الرئيس اليمني: سأرحل إذا رحل الأحمر.. وسأذهب إلى التقاعد

صالح: تنبغي محاكمة الضالعين في حادث جامع الرئاسة

الرئيس اليمني علي عبد الله صالح
TT

صرح الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، الخميس بأنه لن يتنحى طالما بقي خصماه الرئيسيان – اللواء المنشق وشيخ القبيلة الملياردير وعائلته - في مواقعهم المؤثرة، مما قد يضع عراقيل أمام آمال تحقيق انتقال سلمي للسلطة.

وقال صالح أيضا إن الولايات المتحدة تلعب دورا هاما في مساعدة القوات اليمنية في قتال متطرفين ينتمون لتنظيم القاعدة في جنوب اليمن.

وقد صرح صالح بتعليقاته تلك في مقابلة استمرت لما يقرب من 20 دقيقة، مع صحيفة «واشنطن بوست» ومجلة «تايم» يوم الخميس. وكانت هذه أول مقابلة له منذ عودته إلى اليمن يوم الجمعة الماضي من المملكة العربية السعودية، حيث كان يتلقى العلاج من عدة إصابات، شملت حروقا في جسده، كان قد أصيب بها في أثناء هجوم شن على قصره في شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وقد جلس صالح أثناء المقابلة في غرفة كبيرة داخل المجمع الرئاسي، جنبا إلى جنب مع كبار مستشاريه. وكانت هناك ندوب عميقة ملحوظة على وجهه، بينما كان يغطي الجزء العلوي من رأسه بغطاء رأس قبلي. وكان يرتدي قفازات ذهبية اللون، ولكنة كان يبدو في صحة جيدة، كما بدت معنوياته مرتفعة. وظل صالح مبتسما طوال الوقت، وامتلأ حديثه بالدعابة من آن لآخر.

وقال إن خطة الانتقال السياسي، التي وضعت من قبل دول الجوار الخليجي، أوضحت ضرورة التخلص من «جميع العناصر» التي تسبب التوتر في اليمن، وهو ما يعني أن خصميه الرئيسيين، اللواء علي محسن الأحمر، وهو ضابط رفيع المستوى انشق وانضم إلى الانتفاضة الشعبية، التي اندلعت منذ 8 أشهر، وقبيلة الأحمر، وهي عائلة قبلية قوية لا صلة لها باللواء الأحمر.

وأضاف صالح: «إذا نقلنا السلطة مع بقائهم في مواقعهم، فإن هذا يعني أننا استسلمنا لانقلاب عسكري. وإذا تم نقل السلطة وهم لا يزالون في موضع صناعة القرار، فإن هذا سيكون أمرا شديد الخطورة، وسيؤدي إلى اندلاع حرب أهلية».

وأشار صالح إلى أنه يعتقد أن محسن وقبيلة الأحمر، جنبا إلى جنب مع المعارضة السياسية في اليمن، قد لعبوا دورا في محاولة اغتياله، حيث قال إن النظام بانتظار نتائج تحقيق تجريه الولايات المتحدة حول الهجوم، والذي قال صالح إنه من المتوقع أن يتم الانتهاء منه مع نهاية الشهر الحالي.

وقال صالح إنه إذا ثبت تورط محسن وقبيلة الأحمر في هذا الهجوم، فإنه سيتم محاكمتهم.

* نود الاستفسار عن صحتك، ومعرفة ما إذا كانت لديك أي دلائل على من قد يكون وراء الهجوم الإرهابي الذي كاد يودي بحياتك في 2 يونيو.

- أشكركم لسؤالكم عن صحتي، أما بالنسبة للحادث، فهناك تبادل للمعلومات بيننا وبين الولايات المتحدة، وقد وعدونا بتحليل المادة قبل نهاية شهر سبتمبر (أيلول)؛ لذلك نحن لا نزال ننتظر التحليلات من واشنطن.

* أذنت لنائبك، عبد ربه منصور هادي، بالتوقيع على مبادرة مجلس التعاون الخليجي (خطة لنقل السلطة وضعت من قبل دول مجلس التعاون الخليج، جيران اليمن)، فلماذا لم توقعها أنت وقد عدت لليمن؟ كما أرغب في أن تفسر لي ما الذي يحول دون توقيع الاتفاق؟ وما مدى قرب الحكومة من توقيع الاتفاق؟

- أولا وقبل كل شيء: تم تفويض نائب الرئيس وفقا لقرار جمهوري (أصدره الرئيس)، وليس هناك سبب يمنع تنفيذ هذا القرار، سواء أكنت في البلاد أم خارجها، فليس هناك شيء من شأنه أن يوقف تنفيذ هذا القرار.

* ما مدى قرب نائب الرئيس من توقيع الاتفاق؟

- نائب الرئيس ينتظر الطرف الآخر، فنحن مستعدون للتوقيع على مبادرة مجلس التعاون الخليجي كما هي، بيد أن تكتل حزب اللقاء المشترك، الذي يجمع أحزاب المعارضة، يقول إنه يريد نقطة واحدة فقط من هذه المبادرة، وهي أن يوقع الرئيس أو نائب الرئيس على الاتفاقية، ثم يترك (الرئيس) السلطة في غضون 30 يوما. ثم تقول أحزاب اللقاء المشترك بعد ذلك إن فترة الـ60 يوما التي وضعتها دول مجلس التعاون الخليجي لا تكفي لإجراء الانتخابات، وبالتالي فكل ما يهم أحزاب اللقاء المشترك إزالة الرئيس عن السلطة، وليغرق البلد بعد ذلك في حالة من الفوضى. وعلى الرغم من أننا مستعدون وعازمون على التوقيع في أي وقت، فإننا في حاجة للتوقيع على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ككل، كما أننا بحاجة إلى تحديد فترة زمنية لآلية تنفيذ ذلك.. كما أننا غير متمسكين بالسلطة، وعلى استعداد لترك الحكم كما ورد في الاتفاق، في غضون الأيام والساعات التي سيتم الاتفاق عليها.

* لكن كثيرين يقولون إنك تماطل؛ حيث إنك عرضت التوقيع على الاتفاقية 3 مرات، إلا أنك كنت تتراجع في اللحظة الأخيرة في كل مرة، كما يعتقد كثيرون في المجتمع الدولي أنك تحاول شراء الوقت من أجل توطيد مركزك في السلطة، فما الذي يجعل التزامكم مختلفا هذه المرة؟

- هذا نوع من سوء الفهم؛ فنحن على استعداد للتوقيع علي الاتفاقية خلال الساعات والأيام المقبلة، إذا توصلت أحزاب اللقاء المشترك إلى اتفاق، فنحن لا نريد إطالة المدة، كما أننا لا نريد لهذه الأزمة أن تستمر، وكل ما نريده هو خروج البلد من هذه الأزمة.

* وهل لا تزال ملتزما بعدم ترشيح نفسك مرة أخرى عندما يتم إجراء انتخابات؟

- (ضاحكا): بالنسبة لي، أنا سوف أتقاعد، فقد ساعدت المعارضة على جعل موعد تقاعد الرئيس أكثر قربا من خلال العمل الإجرامي الذي وقع في مسجد الرئاسة.

* تعرضت خلال الأيام الأخيرة لانتقادات علنية من اللواء علي محسن الأحمر (قائد عسكري مهم وحليف صالح لفترة طويلة، انشق عنة يوم 21 مارس - آذار)، وكذلك من عشيرة الأحمر (أسرة قبلية قوية)، فما ردكم على هذه الانتقادات العلنية؟ وبالنظر إلى العنف وعدم الثقة المتزايدة، هل من الممكن أن تبقوا جميعا في اليمن وتعملون معا؟

- ما هذا النقد تحديدا؟

* ألقى اللواء علي محسن بيانا قبل أيام قائلا إنك تقود البلاد باتجاه حرب أهلية.

- إنهم يصدرون مثل هذه التصريحات كل يوم، لكنهم هم الذين يعتدون على القواعد العسكرية والمدنيين والمتظاهرين، أولئك الذين يتحركون في جميع أنحاء المدينة تحت حماية علي محسن وعشيرة الأحمر، من خلال الاستعانة بأشخاص مسلحين، هم من يغتالون المتظاهرين من الخلف حتى يتمكنوا من إلقاء اللوم على الدولة.

وأنا أعتقد أن المخابرات الأميركية تتابع هذا الأمر وتراقبه عن كثب، وأنها تعرف بالضبط ما يجري.

* إذن هل ستتمكن من العيش جنبا إلى جنب مع علي محسن وعشيرة الأحمر في المستقبل؟

- نعم، سأكون قادرا على التعايش مع القوى السياسية الأخرى، فلا توجد مشكلة في ذلك. لكننا ينبغي أن نحاكم كل من كان ضالعا في الهجوم الرئاسي والحادث الذي وقع قبل أسبوعين في شارع الزبيري... والذي أسفر عن سقوط ضحايا من الجنود والمدنيين على حد سواء، بغض النظر عمن هم أو ما هي مناصبهم.

* قمت بقمع المتظاهرين بعنف، وقد تمت إدانتك دوليا لاستخدامك البنادق والأسلحة الثقيلة ضد المتظاهرين المسالمين، فلماذا لجأت إلى مثل هذه التدابير القمعية العنيفة؟

- هذا النوع من العمل غير ممكن في اليمن، وقد أعطى الدستور الحق لجميع اليمنيين في الاحتجاج والتعبير عن آرائهم من خلال وسائل الإعلام، لكن هذه الأعمال تم تنفيذها من قبل مجموعة من الأفراد الذين يرغبون في إلقاء اللوم على الدولة في نهاية المطاف. لقد زعموا أنهم يحمون المتظاهرين، وانتهى بهم المطاف إلى إطلاق النار عليهم والقيام بهذه الأعمال. وهناك اتجاه من جانب بعض وسائل الإعلام للدعوة لإسقاط الأنظمة الحاكمة، والاستعاضة عنها بمجموعة من القوميين والاشتراكيين، وغيرهم من الحركات المختلفة.

وهم يتوجهون الآن نحو الإسلاميين، والدليل الواضح على ذلك هو الدعاية المغرضة التي يقومون بها حول نظام الحكم في صنعاء؛ حيث يقولون إن الحكومة هي التي تقمع المتظاهرين، في حين أن المتظاهرين هم الذين يقمعون الدولة نفسها من خلال أفعالهم. نحن نحارب تنظيم القاعدة في منطقة أبين الجنوبية بالتنسيق مع الأميركيين والسعوديين. وفي الوقت نفسه، لدى الاستخبارات الأميركية معلومات أن تنظيم القاعدة على اتصال مع كل من جماعة الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح المعارض في أحزاب اللقاء المشترك) والضباط العسكريين الخارجين على القانون. وقد قال الإخوان المسلمون والضباط لنائب الرئيس: «أعطونا أبين وسوف نوقف الحرب في أبين ونقضي على شبكة تنظيم القاعدة هناك».

* هل تعتقد بضرورة محاكمة اللواء علي محسن وعشيرة الأحمر؟ وهل ستقوم بنقل السلطة طالما ظلوا في مواقعهم المؤثرة؟

- هذا يتوقف على نتائج التحقيق والتحليل التي ستأتي من واشنطن.

* وهل ستقوم بنقل السلطة إذا كانوا لا يزالون في مناصبهم الحساسة؟

- كلا، فمبادرة دول مجلس التعاون الخليجي واضحة، وهي تقول إنه تنبغي إزالة جميع العناصر التي تسبب التوتر. إذا نقلنا السلطة مع بقائهم في مناصبهم، فإن هذا يعني أننا استسلمنا لانقلاب عسكري. وإذا تم نقل السلطة وهم لا يزالون صانعي القرار، فإن هذا سيكون أمرا شديد الخطورة، وسيؤدي إلى حدوث حرب أهلية.

* أريد أن أسألك عن العلاقات اليمنية - الأميركية، وهو أمر مهم، ففي يوم عودتك إلى اليمن...

- سيكون هذا هو السؤال الأخير.

* في اليوم الذي عدت فيه إلى اليمن...

- العلاقات اليمنية - الأميركية جيدة، وهي، في الواقع، لم تتأثر خلال السنوات الـ33 الماضية، كما أن لدينا علاقات مع الكثير من القوى السياسية في واشنطن، سواء في الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري. وقد كانت هناك بعض الخلافات خلال حرب الخليج الماضية بسبب الموقف اليمني، لكن بعد ذلك أدرك الأميركيون أننا كنا على حق وأننا لم نكن فقط ندافع عن النظام العراقي.

* ولكن الأميركيين...

- وكانت هذه الاتهامات من قبل المحللين والدبلوماسيين وغيرهم، واتضح عدم صحتها.

* لكن الولايات المتحدة طلبت منك أن تتنحى.

- أنا أخاطب الرأي العام الأميركي، وأريد أن أسأل سؤالا: هل ما زلتم ملتزمين بمواصلة العمليات العسكرية ضد طالبان وتنظيم القاعدة؟

إذا كانت واشنطن لا تزال تقف مع المجتمع الدولي في مسألة محاربة طالبان وتنظيم القاعدة، الذين أحدثوا اضطرابا في السلام العالمي، فإن ذلك سيكون أمرا جيدا، لكن ما نراه هو أن أميركا والمجتمع الدولي يضغطون علينا لتسريع عملية تسليم السلطة، ونحن نعرف إلى من ستذهب السلطة، فهي ستذهب إلى تنظيم القاعدة، الذي يرتبط بشكل مباشر وكامل مع جماعة الإخوان المسلمين.

* خدمة واشنطن بوست خاص بـ«الشرق الأوسط»