واشنطن تستدعي السفير السوري و«توبخه» على خلفية الاعتداء على سفيرها في دمشق

فيلتمان طالب بتعويضات وذكر بأن الاعتداء على السفير بمثابة الاعتداء على الولايات المتحدة

لقطة مأخوذة من «يوتيوب» لمتظاهر يمسك بلافتة صغيرة تؤكد الإصرار على المضي «حتى الشهادة أو النصر» خلال مظاهرة حاشدة ضد النظام في انخل
TT

استدعت وزارة الخارجية الأميركية السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى، إلى مقر الخارجية حيث تلقى «توبيخا» على خلفية تعرض موكب السفير الأميركي روبرت فورد في دمشق للاعتداء الخميس من قبل مؤيدين للنظام. وأبلغه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشرق الأوسط جيفري فيلتمان ما وصفته المتحدثة باسم الخارجية «تحذيرا بأن هذا غير مقبول»، بسبب ما حدث لفورد.

وأبلغ فيلتمان السفير السوري أن السفير الأميركي في دمشق «هو الممثل الشخصي للرئيس الأميركي» وأن الهجوم عليه، كما حدث في دمشق، «هجوم على الولايات المتحدة». وطلب فيلتمان التعويض عن سيارات السفارة الأميركية التي أصيبت بحادث الاعتداء على السفير فورد في دمشق قبل يومين. واستغرب فيلتمان كيف أن القوات الأمنية السورية تسرع إلى أماكن المظاهرات المعادية للنظام خلال دقائق، بينما استغرقت ساعتين حتى وصلت إلى مكان السفير الأميركي.

ووصفت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، في مؤتمر صحافي، اجتماع فيلتمان مع مصطفى بأنه كان «حازما من الجانب الأميركي». وقالت إن مصطفى لم يعتذر عما حدث، وكان «يستمع في معظم الوقت».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن الحكومة الأميركية كانت طلبت من الحكومة السورية تعويضا عن الضرر الذي لحق بالسفارة الأميركية في دمشق في يوليو (تموز) الماضي، خلال مظاهرات معادية للولايات المتحدة، مع الإشارة إلى مسؤوليات الحكومة السورية حسب قوانين فيينا لحماية الدبلوماسيين والعمل الدبلوماسي.

وقالت نولاند إن السفير فورد يتمتع بصحة جيدة بعد الموقف الصعب الذي تعرض له، وإنه «عقد العزم على مواصلة عمله المهم بمقابلة شرائح واسعة من السوريين، والاستماع إلى أولئك الذين يريدون التغيير. إن ما حدث له لن يثنيه».

وفي إجابة عن سؤال ما إذا كان السفير فورد «تخطى حدوده الدبلوماسية»، ردت نولاند: «إذا كان صعبا علينا، كدبلوماسيين أميركيين، عقد اجتماعات مع جميع ألوان الطيف السياسي في أي بلد، لا سيما في بلد مثل سوريا، نكون مقصرين في مهمتنا. السفير فورد يقوم بالتحديد بالمطلوب منه مقابل الراتب الذي يدفع له. ثم إنه يمثل الرئيس الأميركي والشعب الأميركي. أضف إلى هذا الأهمية الخاصة لسوريا، حيث هناك تقييد لحرية الصحافة، ولهذا لا نقدر على الحصول على صورة دقيقة لما يحدث، ما لم نذهب ونتحدث إلى الناس، كل على حدة».

وفي إجابة عن سؤال حول استعمال القوات السورية للطائرات لقمع المتظاهرين، وإذا كان ذلك سوف يقود إلى طلب أميركي بإعلان منطقة حظر طيران فوق سوريا، قالت نولاند إن ذلك لم يحدث «حتى الآن».

وكانت نولاند قد قالت، مع استمرار المساعي في مجلس الأمن لإصدار قرار حول التطورات في سوريا وإمكانية معاقبة دولية لنظام الرئيس بشار الأسد: «نريد قرارا له أسنان، قرارا يوضح لنظام الأسد أنه يجب وقف العنف، ويجب إرسال مراقبين دوليين إلى سوريا، وأنه ستكون هناك عواقب» توقعا لخطوات مستقبلية أخرى.

وقال مراقبون في واشنطن إن تكرار كلمة «عواقب» من جانب نولاند في المؤتمر الصحافي يعني أن الحكومة الأميركية تتوقع أن ترفض سوريا إرسال مراقبين أجانب. وأن ذلك سوف يقود إلى الخطوة التالية وهي فرض عقوبات عالمية وملزمة من مجلس الأمن على سوريا، بدلا عن العقوبات التي اتخذتها الحكومة الأميركية وحكومات أوروبية.

وفي إجابة عن سؤال في المؤتمر الصحافي إذا كانت كلمة «عواقب» تعني إمكانية «غزو» سوريا، مثلما حدث في العراق، أو توجيه ضربات جوية مثلما حدث في ليبيا، قالت نولاند: «نحن كررنا أننا لا نؤمن بوجود حل عسكري للمشكلة في سوريا». وأضافت: «نحن نريد شد الحبل حول عنق النظام السوري، نريد شد الحبل السياسي والاقتصادي».

وفي إجابة عن سؤال ما إذا كانت «عواقب» ستعني فرض منطقة حظر طيران فوق سوريا، حتى لا يقدر السلاح الجوي لنظام الأسد ضرب المتظاهرين، أو نقل القوات جوا، قالت نولاند إن «الأغلبية العظمى في المعارضة السورية لا تريد أي نوع من أنواع التدخل العسكري الأجنبي من أي نوع. رغم أن هناك أقلية تريد ذلك». وأضافت: «رأينا هو أن الشيء رقم واحد الذي يمكن أن نفعله لمساعدة السوريين هو الحصول على موافقة لإرسال مراقبين دوليين إلى هناك. هذا وضع لا يوجد فيه أي صحافي، أو أي عرض حر لما يجري. نحن في حاجة إلى شهود، حتى نقدر على أن نحاسب الأسد على ما يفعل بشعبه».

وفي إجابة عن سؤال إذا كانت الحكومة الأميركية تعتقد أن السوريين «أقل نضجا» من الليبيين، ولهذا لا تريد التدخل في سوريا مثلما تدخلت في ليبيا، قالت نولاند، من دون أن تقدم تفاصيل، إن الوضع في سوريا «يختلف» عن الوضع في ليبيا.

وفي إجابة عن سؤال إذا كانت الحكومة الأميركية تؤمن بأن الشعب السوري يقدر على الدفاع عن نفسه «بأي طريقة، بما في ذلك حمل السلاح»، قالت إن الحكومة الأميركية ظلت تشيد بالمظاهرات السلمية في سوريا. «لكن، مؤخرا، ظهرت بعض الحوادث التي حملت فيها المعارضة السلاح. لكنها حوادث نادرة، وقليلة، ومتباعدة». وأضافت: «تقييمنا لهذه هي أنها، إلى حد كبير، كانت دفاعا عن النفس».

وقال مراقبون في واشنطن إن تصريحات متضاربة حول هذا الموضوع ظلت تصدر من الخارجية الأميركية خلال الأيام القليلة الماضية. وإن مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية الأميركية كان يوم الاثنين قال إن المتظاهرين السوريين «يملكون حق الدفاع عن أنفسهم». غير أن فيكتوريا نولاند قالت أمس إن السوريين الذين يحملون السلاح «يدافعون عن أنفسهم». وكأنها تفرق بين حق السوريين المسالمين وحق السوريين غير المسالمين. هذا بالإضافة إلى أن نولاند كانت قالت أول من أمس إن نظام الأسد هو المسؤول عن تحول جزء من المعارضة السورية إلى استعمال السلاح. وفسر ذلك بأنه قبول لحمل معارضين للسلاح.

وأضاف المراقبون في واشنطن أن إدارة الرئيس باراك أوباما صارت تدريجيا تجد نفسها في موقف صعب في تفسير الفرق بين ما حدث في ليبيا وما يحدث الآن في سوريا، خاصة مع زيادة تدخل القوات السورية المسلحة، وصور الدبابات وهي تقمع المتظاهرين. هذا بالإضافة إلى تمرد فرق من القوات السورية المسلحة، وهو يشبه ما حدث في ليبيا في بداية الثورة هناك.