«الشرق الأوسط» تنشر حقائق حول ميناء مبارك

بناء على تقرير عراقي رسمي يؤكد انه لن يضر بالملاحة

TT

أكد تقرير رسمي عراقي أعده عدد من المسؤولين والخبراء في قضايا الملاحة والموانئ، أن ميناء المبارك الكبير الذي بدأت الكويت في بنائه، لن يضر بالحركة الملاحية العراقية، بل إذا تم التعاون بين البلدين فمن الممكن أن يستفيد الطرفان من تطوير جزيرة بوبيان. وأفاد التقرير الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط» بأن بناء ميناء مبارك سيكون على 3 مراحل فقط، بناء على التأكيدات الكويتية، بعد أن تم إقرار إلغاء المرحلة الرابعة التي كانت ستشمل توسعا يؤثر سلبا على الملاحة العراقية. كما يؤكد التقرير أن المشروع يقام ضمن المياه الداخلية لدولة الكويت، ويبعد حوالي 4 آلاف متر عن خط الحدود البحرية بين العراق والكويت.

وكان مجلس الوزراء العراقي قد أوعز يوم 9 يونيو (حزيران) 2011 بتشكيل «اللجنة الفنية المتخصصة بشأن ميناء مبارك الكويتي»، التي تعتبر الأكثر معرفة بتفاصيل هذا الملف الحساس، وأوصت اللجنة بتاريخ 7 يوليو (تموز) بإيفاد وفد رسمي يضم ممثلين عن رئاسة الوزراء ووزارة النقل ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع ووزارة البيئة والتعليم العالي والبحث العلمي، وممثلا عن مديرية المساحة العسكرية في وزارة الدفاع العراقية ومركز علوم البحار إلى الكويت، وترأس الوفد ثامر غضبان، وهو رئيس هيئة المستشارين في مكتب رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، وعادوا إلى العراق ليقدموا نتائج زيارتهم إلى الحكومة العراقية في تقرير مفصل اطلعت «الشرق الأوسط» عليه، ولكن حتى الآن لم يتم نشر التقرير أو إعلان نتائجه، على الرغم من تقديمه مع التوصيات للتعاون مع الجانب الكويتي لمجلس الوزراء العراقي.

ويحدد التقرير 4 نتائج أساسية مبنية على الزيارة الميدانية لجزيرة بوبيان واللقاءات مع المسؤولين الكويتيين، والنقطة الأولى هي أن مشروع ميناء مبارك الكبير يتضمن 3 مراحل فقط، ولا توجد المرحلة الرابعة التي أثارت الجدل في بغداد، والمراحل الثلاثة تنسجم مع ما نصت عليه الفقرة 5 من قرار مجلس الأمن الدولي 833 لسنة 1993 وتقرير الأمين العام حول ترسيم الحدود بين البلدين، الذي أكد على تمتع البلدين بحرية الملاحة للجانبين في خور عبد الله. وأفاد التقرير العراقي بأنه تم إلغاء المرحلة الرابعة التي نص عليها في خرائط تصاميم مشروع ميناء مبارك في بادئ الأمر. والمرحلة الأولى تتضمن 4 مراسٍ، بينما المرحلة الثانية تتضمن 12 مرسى، وقد تمت المباشرة في المرحلتين، أما المرحلة الثالثة فلم يتم المباشرة فيها إذ إنها مرحلة بعيدة الأمد.

والنقطة الثانية تؤكد أن الكويت لا تعتزم إقامة كاسر للأمواج، وهذا قد يخلق لسانا بحريا يمتد إلى المياه الإقليمية العراقية. وهذه مسألة مهمة إذ كانت هناك مخاوف من نتائج إقامة كاسر الأمواج على الملاحة العراقية، وهي مسألة تثار من قبل بعض الأوساط العراقية في مهاجمة ميناء مبارك.

وتأكدت اللجنة العراقية من أن الميناء يقام في المنطقة بين أدنى جزر وأعلى مد للبحر، أي عند خط الأساس وليس على المسطحات المائية. ويذكر أن الوفد العراقي زار موقع الميناء يومي 15 و16 أغسطس (آب) الماضي ليشاهدوا موقع الميناء في فترة أدنى جزر للبحر وأعلى مد للبحر، كي يحصلوا على كل المعلومات وفي كل الأحوال.

كما تم الاتفاق على دراسة لتقليص حدة زاوية القناة الملاحية، مما يسهل استمرارية حرية الملاحة ليتم ضمان العمق المطلوب للقناة، وأوصت اللجنة العراقية بأن يكون الجانب الكويتي مسؤولا عن تنفيذ هذه النقطة. وقد اتفق الجانبان العراقي والكويتي على ضرورة وجود تنسيق وتعاون ملاحي محكمين بين الطرفين، بالإضافة إلى دراسة الآثار البيئية لمنطقة خور عبد الله. وقام الوفد العراقي المكون من 11 مسؤولا عراقيا بزيارة الكويت بين 15 و17 أغسطس الماضي، وزار خلالها موقع الميناء وعددا من المؤسسات الكويتية، وقابل عددا من المسؤولين من هيئات ومؤسسات كويتية عدة، منها مركز المشاريع الكبرى في وزارة الأشغال العامة، وهيئة البيئة العامة، ومؤسسة الموانئ الكويتية. وقدم الوفد العراقي إلى الجانب الكويتي وجهة النظر العراقية، وطالب بإيضاحات حول قضايا عدة، على رأسها صمان سلامة الملاحة العراقية في خور عبد الله. وشدد الوفد العراقي على أهمية قرار 833 التابع لمجلس الأمن، الذي يحدد سلامة مرور السفن العراقية التجارية في خور عبد الله والحدود العراقية والكويتية.

كما أن التقرير يوضح بالخرائط أن المسافة بين خط الأساس الكويتي ومنصف القناة - أي خط الحدود الدولية البحرية - هي 4 كيلومترات، وهي مساحة كافية لعدم عرقلة الحركة البحرية للعراق، على عكس الادعاءات بأنه سيتم تضييق قناة خور عبد الله كليا.

وتتفاقم الجدالات الداخلية في بغداد حول ميناء مبارك، وقد أدت إلى ضغوط على أطراف عدة، وعلى سبيل المثال تمت إقالة الكابتن صلاح خضير عبود، وهو مدير عام شركة «الموانئ العراقية» في وزارة النقل، الذي رافق الوفد العراقي إلى الكويت، ووقع على المحضر الخاص بالتقرير، ولكن بعد عودته إلى بغداد تمت إقالته من منصبه، وعين مستشارا في وزارة النقل. وبينما تشهد العلاقات العراقية - الكويتية توترا حول هذه القضية، وخاصة بسبب تصريحات النواب العراقيين والكويتيين الاستفزازية المتبادلة، هناك حرص على إظهار الوقائع والمعلومات كي تكون المواقف مبنية على التفاصيل الدقيقة والواردة من المختصين العراقيين، ومن المرتقب أن يناقش البرلمان العراقي هذا التقرير ونتائجه في المرحلة المقبلة.