى أي محاولة لتخفيف القيود المفروضة على الهجرة. وقد نجح الحزب في الدفع باتجاه انسحاب الدنمارك من مجموعة الدول الأوروبية التي وقعت اتفاقية شنغن التي فتحت الحدود بين الدول الأوروبية لتعود الدنمارك إلى فرض القيود على حدودها.

جدير بالذكر أن زواج شميدت من ستيفن كينوك، ابن نيل كينوك، الرئيس السابق لحزب العمال، كان محل اهتمام كبير خلال الحملة الانتخابية بسبب الفضيحة المثارة على خلفية تهرب ستيفن المزعوم من الضرائب وتساؤلات بشأن صحة علاقتهما. ووجه الاتحاد الأوروبي التهنئة لشميدت، وصدر بيان عن البرلمان الأوروبي ببروكسل، باسم رئيسه جيرسي بوزيك، الذي هنأ فيه زعيمة الحزب الاشتراكي الدنماركي، المكلفة بتشكيل الحكومة الجديدة في البلاد، بعد فوزها في الانتخابات، وجاء في البيان: «أهنئ هيلي شميت على انتصارها، ويسعدني أن أسمع أنها أول سيدة تتولى منصب رئيس الحكومة في الدنمارك، ونأمل أن تصبح شريكا أوروبيا بنّاء، ونتطلع للعمل مع حكومتها الجديدة»، وتستعد زعيمة المعارضة الدنماركية هيلي شميت لتشكيل الحكومة المقبلة في البلاد بعد الفوز الساحق لتحالف أحزاب المعارضة اليسارية الدنماركية في الانتخابات التشريعية. وقالت زعيمة المعارضة هيلي شميت: «الطريق لا يزال طويلا، مررنا بمراحل صعبة، وكافحنا إلى النهاية، لكن الليلة أظهرنا أن الديمقراطيين الاشتراكيين لا يزالون قوة في المجتمع».

وقالت تقارير إعلامية أوروبية: إن فرحة عارمة عمت شوارع كوبنهاغن، إثر نجاح اليسار، وذلك بعد سيطرة المحافظين وأحزاب اليمين على الحكومة لمدة 10 أعوام.

* خدمة «نيويورك تايمز»