الشرق الأوسط يستحوذ على 1% فقط من المياه العذبة.. و50 مليار دولار ستصرف على التحلية

في منتدى باريس: المياه تحدي القرن الواحد والعشرين

السد العالي وفر أكبر خزان للمياه العذبة في المنطقة العربية («الشرق الأوسط»)
TT

«المياه منبع حياة أو مصدر للنزاعات» عنوان المنتدى الذي نظمه ليوم كامل في باريس مركز الدراسات العربي - الأوروبي والمعهد الأورو-متوسطي بالاشتراك مع غرفة التجارة العربية - الفرنسية. وجاءت أعمال المنتدى على مستوى عال من المهنية والتعمق مع ما يناسب أهمية الموضوع المطروق. وقال رئيس المركز الدكتور صالح بكر الطيار إن الغرض من المؤتمر «التوصل إلى صياغة مقترحات» تكون مفيدة للأخذ بها من قبل صناع القرار في الشرق الأوسط «عسى أن تساهم في إبعاد شبح حروب جديدة». وحقيقة الأمر أن الموضوع وإن كان عاما في صياغته إلا أن أساس المداخلات تركز على منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي التي لا تستحوذ، كما قالت مديرة عام اليونيسكو إيرينا بوكوفا سوى على 1% من المياه العذبة المتجددة. وما يزيد الوضع فداحة لهذه المنطقة أن 40% من المياه المستخدمة لا تعالج، فيما ثلثا سكان العالم العربي لا يتمتعون بمياه الشفة بشكل مرض كما أنهم لا يستفيدون من معالجة المياه المستخدمة. وبالنظر إلى شح المياه المتساقطة، فإن كثيرا من هذه البلدان تلجأ إلى ضخ المياه الجوفية بشكل مفرط ما يهدد مخزونها، خصوصا إذا كان غير متجدد. ووضع بيار فريدريك تونيير بوشيه، رئيس المجلس العالمي للمياه الإطار العام للنقاش حيث أوضح أن المياه غير المالحة في العالم تشكل 2.5% من مجمل كميات المياه.

ولكن غالبية المياه العذبة جوفية، بينما المياه السطحية «أنهار، وسواق» لا تشكل سوى 10% منها ما يبين النقص الفادح بسبب الضغط السكاني «7 مليارات حاليا و9 مليارات في عام 2035». ثم إن النزاعات المائية تتناول 145 تتشارك 245 نهرا وساقية في العالم. وأشار الدكتور محمود أبو زيد، رئيس المجلس العربي للمياه إلى أن سكان الشرق الأوسط والمغرب العربي يشكلون 5% من سكان العالم، بينما حصتهم من المياه تكاد لا تصل إلى 1%.

ولا تعاني المنطقة فقط من شح المياه بل إن الأحواض المائية الرئيسية فيها تحتضن نزاعات لا يستبعد انفجارها في وقت من الأوقات بسبب استمرار شح المياه وتراجع المخزون والاستخدام المفرط وازدياد الحاجات وخصوصا الأطماع. وكما رصد الدكتور الطيار، فإن الأنهار العربية الرئيسية منبعها غير عربي. فمصر والسودان اللتان تعتمدان على مياه النيل تجدان نفسيهما بمواجهة 10 بلدان أفريقية، فيما سوريا والعراق تواجهان تركيا فيما خص دجلة والفرات، والعراق يواجه إيران في شط العرب. وتتواجه فلسطين وسوريا والأردن ولبنان مع إسرائيل فيما يخص مياه الضفة الغربية وحوض الأردن ومياه الجولان ونهر الوزاني فضلا عن المياه الجوفية. وإزاء هذا الواقع، ترى بوكوفا في موضوع المياه «أحد المفاتيح» المتحكمة بالقرن الحادي والعشرين لجهة تحقيق التنمية الدائمة والمحافظة على السلام أو التوصل إليه.

ولذا، فإنها تشدد على الحاجة «للتعاون» للتعامل مع مسألة تتخطى الحدود وتهم كافة البشر فيما شدد تييري إليه، أحد مسؤولي شركة «السويس للبيئة» وهي أكبر شركتين في قطاع المياه في فرنسا «إلى جانب شركة (فيوليا)» على الحاجة إلى التوكؤ على التقدم العلمي والتقني للتعامل مع موضوع المياه حيث تبدو تحلية مياه البحر المخرج الرئيسي للمناطق المحرومة من كميات كافية من المياه. وعلى هذا الصعيد، تحتل منطقة الخليج الموقع الأول في العالم حيث إنها تستحوذ على 70% من المياه المنتجة عن طريق التحلية بفضل استحواذها على 62 محطة تحلية منها 27 محطة في السعودية وحدها التي تحتل الموقع الأول في العالم بفضل إنتاجها 3.36 مليون متر مكعب في اليوم. ويتوقع أن ترصد دول الشرق الأوسط 20 مليار دولار «حتى عام 2016» على التحلية ليصل هذا المبلغ إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2026. وفي هذا السياق، عرض فهيد فهد الشريف، محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، في كلمة تلاها عبد الرزاق أحمد، مدير برنامج التخصيص في المؤسسة المذكورة وضع المملكة بالتفصيل مركزا على المشاريع قيد الإنجاز والأخرى القادمة. وأشار الشريف إلى أن توفير المياه الصالحة للشرب بكميات كافية للأجيال الحالية والمستقبلية «يشكل إحدى أهم القضايا الاستراتيجية للمملكة» التي تحتاج اليوم إلى 6.5 مليون متر مكعب في اليوم. ويتوقع أن يرتفع الطلب إلى 9 ملايين متر مكعب في عام 2030. وحاليا توفر التحلية نصف الحاجة من المياه العذبة.