السعودية نجلاء السليم تعرض أعمالها في باريس

ريشة راقية ورثتها من أب عشق الفن وكان من رواده

نجلاء السليم في افتتاح معرضها المشترك مساء الجمعة في باريس («الشرق الأوسط»)
TT

في قاعة فسيحة من قاعات المبنى الجديد للملحقية الثقافية للمملكة العربية السعودية في العاصمة الفرنسية باريس، وقفت سيدة مبتسمة تغطي رأسها بوشاح ناعم، تستقبل الجمهور الذي حضر افتتاح معرضها الفني وترد على أسئلة واستفهامات تحاصرها بأكثر من لغة. هذه الصالات التي تقع في حي تجاري أنيق هي البشائر الأولى لمركز ثقافي سعودي في العاصمة الفرنسية، وما هذا المعرض المشترك للفنانين نجلاء السليم وعبد الرحمن السليمان سوى باكورة نشاط المركز المنتظر. «الشرق الأوسط» انتهزت الفرصة النادرة لحضور تشكيلية سعودية لتقدم أعمالها في باريس، فكان هذا الحوار مع الفنانة التي تتفجر حركات ريشتها في خطوط تقترب من الحروف العربية دون أن تحاصرها الكلمات والمعاني.

* أين ولدت ونشأت؟

- ولدت في العاصمة، الرياض، ونشأت ودرست فيها حتى أول سنة في المرحلة الجامعية، في جامعة الملك سعود، ثم انتقلت إلى مدينة جدة بعدما تزوجت لأستكمل مراحل الدراسة الجامعية في كلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز، قسم الكيمياء البحت، وتخرجت فيها لأتجه للعمل مدرسة للتربية الفنية.

* لماذا درست الكيمياء ثم هربت منها إلى الرسم؟

- من الأمور التي تعلمتها من والدي، الذي كان فنانا معروفا، أهمية أن يعرف الإنسان ماذا يريد أن يتعلم وكيف. فمن أراد أن يتعلم الفنون فلا بد أن يدرسها بالطريقة الصحيحة. فوالدي سبقني ودرس الفن في كلية الفنون الجميلة في مدينة فلورنسا، عاصمة الفنون الإيطالية، في سبعينات القرن الماضي. أما أنا، فلم أجد، للأسف، أكاديمية للفنون بل كلية التربية الفنية. لذلك فضلت أن أدرس في تخصص آخر أميل إليه، وهو العلوم، على أن يبقى الرسم هوايتي. ولكن يشاء القدر أن أنال فرصة الابتعاث، مع زوجي، إلى الولايات المتحدة الأميركية، فكانت فرصة رائعة لكي أدرس الفنون كما يجب. وفعلا التحقت بجامعة ميتشيغان الشرقية، وحصلت على شهادة جامعية ثانية منها.

* هل تحدثينا عن والدك وتأثيره عليك؟

- والدي، رحمه الله، هو رائد الفن التشكيلي السعودي الفنان محمد السليم. وهو من الذين صنعوا الحركة الفنية في المملكة وحرّكوا الجو الثقافي في ميادين الفنون التشكيلية وكان أول من فتح صالة للعرض الفني في منطقة الخليج. ومن خلال عمله في التربية الفنية، كان المبادر إلى استيراد وتوفير أفخر مواد الرسم وأدواته للطلبة وللفنانين السعوديين وللمعاهد والكليات التي يدرسون فيها، مثل مؤسسة دار الفنون. ومن خلال تلك المؤسسة، كان ينظم معارض موسمية ومسابقات فنية على مستوى عالمي. فإذا كان والدي قد أحدث ما يشبه الهزة التشكيلية في بلده، فلكم أن تتخيلوا الأمر في بيته ومع ابنته التي هي أنا، التي تفتح وعيها وهي تشاهد وتشارك وتتعلم وتتغذى من روح ذلك الأب الذي يملك إصرارا لا يعرف الكلل وعشقا لا ينضب للفن. لقد تأثرت به كثيرا، لا كمعلم للفن فحسب بل بفكره الإنساني وإصراره ومواظبته، فهو معلمي الأول الذي غرس بذرة الفن في نفسي، وعلمني آدابه واحترامه وطقوسه وكل ما يتعلق بالهواية التي جعل منها مهنته.

* ما هي هواجسك وأنت تستعدين للوحة جديدة؟ ماذا تريدين إيصاله للمشاهد؟

- أقف طويلا أمام لوحتي البيضاء لأتأمل فضاءها، ثم تبدأ الأمور تتحرك في مخيلتي، ممزوجة بترسبات الماضي وتحديات الحاضر وآمال المستقبل. أمزج أصباغي بحس عال حتى أبلغ التدرجات اللونية التي أريد، وأغمس فيها فرشاتي الثائرة لأنقل حمولتها إلى فضاء اللوحة البيضاء. وغالبا ما يقوم حوار بيني وبين ما يدور أمامي على اللوحة، وهو الذي يقود حركة تشكلها أمام ناظري. لكنني لا أشغل نفسي كثيرا بما يرضي الجمهور أو ما قد يصلهم من فكرتي، غير أنني حريصة على أنقل للمشاهد نبضا صادقا ومن صميم دواخل النفس.

* ماذا عن الفنانات السعوديات، وهل تتاح لهن، دائما، فرص عرض أعمالهن في الصالات وإقامة معارض شخصية؟

- لدينا عدد كبير من الفنانات التشكيليات، منهن مَن تعلمت الفن ودرست أصوله وتعمل به، ومنهن هاويات تعلّمن بشكل ذاتي من خلال الدورات والممارسات في الورش التي تقيمها الكثير من المراكز الفنية في المملكة. والفرص متوفرة لإقامة المعارض وورش العمل، ولا توجد في الوقت الحالي صعوبات بالنسبة للمرأة السعودية لتتحرك وتمارس هواياتها ونشاطاتها الثقافية في جميع المجالات تقريبا. إن الفنانة السعودية تعرض أعمالها داخل المملكة أو خارجها. وهي أيضا تسافر وتظهر لتمثل ثقافتنا في المحافل الدولية والرسمية بكل جدارة.

* كيف ترين مستقبلك كفنانة وهل ما زلت تواصلين التدريس؟

- آمالي كثيرة، منها أن أُقيم المزيد من المعارض في الخارج، وأن تكون لي بصمة مميزة في مجالي كفنانة سعودية قادرة على أن تقف، بشخصيها وهويتها المميزة، كتفا لكتف مع باقي فنانات العالم.

* ماذا عن وضعك الاجتماعي؟

- أنا متزوجة ولدي ثلاث بنات وولد وأعمل مشرفة تربية فنية في الرياض.

* هل لك مشاريع في البال؟

- المشروع الذي يشغل بالي هو إقامة صالة عرض (غاليري) تحمل اسم والدي.