المشير طنطاوي بزي مدني في وسط البلد

تجول في الشارع من دون حراسة وتبادل حوارا مع المواطنين

TT

أربكت زيارة مفاجئة لوسط العاصمة القاهرة قام بها ليلة أول من أمس القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي، عقارب ساعة السياسة في مصر، وجعلتها تقفز إلى الأمام والوراء في الوقت نفسه. فقد فوجئ المواطنون بالمشير بينهم في الشارع، مرتديا بدلة مدنية، يتجول سيرا على الأقدام، ومن دون أية إجراءات أمنية أو حراسة خاصة، ويتبادل معهم بروح ابن البلد حوارا سريعا، اتسم بالحفاوة والترحيب، حول المشكلات الراهنة، ومدى توافر الأمن والاستقرار في الشارع.

الزيارة التي أكد على عفويتها مصدر عسكري لوكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، لافتا إلى أن المشير كان في زيارة خاصة بشارع قصر النيل بوسط القاهرة، وقام بعدها بالتجول في منطقة وسط البلد، لم تسلم من تأويلات وتكهنات وردود فعل متباينة في أوساط القوى السياسية، خاصة أنها تأتي عشية انتهاء الفترة الانتقالية التي حددها المجلس العسكري بستة أشهر لتسليم السلطة للمدنيين طبقا للإعلان الدستوري الذي صدر في مارس (آذار) الماضي، كما تأتي بعد أيام من إدلاء المشير بشهادته أمام محكمة شمال القاهرة في قضية قتل المتظاهرين، المتهم فيها الرئيس السابق، ووزير داخليته الأسبق و6 من كبار مساعديه، قبل أن تقرر المحكمة وقف نظر الدعوى لحين الفصل في طلب رد المحكمة المقدم من المدعين بالحق المدني.

زاد من ردود الفعل بث التلفزيون المصري مشاهد فيديو مسجلة للمشير، وهو يتجول بزيه المدني في شوارع منطقة وسط البلد، سرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تعليقات تفاوتت بين الغضب والسخرية والمرح أحيانا، لكن أغلبها اعتبرها محاولة «للترويج لرئيس يتبع المؤسسة العسكرية»، بينما علق البعض بخفة دم: «ملابس صنعت تاريخ: بدلة المشير.. تريننج الرئيس المخلوع.. بلوفر شفيق.. بُرنُس العادلى.. وجلابية الراجل بتاع ماتش الزمالك».

على الجانب الآخر، اعتبر نشطاء سياسيون أن زيارة المشير وتجواله في الشارع بزي مدني ودون حراسة، محاولة لإضفاء شعبية على المجلس العسكري، وأن حماية المجلس - رغم ما يوجه له من انتقادات - لن يحققها إلا الشعب نفسه، لافتين إلى أن هذا المشهد يوحي بأن المجلس يدشن لمرحلة جديدة للبقاء في الحكم، وأنه ليس جادا في تسليم السلطة في الوقت الحالي.

على العكس من ذلك، يرى نشطاء آخرون أن الزيارة محاولة اختبار لردود فعل الشارع على القرارات التي اتخذها المجلس ومعرفة أثرها الإيجابي والسلبي، كما أنها تعكس رغبة المجلس ممثلا في رئيسه في التلاحم مع الناس. واستبعد هؤلاء أن تكون هذه لعبة من المجلس العسكري لتأخير نقل السلطة إلى مدنيين.

بيد أن دلالات زيارة المشير ببدلته المدنية السوداء وقميصه الأبيض ورابطة عنقه الداكنة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد استعاد المصريون من ذاكرتهم وعلى مدى 60 عاما من حكم العسكر صور حكامهم وهم يخلعون زيهم العسكري بمجرد وصولهم إلى السلطة، ويحتفظون به فوق رف التاريخ للتشريفات والمناسبات والأعياد الوطنية، كذكرى على لحظة فارقة استطاعوا أن يستبدلوا فيها الثوب، لكنهم لم يستطيعوا أن يستبدلوا الجسد.