القامشلي تنتفض بعد اغتيال القيادي الكردي مشعل تمو

الخارجية الأميركية: ما حصل ينبئ بوجود تصعيد من قبل النظام

مشعل تمو
TT

«نحن وإياكم يدا بيد لنتحرر من السجن الكبير» - الجملة التي يعرف بها المعارض الكردي البارز مشعل تمو نفسه في صفحته على موقع «فيس بوك»، فهو الناطق باسم تيار المستقبل الكردي، الشخص الليبرالي الذي يحظى بمكانة محترمة لدى السوريين بجميع أطيافهم، كان من الصعب تشويه مواقفه الواضحة من الظلم والاستبداد وأيضا من قضية شعبه الكردي، بغية تشتيت الأنظار عن الجهة التي قامت باغتياله الذي كان لنبأ وقوعه بعد ظهر يوم أمس جمعة «المجلس الوطني يمثلني» وقع الصاعقة المدوية، فلم يهز مدينته القامشلي «قامشلو» وحسب، بل كافة أرجاء البلاد، وانطلقت مظاهرات غضب عارم في القامشلي عقب تأكيد النبأ، وراح المتظاهرون يحرقون صور رموز النظام، ويزيلون التماثيل وكل ما يرمز إلى «النظام الأسدي»، مع أن أحدا لم يعلن مسؤوليته عن عملية الاغتيال، واتهمت صفحات موالية للنظام العصابات المسلحة باغتيال تمو، إلا أن الأكراد وسائر السوريين المعارضين للنظام توجهوا باتهاماتهم نحو النظام، خاصة أنه سبق أن تعرض تمو لمحاولة اغتيال في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث قامت سيارة ودراجة نارية تحمل مسلحين من الشبيحة باعتراض السيارة التي تقله مع ابنه مارسيل والناشطة زاهدة رشكيلو، ولكن المسلح لم يستطع إطلاق النار في الوقت المناسب، مما أعطى الفرصة لمارسيل للالتفاف بالسيارة والهرب، وتمكن تمو من النجاة، لكنه يوم أمس لم يتمكن من الهروب والنجاة، حيث قام أربعة مسلحين ملثمين نحو الساعة الخامسة من مساء أمس باقتحام منزل كان فيه مشعل تمو مع ابنه مارسيل والناشطة رشكيلو وقاموا بإطلاق النار، حيث استشهد تمو على الفور، بينما أصيب ولده والناشطة. ليكون تمو أول شهداء الثورة السورية في قامشلو التي سبق أن انتفضت عام 2004، مع سائر المناطق الكردية التي سقط خلالها نحو 200 كردي سوري. وبحسب مصادر كردية، تم إخماد الانتفاضة حينها، إذ لم تلق تأييدا من باقي مكونات الشعب السوري، في وقت كان الخوف يسيطر على الجميع من تبعات احتلال العراق واحتمالات انتشار الفوضى والإرهاب. من جهته، اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن اغتيال تمو، وتعرض المعارض رياض سيف للضرب على يد الشبيحة في دمشق، ينبئان بوجود «تصعيد» من قبل النظام السوري. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «مما لا شك فيه أنه تصعيد في تكتيك النظام». ويعد مشعل تمو، (53 عاما)، من الشخصيات المعارضة السورية الكردية البارزة، وسبق أن اعتقل في أغسطس (آب) 2008، حيث حكم عليه بالسجن لثلاث سنوات ونصف بتهمة «إثارة الفتنة لإثارة الحرب الأهلية»، إلا أنه أفرج عنه في يونيو (حزيران) الماضي، وقد رفض بعد خروجه من السجن عرضا بالحوار مع النظام، ووقف إلى جانب المحتجين ضد بشار الأسد.

وتمو مهندس زراعي متزوج وله ستة أولاد، وقد عمل بين قيادات حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا (محظور) لأكثر من عشرين عاما، وأسس تيار المستقبل الكردي في سوريا و«هو تيار شبابي ليبرالي يرفض اعتباره حزبا سياسيا، ويعتبر أن الأكراد جزء لا يتجزأ من تركيبة النسيج السوري»، بحسب المعلومات المتوافرة عنه في صفحته على موقع «فيس بوك» وصفحات مؤيديه. يذكر أنه شارك في مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد في إسطنبول، وذلك «عبر رسالة صوتية وجهها للمؤتمرين من داخل سوريا، وأكد فيها وحدة الشعب السوري»، كما كان أول من أيد المجلس الوطني السوري، حيث كتب على صفحته في موقع «فيس بوك» في الثاني من الشهر الحالي، «بعد الكثير من المخاضات والمؤتمرات واللقاءات التي أفرزتها الثورة السورية، بتضحيات الشباب السوري التي فاقت تضحيات أي ثورة في العصر الحديث، أعلن اليوم في إسطنبول عن قيام المجلس الوطني السوري، كخطوة أساسية في بلورة البديل السياسي للنظام، وبغض النظر عن بعض السلبيات التي رافقت التأسيس، فإننا في تيار المستقبل الكردي نبارك هذه الخطوة ونعتبرها انعكاسا للثورة السورية، لإنجاز برنامجها في إسقاط النظام، والعمل على تأمين حماية دولية للمدنيين بما يتوافق والقانون الدولي، وبناء دولة مدنية ديمقراطية، تعددية، تشاركية وتداولية، دولة تكون لكل السوريين، دولة للحرية والكرامة».

وكان تيار المستقبل الكردي في سوريا، أعلن في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي أن تمو تعرض لمحاولة اغتيال، وقال بيان صادر عن مكتب العلاقات العامة في التيار إن تمو كان في حي الكورنيش في مدينة القامشلي يوم الثامن من سبتمبر، الساعة الرابعة بعد الظهر «عندما تعرض لمحاولة اغتيال من قبل (مجموعة من الشبيحة) كانوا يركبون دراجة نارية، ومعهم مجموعة أخرى كانت تستقل سيارة مدنية وقاموا باعتراض سيارته، وإطلاق الرصاص الذي نجا منه تمو». والمفارقة يوم أمس وعقب انتشار نبأ اغتيال مشعل تمو، بدأت الصفحات الموالية للرئيس الأسد ببث شائعات ومعلومات مضللة عن مواقف تمو بهدف تبرئة النظام من عملية الاغتيال، وقالت إحدى الصفحات إن تمو «رفض الاعتراف بمجلس العملاء والخونة - المجلس الوطني»، وهذا غير صحيح، لأن تمو كان أول المؤيدين للمجلس، ووصفته الصفحة الموالية للنظام بأنه «أحد المعارضين الذين يدعون لإجراء حوار مع الحكومة وله دور بارز في التصدي لمحاولات التدخل الخارجي في سوريا»، مع أن تمو كان أول الرافضين للحوار مع النظام ورفض المشاركة في لقاءات بعض الأكراد مع الرئيس الأسد منذ نحو خمسة أشهر، إلا أن تلك الصفحة الموالية قالت إن تمو «كان يحضر لحضور جلسات الحوار الوطني». وقالت الصفحة الموالية «الآن، الخونة وضعوا اسم المعارض السوري عضوا في الأمانة العامة لكي يتاجروا على دمه»، واتهمت الصفحة «تركيا باغتيال تمو». وكان عدد من المعارضين السوريين تلقوا في الفترة الأخيرة تهديدات غير مباشرة بالتصفية، عبر رسائل، عن نية النظام تصفية أي معارض بارز يتواصل مع الشارع، وأن النظام لم يعد يفكر كثيرا في اعتقالهم وإنما بالقتل فورا، وكان اغتيال المهندس معن العودات شقيق هيثم المناع الشهر الماضي أثناء مشاركته في تشييع أحد الشهداء في درعا - رسالة أولى للمعارضين.