ساحل العاج تلملم جراحها بعد أزمتها الدامية

الرئيس وتارا يطلق «لجنة للمصالحة» تضم زعماء مسلمين ومسيحيين

TT

يطلق رئيس ساحل العاج، الحسن وتارا، اليوم الأربعاء، عمل لجنة المصالحة التي مهمتها معالجة جروح بلد شهد أزمة دامية مطلع 2011، بينما يلاحق القضاء مسؤولي نظام الرئيس المخلوع لوران غباغبو.

وسيتم الكشف عن أعضاء «لجنة الحوار والحقيقة والمصالحة» في ياموسوكرو، العاصمة السياسية لساحل العاج، التي أسسها أول رئيس للبلاد، فيلكس هوفويه بوانيي (1960 - 1993)، بعد استقلال البلاد عن فرنسا. وستضم اللجنة المؤلفة من 11 عضوا زعيما دينيا مسيحيا وزعيما دينيا مسلما و5 ممثلين عن مناطق البلاد الرئيسية. ولم تتأكد بعد مشاركة نجم كرة القدم ديدييه دروغبا الذي يعتبر ممثلا لمواطني ساحل العاج الذين يعيشون في الخارج، طبقا لما أفاد أحد أقاربه.

وقالت الحكومة: إن اللجنة التي أعطيت صلاحيات للعمل لمدة عامين يجب أن تعمل «لإعادة البلاد بأكبر سرعة ممكنة إلى الحالة الطبيعية» و«إعادة بناء النسيج الاجتماعي» للدولة التي كانت من أقوى دول غرب أفريقيا. وقال تشارلز كونان باني، رئيس اللجنة أحد حلفاء وتارا ورئيس الوزراء السابق: «نحتاج إلى معرفة الحقيقة حتى لو لم تكن جميلة». وستعمل اللجنة المستوحاة من لجنة «الحقيقة والمصالحة» التي شكلتها جنوب أفريقيا بعد نهاية نظام الفصل العنصري، على معالجة آثار 10 سنوات من الاضطرابات ومحاولات الانقلاب والعنف السياسي، وأحيانا العرقي والديني، التي وصلت ذروتها في الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية وامتدت من ديسمبر (كانون الأول) إلى أبريل (نيسان) الماضيين.

وفي أعقاب انتخابات الإعادة في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رفض لوران غباغبو، الذي كان رئيسا في ذلك الوقت، الإقرار بهزيمته وتسليم السلطة إلى وتارا الذي اعترف به العالم على أنه الفائز في الانتخابات. وبلغت الأزمة التي استمرت شهورا ذروتها مع الحرب التي استمرت أسبوعين وخلفت 3000 قتيل على الأقل. وألقي القبض على غباغبو وهو يخضع الآن للإقامة الجبرية شمال البلاد.

وبينما تأمل ساحل العاج في الحصول على مساعدات دولية للعودة إلى تحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار، أوكلت إلى هذه اللجنة أصعب مهمة في الحقبة الجديدة. وكان وتارا قد وعد بالمصالحة عندما تولى الرئاسة في مايو (أيار) الماضي في الدولة التي تعد أكبر منتج للكاكاو، إلا أن نظامه يقوم في الوقت ذاته باعتقال حلفاء غباغبو.

وإضافة إلى الرئيس السابق وزوجته سيمون، تم اعتقال العشرات من المسؤولين المدنيين والعسكريين الموالين لغباغبو بتهم ارتكاب «جرائم اقتصادية» أو «انتهاك الأمن القومي». ولا تخفي إدارة وتارا رغبتها في إرسال غباغبو إلى لاهاي لمواجهة المحكمة الجنائية الدولية التي لم تقرر بعدُ ما إذا كانت ستفتح تحقيقا بحقه. وتواجه إدارة وتارا انتقادات ليس فقط من معسكر وتارا ولكن أيضا من جماعات حقوقية دولية تتهمها بأنها تمارس «عدالة المنتصر» نظرا إلى أنه لم يتم اتهام أي من أنصار الرئيس الجديد بارتكاب أي جرائم.

وطبقا للأمم المتحدة فإن الجانبين ارتكبا أعمال عنف خلال الأزمة التي تلت الانتخابات، خاصة في غرب ساحل العاج، الذي ما زال يشهد الكثير من التوترات. وتعهد وتارا بأن تكون اللجنة «مستقلة» وأن «تستمع للجميع». إلا أن سؤالا واحدا لا يزال من دون إجابة: هل ستفتح المصالحة باب العفو؟