أزمة بين إسرائيل وألمانيا بسبب المشروع الاستيطاني في القدس

ميركل بعد محادثة قاسية مع نتنياهو: من الصعب أن تثق بإنسان كهذا

داني إيالون، نائب وزير خارجية إسرائيل، يتحدث في لقاء مع صحافيين. وبدت خلفه رافعة تنقل بعض مواد البناء في حي «غيلو» في القدس (إ.ب.أ)
TT

بعد سنتين من العلاقات الجيدة تحولت خلالها ألمانيا إلى أقرب أصدقاء إسرائيل بعد الولايات المتحدة في العالم، كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، عن أن التصديق على المخطط الاستيطاني لبناء 1100 وحدة سكنية في مستوطنة «غيلو» في القدس المحتلة، أدى إلى أزمة لم يسبق لها مثيل بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وفي أعقاب «مكالمة توبيخ قاسية» أجرتها ميركل معه، أول من أمس، قال مسؤولون ألمان كبار لنظرائهم الإسرائيليين إن «ميركل لم تعد تصدق أي كلمة يقولها نتنياهو».

وكانت ألمانيا وغيرها من دول الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، أدانت مشروع البناء الاستيطاني الجديد، واستدعي السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أورن عشية «رأس السنة العبرية» من قبل اثنين من كبار نواب وزيرة الخارجية، وتم إبلاغه بأن التصديق على البناء يمس بالجهود الأميركية لتجديد المفاوضات. بينما وصف القرار في أوروبا بأنه «صفعة لمواقف الغرب الذي يحاول منع الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة». ونقل عن كبار المسؤولين في ألمانيا قولهم إن ما أثار غضب ميركل هو «توقيت الإعلان عن المخطط»، لكونه يعرقل جهودها في إعادة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات.

ونقل عن مسؤول سياسي إسرائيلي قوله إن ما أخرج ميركل عن طورها هو تجندها المكثف في الأسابيع الأخيرة لمساعدة إسرائيل في عرقلة التصويت في مجلس الأمن بشأن قبول فلسطين بعضوية كاملة في الأمم المتحدة. وبناء على طلب نتنياهو مارست ميركل ضغوطا شديدة على رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، من أجل التراجع وانتقدت سياسته وقادت الدول الأوروبية في ممارسة الضغوط، وواصلت ضغوطها حاليا على عباس لكي يوافق على بيان «الرباعية الدولية» وتجديد المفاوضات.

ووصف مسؤول إسرائيلي الأزمة بأنها «أزمة ثقة حادة تعرض للخطر عدة قضايا سعت ألمانيا وإسرائيل إلى الدفع بها»، توجد ضمنها قضايا أمنية في غاية الأهمية. وأضاف أنه ليس من المؤكد أن تستمر ألمانيا في مساعدة إسرائيل من خلال عرقلة المساعي الفلسطينية في الأمم المتحدة. وقال المسؤول الإسرائيلي نفسه إنه ليس من المستبعد أن تدعم ألمانيا رفع مكانة فلسطين إلى دولة مراقبة في الأمم المتحدة.

إلى ذلك، أشارت «هآرتس» إلى أن رئيس مجلس الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، يعكوف عميدرور، زار برلين سرا، قبل أسبوعين، والتقى نظيره الألماني، كريستوف هويسغان، والمديرة العامة لوزارة الخارجية الألمانية، إميلي هابر. وركز الاجتماع على تنسيق الخطوات بشأن المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة، والمساعدة التي يمكن أن تقدمها ألمانيا في صياغة بيان الرباعية الدولية بحيث تكون مقبولة لدى إسرائيل، علما بأنه في اليوم نفسه كان قد التقى نتنياهو مع وزير الخارجية الألماني في القدس لمناقشة القضايا ذاتها. وأضافت «هآرتس» أن محادثات التنسيق بين إسرائيل وألمانيا ظلت مستمرة إلى حين توجه نتنياهو إلى المشاركة في جلسات الجمعية العامة وخلالها. كما أشارت إلى أنه بعد أن عرض الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مبادرة رفع مكانة فلسطين إلى دولة مراقبة (غير كاملة العضوية)، طلب مستشارو نتنياهو من المسؤولين الألمان التحفظ على المبادرة. وفي أعقاب صدور بيان الرباعية الدولية طلبت إسرائيل من ألمانيا الضغط على أبو مازن لتجديد المفاوضات.

ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن ميركل استجابت للطلب، وتحدثت هاتفيا مع أبو مازن، وطالبته بالعودة فورا إلى المحادثات مع إسرائيل قبل صدور بيان «الرباعية»، وأن الأخير أعطى إشارات إيجابية. وعندما طلبت ميركل معرفة ما يحتاج إليه من أجل تجديد المفاوضات، أجاب أبو مازن بأنه على استعداد للاكتفاء بـ«تجميد هادئ» للاستيطان.

وأضافت الصحيفة أن أبو مازن طلب من ميركل أن يبلغ نتنياهو الإدارة الأميركية بالتزامه بوقف البناء الاستيطاني لمدة 3 أشهر، يتم خلالها إجراء مفاوضات حول الحدود والترتيبات الأمنية. ونقل عنه قوله إنه لا توجد حاجة للإعلان عن ذلك صراحة، ونقل عنه قوله أيضا «لا أريد أن يحرجني». وتم نقل الرسالة إلى نتنياهو، إلا أن الأخير لم يجب. وقالت الصحيفة أيضا إن ميركل، بينما كانت تضغط على أبو مازن، خططت للاتصال بنتنياهو يوم الثلاثاء الماضي، إلا أن المكالمة تأجلت، وبعد ذلك بعدة ساعات أبلغت من قبل مستشاريها بأن إسرائيل صدقت على مخطط بناء 1100 وحدة سكنية استيطانية في «غيلو». وأشارت «هآرتس» إلى أن رد فعل ميركل على المخطط كان مماثلا لرد نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن عندما تم التصديق في مارس (آذار) 2010 على بناء 1600 وحدة سكنية في مستوطنة «رمات شلومو»، وهو حي استيطاني آخر في القدس.

إلى ذلك، ادعى ليران دان، الناطق باسم نتنياهو، أن المكالمة بين نتنياهو وميركل لم تكن قاسية ولم تتضمن أي توبيخ، وأن رئيس الحكومة أبلغها بأن الحديث ليس عن «مستوطنة أو بؤرة استيطانية، وإنما عن حي من أحياء عاصمة إسرائيل».