قطار المصالحة الفلسطينية.. يصطدم بمطبات إقليمية ودولية

فتح تريد انتظار نتائج معركة العضوية.. وحماس تنتظر مصير إخوان مصر في الانتخابات

TT

في وقت دعا فيه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أمس، إلى «لقاء وطني» يهدف إلى «مراجعة سياسة شاملة للتوصل إلى استراتيجية وطنية»، مطالبا «بتنفيذ جميع بنود المصالحة وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، لطي صفحة الانقسام بسرعة»، أكدت مصادر فلسطينية مطلعة أن الفترة المقبلة ستشهد انطلاقة على صعيد ملف المصالحة، غير أنها لم تتوقع حدوث اختراق حقيقي بشكل سريع.

وبحسب المصادر فإن الحركتين فتح وحماس لديهما الرغبة الكاملة بتحقيق مصالحة على الأرض، غير أن عوامل إقليمية وعالمية تقف عائقا دون حدوث ذلك بالشكل السريع والمطلوب. وأضافت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها لـ«الشرق الوسط» أن «فتح تريد انتظار نتائج معركة مجلس الأمن بشأن عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، وكيف ستصبح العلاقة مع الأميركيين، وحماس تريد انتظار نتائج انتخابات مصر إذ إن قرار الحركة في هذا الشأن له علاقة كبيرة بالنتائج التي سيحققها الإخوان في الانتخابات العامة المصرية».

وفي الفترة الماضية لم تنقطع الاتصالات بين رئيس وفد فتح للمصالحة وعضو لجنتها المركزية، عزام الأحمد، ورئيس وفد حماس موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، وخلال ذلك كان الرجلان يبحثان مسائل مختلفة، مرتبطة بهذا الملف، في محاولة منهما للإبقاء على حالة التصالح كأمر واقع قائم، لكن دون خطوات على الأرض.

وأول من أمس استقبل أبو مازن وفدا مقربا من حماس في الضفة الغربية، واتفق معه على تهيئة الأجواء لاستئناف عجلة المصالحة، بعد يوم واحد من لقاء بين مسؤولي فتح وحماس في نابلس في الضفة الغربية للغرض نفسه.

وتتعرض كل من فتح وحماس لضغوط شعبية وانتقادات واسعة بعد عدة شهور من توقيع الاتفاق في القاهرة دون أن يترجم على الأرض. فقد حثت الجبهة الشعبية أمس الحركتين على إنجاز المصالحة بينهما، مؤكدة أن تحقيقها يشكل ضرورة استراتيجية لكل الفلسطينيين. وقال عضو اللجنة المركزية للجبهة جميل مزهر، إنه لم يعد مقبولا استمرار «سياسة الخداع والمماطلة والتسويف من حركتي فتح وحماس في إنجاز المصالحة» مشددا على «حاجة الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والإسلامية كافة، إلى المكاشفة والصراحة من هاتين الحركتين حول هذا الموضوع المهم».

ودعا مزهر الحركتين إلى توفير الإرادة السياسية باعتبارهما طرفي الانقسام الفلسطيني للتوجه بشكل جدي لتنفيذ اتفاق المصالحة لإنهاء معاناة الفلسطينيين. ونبه إلى ضرورة العمل على بناء استراتيجية فلسطينية موحدة لمواجهة المخاطر الجدية التي تواجه القضية الفلسطينية، مشددا على أن «الشعب الفلسطيني لم يعد يحتمل سياسة المراوغة والتضليل والتأخير المتعمد من طرفي الانقسام».

وتوقفت المصالحة في وقت سابق، بسبب خلافات حول هوية رئيس الوزراء الذي يفترض أن يقود حكومة توافق مهنية لنحو عام قبل إجراء انتخابات عامة في الأراضي الفلسطينية. إذ تمسك أبو مازن، برئيس الوزراء، سلام فياض، رئيسا لحكومة التوافق، وهو ما رفضته حماس بشدة، وأدى إلى إفشال الاتفاق، بينما اتفق الفصيلان على قضايا أخرى عالقة من بينها منظمة التحرير ولجنة الانتخابات ومصير الأجهزة الأمنية. وقالت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها إن «حماس تشددت في رفض فياض، على الرغم من جهود مصرية في هذا الصدد».

وتملك فتح أسماء أخرى غير فياض، وتحظى بإجماع داخل الحركة، لكنها بحاجة إلى تزكية وموافقة من أبو مازن نفسه، بعد أن يقرر التخلي عن فياض، وهي مسألة لم يحسمها الرئيس أبو مازن بعد. وفي مقدمة هذه الأسماء محمد مصطفى رئيس الصندوق الفلسطيني للاستثمار. ومحمد مصطفى المعار من صندوق البنك الدولي للسلطة، إلى صندوق الاستثمار وجعله مؤسسة مالية ناجحة، ولا يريد أبو مازن التفريط به، بتكليفه تشكيل الحكومة الانتقالية. غير أن المصادر قالت إنه قد يكون هناك مخرج ربما يقنع أبو مازن، وهو الإبقاء على مصطفى رئيسا للصندوق مع تكليفه بتشكيل الحكومة الانتقالية التي لن يطول عمرها أكثر من عام وربما أقل، وسط حديث عن أن أبو مازن يريد تقديم موعد الانتخابات التشريعية منها والرئاسية، حسب قول مصادر أخرى لـ«الشرق الأوسط».

وبسبب تمسك فتح بفياض ما زالت حماس توجه اتهامات لها بالرضوخ لأجندات أميركية، فقد اعتبر القيادي في حماس إسماعيل الأشقر أن الواجب الآن هو أن تبدأ فتح بالتطبيق الفعلي للبنود التي جرى التوافق عليها. وأضاف: «إنه من المفروض التنفيذ الجاد لجدول أعمال المصالحة بدلا من التلاعب بالألفاظ، فالمسؤولية الآن على السلطة الفلسطينية في هذا التنفيذ».