الأوروبيون يتخلون عن العقوبات الفورية لإصدار قرار مجلس الأمن حول سوريا.. وموسكو تقدم مسودة بديلة

جهود لسد الفجوة بين الموقفين الغربي والروسي

لافتة رفعها ناشطان تحت المياه في حمص تطالب الأسد بالرحيل (رويترز)
TT

بعد أسابيع من فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إصدار قرار يندد بالعنف في سوريا ويوضح الموقف الدولي مما يحدث فيها، عرضت مسودتان جديدتان أمام مجلس الأمن لهذا القرار. وبعد أن أقدم الأوروبيون على تعديل مسودتهم الأولى لقرار مجلس الأمن حول سوريا وإلغاء البند المتعلق بعقوبات فورية على سوريا أول من أمس، تقدمت روسيا أمس بتوزيع مسودة قرار بديلة. وعلى الرغم من اعتبار الأوروبيين بأنهم تقدموا بتنازل كبير في إصدار المسودة الجديدة، ما زالت هناك معارضة روسية وصينية للقرار الجديد. وهناك جهود حثيثة في نيويورك لسد الفجوة بين الموقف الغربي والموقف الروسي الذي تدعمه الصين من الخطوات المقبلة في التعامل مع الملف الروسي.

وأوضح مصدر دبلوماسي أوروبي في الأمم المتحدة أن «المسودة الجديدة تأخذ في عين الاعتبار تردد الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن، فلا تدعو المسودة إلى عقوبات فورية أو تغيير النظام». وأضاف: «لكن يعتبر مشروع القرار مهما في إرسال رسالة قوية للسوريين، إذ يطالب بتسمية مبعوث خاص للتعامل مع السلطات السورية والعمل على معالجة الملف السوري». وأوضح أن المسودة «تطالب السلطات السورية بضبط النفس ومنع انتقال الأسلحة في البلاد، بالإضافة إلى تحديد 15 يوما قبل نظر المجلس مجددا في الوضع في سوريا»، مؤكدا «نوضح في مسودة القرار أنه في حال لم يتم الاستجابة لمطالب مجلس الأمن سيتخذ مجلس الأمن خطوات ملموسة بعقوبات محددة».

وبحسب نص مشروع القرار الأوروبي، فإن مجلس الأمن يدين بشدة «الانتهاكات المنهجية والخطيرة والمتواصلة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السورية» ويطالب بـ«الوقف الفوري لجميع أشكال العنف». ويشير النص إلى أن مجلس الأمن «يعرب عن تصميمه، في حال لم تتقيد سوريا بهذا القرار، على إقرار إجراءات هادفة بما فيها عقوبات» ضد النظام. ويشدد مشروع القرار على الحاجة إلى «آلية سياسية يقودها السوريون» من أجل إنهاء الأزمة ويعرب عن أسف مجلس الأمن لعدم تنفيذ الرئيس السوري بشار الأسد الإصلاحات الموعودة.

ولكن المسودة الروسية تطرح رؤية مختلفة، حيث لا تشير إلى إمكانية فرض العقوبات إطلاقا. كما أنها وضعت مدة زمنية لشهر لإعادة النظر في الوضع السوري خلال شهر. كما أن المسودة الروسية تشدد على دور الجامعة العربية في تسهيل حوار سياسي بين المعارضة والحكومة السورية. ولكن هناك معارضة أوروبية وأميركية على المشروع الروسي. واعتبر المصدر الأوروبي أن المسودة الأوروبية التي تؤيدها الولايات المتحدة «تشكل تنازلا كبيرا مننا، نحن أردنا فرض العقوبات فورا على سوريا وليس على الشعب السوري، بل على المسؤولين عن العنف في البلاد، ولكن مع الأسف لا يتفق كل أعضاء مجلس الأمن مع هذا الموقف»، في إشارة إلى روسيا والصين والهند. وأضاف: «من المهم أن يتحدث مجلس الأمن بصوت واحد، ولذلك قمنا بتقديم مسودة جديدة»، معتبرا «أنه من الصعب أن نتراجع عن المسودة الحالية، ولا يمكن أن نضيع المزيد من الوقت والناس يقتلون ويعتقلون». وهددت روسيا والصين، العضوان الدائمان في مجلس الأمن، باستخدام حق النقض «الفيتو» على أي قرار ينص على عقوبات، كما أعربت البرازيل والهند وجنوب أفريقيا عن معارضتها لأي قرار مماثل.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لدى مجلس الأمن أرادوا التصويت على مسودة القرار قبل نهاية الأسبوع، إلا أن إصدار روسيا مسودة بديلة وتداولها في مجلس الأمن قد يؤخر هذه العملية. ومشروع القرار الجديد الذي قدمته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال بدعم أميركي يختلف عن المسودة الروسية بنقاط عدة.

ويعبر الروس في المسودة التي اطلعت عليها «الشرق الاوسط»، عن «القلق العميق من الوضع في سوريا»، مطالبة «كل الأطراف بالتصرف بضبط النفس والابتعاد عن الانتقام بما فيها ضد مؤسسات الدولة». وتضيف المسودة أن «الحل الوحيد للأزمة الحالية في سوريا من خلال عملية سياسية شاملة يقودها السوريون»، مشددة على أهمية «سيادة واستقلال وسلامة أراضي سوريا». وتؤكد المسودة الروسية على أن «ضرورة حل الأزمة الحالية في سوريا بشكل سلمي من دون أي تدخل عسكري من الخارج». وتشمل المسودة الروسية 5 توصيات، هي: أولا المطالبة بعملية سياسية سورية خالية من العنف، وثانيا مطالبة الحكومة السورية بالإسراع في تطبيق الإصلاح لـ«معالجة الطموحات الشرعية للشعب السوري». أما النقطة الثالثة، فتطالب المعارضة السورية «بإبعاد نفسها عن المتطرفين وأن تدخل حوارا سياسيا مع السلطات السورية». وتتعلق التوصية الرابعة بمطالبة دول الجامعة العربية بمواصلة جهودها في دعم الحوار السياسي بين الفصائل السورية المختلفة. والتوصية الخامسة هي مراجعة الوضع السوري بعد شهر من تبني القرار.

ولم يصدر مجلس الأمن سوى إعلان واحد بشأن الوضع في سوريا منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية ضد نظام الأسد منتصف مارس (آذار) الماضي. وأفاد مسؤول أميركي رفيع المستوى بأن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون دعت الاثنين الصين إلى تقديم دعم قوي لتحرك في مجلس الأمن في شأن سوريا، وذلك خلال لقائها نظيرها الصيني يانغ جايشي. وكانت كلينتون قد تقدمت الأسبوع الماضي بالطلب من نظيرها الروسي سيرغي لافروف بالعمل على إصدار قرار من مجلس الأمن حول سوريا وتقوية الموقف الدولي من التطورات في سوريا. ولكن حتى الآن، تبقى الخلافات قائمة حول شكل هذا الموقف والدور الدولي، مع تأكيد روسيا والصين رفضهما لأي تدخل خارجي أو فرض عقوبات دولية ضد سوريا.