اليمن: نجاة وزير الدفاع من ثاني محاولة اغتيال خلال شهرين بهجوم انتحاري في عدن

صالح يتهم خصومه بالسعي لإشعال حرب أهلية.. وكندا تدعوه إلى التنحي

جنود يمنيون يرفعون شارات النصر بعد انضمامهم للمتظاهرين ضد الرئيس اليمني أمس (إ.ب.أ)
TT

نجا وزير الدفاع اليمني، اللواء الركن محمد ناصر أحمد، أمس، من محاولة اغتيال استهدفته في مدينة عدن وأسفرت عن مقتل وإصابة عدد من مرافقيه، واتهمت السلطات اليمنية تنظيم القاعدة بالوقوف وراء المحاولة.

وقالت مصادر محلية في عدن إن موكب الوزير كان يحاول تجاوز النفق الذي يربط بين منطقتي «جولد مور» و«القلوعة»، عندما اعترضت سيارة الموكب وقام الانتحاري بتفجير السيارة، وحسب مصادر رسمية فقد جرح عدد من مرافقي الوزير وأن بعضهم في حال خطرة، غير أن مصادر أخرى تؤكد مقتل شخصين على الأقل في التفجير الذي أصيب فيه عدد من المواطنين في تلك المنطقة المكتظة بالسكان.

وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أنهم شاهدوا سيارتين، على الأقل، والنار تشتعل فيهما، وأكد مسعفون أنه جرى العثور على جثة شاب عشريني في السيارة التي انفجرت في مقدمة الموكب، ووقع الانفجار عندما كان الوزير عائدا إلى الفندق الذي يقيم فيه بعدن والذي يقع على بعد بضع عشرات الأمتار من مكان الانفجار.

واتهمت الحكومة اليمنية تنظيم القاعدة بالوقوف وراء محاولة الاغتيال وقالت إن تحريات واسعة تجرى حاليا بشأن من يرتبط بصلة بالحادث لاعتقالهم وتقديمهم إلى القضاء، وأدان مصدر عسكري الحادث وقال «إن من يرتكبون هذه الأعمال الإجرامية إنما يستهدفون أمن الوطن واستقراره ووحدته وشخصياته الوطنية وقياداته العسكرية والأمنية، وسيتم ملاحقتهم والقبض عليهم ليكونوا عبرة لغيرهم».

وتعد محاولة اغتيال وزير الدفاع اليمني هي الثانية في غضون شهرين، حيث تعرض لمحاولة اغتيال سابقة في الـ30 من أغسطس (آب) الماضي، وذلك عندما انفجر في موكب لغم أرضي وضع في طريقه بمحافظة أبين التي ينتمي إليها الوزير والتي يقوم فيها بالإشراف على العلميات العسكرية الجارية في أبين ضد تنظيم القاعدة، الذي نفذ مؤخرا عددا من العمليات الانتحارية في عدن واستهدفت رجال الأمن والجيش، كما نفذ، في شهر واحد، عمليتين انتحاريتين ضد نقطة العلم الواقعة بين عدن وأبين.

وعقب الحادث، شددت السلطات من إجراءاتها الأمنية المشددة أصلا في عدن منذ فترة، وشوهد انتشار المزيد من الدوريات الأمنية في مختلف شوارع مديريات عدن.

على صعيد آخر، اتهمت السلطات اليمنية من قالت إنها «ميليشيات» تابعة لأحزاب اللقاء المشترك بتفجير أنبوب نفط في منطقة العرقين بمحافظة مأرب، وقال مصدر مسؤول إن التفجير جرى بعبوة ناسفة وإنه أدى إلى توقف ضخ النفط عبر الأنبوب إلى ميناء رأس عيسى لتصدير النفط في محافظة الحديدة بغربي البلاد، وأضاف المصدر أن الأجهزة الأمنية «تقوم حاليا بملاحقة من قاموا بتفجير الأنبوب والذي سبق لهم أن فجروه عدة مرات من قبل، في الوقت الذي توجه فيه فريق من المهندسين لإصلاحه»، وأردف: «جاء هذا الاعتداء الإجرامي على أنبوب النفط بعد قيام عناصر تخريبية أخرى من أحزاب اللقاء المشترك بالاعتداء على خطوط نقل الطاقة الكهربائية من مأرب إلى صنعاء في منطقة غيلان بمنطقة نهم بمحافظة صنعاء، مما أدى إلى خروج محطة مأرب الغازية عن الخدمة».

في موضوع آخر، دعت كندا الرئيس علي عبد الله صالح إلى التنحي، وأصدر وزير الخارجية الكندي، جون بايرد، بيانا بشأن التطورات في اليمن، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، وقال فيه: «تحث كندا بقوة الرئيس صالح أن يتنحى وأن يسمح هو ومناصروه لعملية انتقال السلطة بطريقة سلمية وديمقراطية تعزز الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان وسيادة القانون».

وشجب الوزير الكندي «استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين والذي أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص في صنعاء الأسبوع المنصرم. تدعو كندا الحكومة اليمنية وكل فصائلها المسلحة إلى التوقف عن الاستخدام المفرط للقوة وأن تتخذ إجراءات فورية لمنع العنف في المستقبل»، وأضاف أن «الشعب اليمني يستحق أن يقدم له الكثير من قبل حكومته»، مؤكدا استمرار «كندا في العمل مع حلفائنا الدوليين لدعم الجهود الشجاعة للشعب اليمني في تطلعهم لمستقبل أفضل».

في هذه الأثناء، جدد الرئيس علي عبد الله صالح دعوته إلى الحوار بشأن المبادرة الخليجية، كما جدد الالتزام بها، وتحدث في افتتاح مؤتمر جمعية علماء اليمن بإسهاب عما يجري وقال إن «الظروف التي يمر بها الوطن أزمة خطيرة تهدد حاضره ومستقبله وكل المكتسبات الوطنية في ظل إصرار البعض على إشعال نيران الفتنة والاستمرار في ارتكاب جرائم التخريب والخروج على القانون وممارسة الإرهاب والاعتداء على المعسكرات والمنشآت العامة والخاصة والمواطنين والسعي الدائم للتصعيد نحو التناحر والاقتتال وعدم الاستجابة لصوت العقل والحكمة ودعوات الحوار والمبادرات المتعددة التي تقدمنا بها إلى جانب مبادرات الأشقاء ودعوات المجتمع الدولي والتي تدعو جميعها إلى الحوار والتشديد بأن الحوار هو المخرج الآمن الوحيد لحل الأزمة ولتجنيب الوطن الانزلاق إلى الحرب الأهلية المدمرة لا قدر الله».

واتهم صالح مناوئيه بالسعي لإشعال حرب أهلية حيث قال إن كافة «الجهود الخيرة والمبادرات من الأشقاء والأصدقاء قوبلت بالمزيد من التعنت والرفض والإصرار على السير في طريق العنف وزرع الضغائن والأحقاد وتكريس الاحتقانات والعداء بين أبناء المجتمع اليمني الواحد والدفع بالبلاد والعباد إلى مصير مجهول قد تعرف بدايته لكن لا يمكن أدراك نهايته»، وإنه «بلغ بهم العتو والتمرد إلى الدفع ببعض أتباعهم للاعتداء على الجنود والضباط وكبار المسؤولين وقتل النفس المحرمة والاعتداء على المعسكرات وسفك دماء أبناء الوطن الواحد والملة الواحدة في سلوك يتنافى مع شريعتنا الإسلامية السمحة التي جعلت حرمة الدم المسلم أكبر الحرمات وقدمت درء المفاسد على جلب المصالح وليس هناك من مفسدة أكبر من الدفع بالبلاد إلى حرب أهلية تهلك الحرث والنسل وتأكل الأخضر واليابس».

وطالب الرئيس اليمني العلماء المؤتمرين بما سماه «بيان حكم الشرع» إزاء الوضع الراهن والذي قال إن على الجميع أن ينصاع له في السلطة والمعارضة، وأضاف: «نحن واثقون من إن ما سيخرج به مؤتمركم من نتائج وتوصيات سيسهم في إعادة بعض مرضى النفوس إلى رشدهم ويخرجهم من غيهم ويساعد على إيقاف أعمال الفوضى واقتراف الجرائم ووقف الحملات الإعلامية بين جميع الأطراف وتهيئة الأجواء لحوار وطني حر ومسؤول هدفه الوصول إلى أفضل الحلول وتغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الشخصية والحزبية الضيقة والأنانية والحفاظ على وحدة الوطن وأمنه واستقراره وصيانة كل مكاسب الشعب المتمثلة في الحرية والديمقراطية ومنجزات التنمية».