أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أمس، أن عدد النازحين السوريين المسجلين لديها ولدى الهيئة العليا للإغاثة، المكلفة من الحكومة اللبنانية بمتابعة أوضاع النازحين السوريين في شمال لبنان، انخفض بموجب عملية تحقق مشتركة قامتا بها خلال هذا الأسبوع بمعدل 1235 شخصا تم حذفهم من مجموع النازحين المسجلين، لافتة إلى أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن «نصف هذا العدد قد عادوا إلى سوريا، في حين لم يعد الآخرون يعيشون في وادي خالد»، مرجحة أن «يكونوا قد عادوا إلى سوريا أو انتقلوا إلى منطقة أخرى من البلاد».
وفي تقريرها الدوري الذي تصدره تحت عنوان «الوضع في شمال لبنان»، والذي يرصد أوضاع النازحين بين الأول والسابع من أكتوبر (تشرين الأول)، أشارت إلى تسجيل 119 شخصا إضافيا خلال هذا الأسبوع، من بينهم 15 هم من الوافدين حديثا، ليصبح العدد الإجمالي للنازحين المسجلين 2819 شخصا، يعيش معظمهم لدى عائلات مضيفة، في ظل ظروف معيشية صعبة.
وفي ما يتعلق بالحماية، أشارت المفوضية في التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى «تقارير لا تزال تفيد بزيادة صعوبة عملية العبور إلى لبنان نتيجة للتشديد الأمني في الجانب السوري من الحدود»، مؤكدة «استمرار سماع صوت إطلاق رصاص في المناطق الحدودية». وذكرت أن الغالبية العظمى من النازحين السوريين الذين دخلوا البلاد خلال الأسابيع الماضية قد أتوا من تلكلخ وحمص، وهم يعربون عن خوفهم وقلقهم حيال العودة إلى ديارهم، كما أن معظمهم يشعرون بأن الوضع الأمني هناك لا يسمح لهم بعد بذلك، مع الإشارة إلى أن معظم الوافدين حديثا قد دخلوا البلاد من خلال المعابر الحدودية الرسمية، إذ إن المعابر غير الرسمية تخضع للحراسة المشددة من قبل السلطات السورية، وذلك حسبما أفادت التقارير.
وعلى الرغم من كل التدابير والإجراءات لتسهيل وضع النازحين السوريين، فإنهم لا يزالون يواجهون صعوبات، لا سيما لناحية التنقل والعمل. وفي هذا السياق، أبلغت مصادر شمالية ميدانية «الشرق الأوسط» أمس عن توقيف مخابرات الجيش اللبناني سبعة نازحين سوريين على مدخل إحدى البلدات العكارية لدى توجههم وأفراد عائلاتهم (نساء وأطفال) للعمل في أحد الحقول المجاورة، وسبق أن حصل الأمر ذاته لدى توجه أحد النازحين منذ يومين إلى المستشفى لنزع أسياخ حديد مثبتة على يده.
وتعليقا على تكرار هذه الحوادث، اعتبر النائب عن تيار المستقبل معين المرعبي الذي يواكب أوضاع النازحين السوريين، أن «الجيش اللبناني مدعو للقيام بدوره وواجباته، لكن لا يعقل أن يصار إلى اعتقال النازحين كلما خرجوا من البلدات المضيفة». وأوضح أن عملية التوقيف يتبعها إرسالهم إلى الأمن العام لمحاكمتهم التي تستغرق أسابيع في حال وجود متابعة حثيثة لملفاتهم. ورأى أن ما يحصل من حالات توقيف «لا يمت للإنسانية ولا للأخلاق اللبنانية بصلة». وقال: «هذه ليست مخابرات لبنانية، بل مخابرات سورية أو إنها لبنانية وعميلة للنظام السوري»، مشيرا إلى أن التعامل بهذا الشكل مع النازحين يحاسب عليه القانون الدولي والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان.
وتمنى المرعبي على قائد الجيش جان قهوجي «القيام بدوره في هذا السياق، ونحن نتوجه له بهذا الصدد يوميا»، معتبرا أنه «في حال كان يعلم بالتجاوزات التي يرتكبها عناصر من مخابرات الجيش بحق النازحين فهذه مصيبة، وإن لم يكن يعلم بها فمصيبة أكبر».
وكان تقرير مفوضية شؤون اللاجئين أفاد بأن النازحين السوريين الباقين في الشمال «يرفضون العودة قبل استتباب الاستقرار والأمن في القرى السورية، فالكثير من الأفراد والعائلات قد تعرضوا لصدمات قوية بسبب الأحداث التي أدت إلى فرارهم، فضلا عن الاضطهاد المستمر لمعارفهم أو الأشخاص الذين يهتمون لأمرهم داخل سوريا».
وذكر التقرير الدوري أن استجابة منسقة ومتينة للغاية وعلاقات عمل إيجابية قائمة مع الهيئة العليا للإغاثة التابعة للحكومة اللبنانية ووزارة الشؤون الاجتماعية منذ اندلاع الأزمة، وذلك لخدمة اللاجئين والمجتمعات المحلية المضيفة. وتعمل هذه الشراكات، فضلا عن تلك القائمة مع الشركاء من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، وذلك لتلبية احتياجات اللاجئين والمجتمعات المحلية المعنية بشكل شامل. وتشمل الاستجابات: تدخلات حماية لضمان الأمان والسلامة الجسدية وعدم الإعادة القسرية؛ وتقديم المساعدة لتلبية الاحتياجات الأساسية وتقديم الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية.
في موازاة ذلك، لا يزال نحو 200 نازح يقيمون في مدرستين هما الراما والعبرة، وهما اللتان تم تجهيزهما بالشكل الملائم لاستقبال أعداد كبيرة من الأشخاص فيهما، بينما يجري العمل حاليا على تحسين شروط العيش فيهما. وكانت المفوضية والحكومة أطلقتا أعمال ترميم مدرسة الراما، في حين أن جمعية البشائر الإسلامية تتولى ترميم مدرسة العبرة.