أزمة الديون تفرض نفسها بقوة على اجتماعات وزراء المال والاقتصاد الأوروبيين اليوم

وسط تباين المواقف بين العواصم الأوروبية بشأن التعامل مع أزمة منطقة اليورو

TT

تبدأ اليوم الاثنين اجتماعات وزراء المال والاقتصاد الأوروبيين، وتستمر على مدى يومين في لوكسمبورغ. وتنطلق الاجتماعات بعد الظهر بانعقاد المجلس الوزاري لمجموعة اليورو التي تضم 17 دولة تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة، وتستكمل الثلاثاء بمشاركة الوزراء من 27 دولة، الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد، في ما يعرف بمجلس الايكوفين. وحسب مصادر المؤسسات الاتحادية الأوروبية، سيكون الهدف الرئيسي من الاجتماع التحضير الجيد للقمة الأوروبية المقررة في بروكسل السابع عشر من الشهر الحالي، والتي ستتخذ قرارات اقتصادية ومالية هامة، تتعلق بإقرار حزمة التشريعات الستة للإدارة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، التي تعمل على تجنب حدوث أزمات مستقبلية، إلى جانب ما يتعلق بآلية الإنقاذ الأوروبية، وإمكانية صرف مساعدات جديدة لليونان أو دول أخرى متعثرة، فضلا عن ملف فرض ضريبة على المعاملات البنكية، التي رحبت بها دول كبرى في الاتحاد مثل ألمانيا، بينما لاقت اعتراضا من جانب بريطانيا.

وعشية الاجتماعات أظهرت التصريحات الصادرة من عدة عواصم أوروبية وجود تعارض في المواقف بشأن ملف الأزمة التي تواجهها منطقة اليورو أو ما يعرف بأزمة الديون السيادية التي بدأت من اليونان ثم آيرلندا والبرتغال، وهناك مخاوف من انتقالها إلى إسبانيا وإيطاليا.

في لندن قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن أزمة منطقة اليورو خطر على الاقتصاد العالمي ويجب على صانعي السياسات الأوروبيين التصرف سريعا لإصلاح بنوك المنطقة والتعامل مع ديونها. وقال كاميرون لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في اليوم الافتتاحي للمؤتمر السنوي لحزب المحافظين الحاكم في مانشستر: «منطقة اليورو تهدد ليس فقط نفسها ولكن الاقتصاد البريطاني أيضا والاقتصاد العالمي». وأضاف: «هناك حاجة إلى اتخاذ إجراء في الأسابيع المقبلة لدعم البنوك الأوروبية وبناء دفاعات منطقة اليورو للتصدي لمشكلات الديون. عليهم فعل ذلك الآن. عليهم استباق الأسواق الآن». وقال كاميرون أيضا إنه ليس على وشك «تمزيق» خطط بريطانيا لخفض العجز رغم علامات على أن الاقتصاد البريطاني يكافح للنمو.

وفي برلين حدد وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله بعد موافقة السلطتين التشريعيتين في ألمانيا البرلمان (بوندستاغ) ومجلس الولايات (بوندسرات) سقف مشاركة بلاده في مظلة الإنقاذ الأوروبية قائلا: «إن ألمانيا لن تشارك في هذه المظلة بأكثر من المبلغ المتفق عليه».

وأكد الوزير الألماني في تصريح للمجلة الألمانية (سوبر إيللو) إن الحكومة الألمانية لن تصرف أكثر من 211 مليار يورو، وهو المبلغ الذي صادق عليه مندوبو السلطتين التشريعيتين.

إلا أن دراسات إحصائية تشير إلى أن معظم الألمان يعتقدون أن بلادهم ستدفع في المستقبل المزيد من المساعدات. وأضاف شويبله أن حجم المظلة الأوروبية يعادل 440 مليار يورو ستدفع ألمانيا منها 211 مليارا فقط.

وعلى الصعيد الشعبي أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية المواطنين الألمان يعتبرون موافقة أصحاب القرار الألماني على زيادة قيمة مظلة الإنقاذ الأوروبية (اي اف اي اس) قرارا خاطئا. ووفقا لاستطلاع رأي أجراه معهد (ايمنيد) للدراسات الإحصائية فإن نسبة 58 في المائة ممن شملهم المسح لا تؤيد الخطوة.

وفي باريس أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الجمعة الماضي بباريس لرئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أنه لن يتم ترك اليونان تنهار، وأن الفشل المحتمل لهذا البلد سيمثل «فشلا أوروبا». وقال ساركوزي إن هناك «التزامات أخلاقية واقتصادية» لعدم ترك أثينا تنهار، مطالبا رئيس الوزراء اليوناني بالوفاء بالتزامات حكومته. وأفاد «فشل اليونان سيمثل فشلا لأوروبا. ليس هناك بديل. لدينا الالتزام الأخلاقي والاقتصادي للتضامن». وأكد أنه طالب باباندريو بـ«تطبيق الإصلاحات التي تعهدت بها حكومته». وأضاف أن باباندريو نقل له استعداد بلاده لاستقبال خبراء أوروبيين للتحقق من شفافية السلطات اليونان ووفائها بالتزاماتها. ومن جانبه ذكر باباندريو: «إننا مستعدون لاستقبال خبراء فرنسيين ومن دول أخرى للتحقق من شفافيتنا»، مضيفا أنه يسعى لبناء «يونان جديدة» قائمة على العدالة الاجتماعية والشفافية.

وتسعى حكومة اليونان إلى تطبيق إجراءات تقشفية صارمة تتضمن تخفيض في مصروفات الدولة بتقليل القطاع العام بنسبة 30% والتقدم في مجال الخصخصة وإصلاح سوق العمل، وذلك لإعطاء الشركاء في منطقة اليورو دليلا على إصرارها للخروج من الأزمة، لكي تُمنح حزمة إنقاذ ثانية بقيمة 160 مليار يورو.

وفي البرتغال، الدولة الأخرى التي تعاني من أزمة الديون إلى جانب اليونان وآيرلندا، فقد أعلن وزير المالية فيتور غاسبار أن بلاده ستتخذ «إجراءات مؤقتة» لتحقيق النسبة المحددة لعجز موازنة البلاد عند 5.9% العام الحالي.