اعتصام ضد النظام السوري يتحول إلى استعراض لقوة السلفيين في شمال لبنان

الشهال لـ«الشرق الأوسط»: نقوم بما يقوم به الثوار السوريون أنفسهم

جانب من مظاهرة الإسلاميين في طرابلس بشمال لبنان أمس (أ.ب)
TT

على وقع شعارات «لا إله إلا الله» و«سوريا بدها حرية» و«الله أكبر بها نسقط الطغاة»، اعتصم آلاف الإسلاميين، غالبيتهم من السلفيين، يوم أمس، في «ساحة التل»، وسط مدينة طرابلس (شمال لبنان)، منددين بالنظام السوري وهاتفين بسقوطه، ومطالبين بنجدة الضحايا الذين حملوا صورهم، مع تساؤل كتب بالخط العريض «أين الأمة الإسلامية؟». ولم يترك المعتصمون وسيلة إلا واستخدموها للتعبير عن غضبهم، فعلقت دمية تم شنقها وحرقها على شجرة تمثل الرئيس السوري بشار الأسد، كما أحرقت صورة كبيرة له وسط الجموع. وشاركت محلات الكاسيتات المحيطة بالساحة في الاعتصام ببث أغنيات يستخدمها الثوار السوريون في مظاهراتهم، فيها قدح للرئيس السوري، وتطلب منه الرحيل لأن «الشعب السوري ما بينهان». وإذ تحول الاعتصام الذي دعا إليه اللقاء العلمائي، إلى استعراض كبير للقوة بالنسبة للحركات الإسلامية اللبنانية المناهضة للنظام السوري وللحضور السلفي، فإن كل الوسائل كانت صالحة لتضخيم الحشد ونقل المتظاهرين من مناطقهم، بدءا بالخيول، مرورا بالدراجات النارية، وحتى سيارات دفن الموتى. وعند الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر، موعد بدء التجمع جابت شوارع طرابلس الرئيسية عشرات الدراجات النارية التي حملت المعتصمين من أكثر المناطق فقرا وبؤسا، لا سيما منطقة القبة وباب التبانة، كما استخدمت الحافلات والشاحنات الصغيرة. وانتشر الجيش اللبناني بكثافة في المدينة، كما قوى مكافحة الشعب، وبقي الأهالي حذرين من أن يسفر الاعتصام عن اشتباكات غير محمودة العواقب، فيما بدا أن المعتصمين أكبر حجما بكثير مما كان متوقعا، مع غياب شبه كامل للعنصر النساء. وقد رفعت رايات ضخمة كتب عليها «لا إله إلا الله» باللونين الأبيض والأسود، كما جمع المتظاهرون على سيارات أعلام تركيا وليبيا وتونس كما علم سوريا الجديد - القديم الذي نبشه الثوار من أيام الاستقلال. وهو علم سوري يعود إلى ما بعد الجلاء الفرنسي عن سوريا عام 1946 تتوسطه ثلاث نجوم حمراء على لون أبيض يعلوها الأخضر وأسفلها اللون الأسود. وهو العلم الذي تتبناه المعارضة السورية بدل العلم السوري الذي اعتمد عام 1973.

ورغم أن الإسلاميين بدوا موحدين، لهم وزن على الأرض يوم أمس، فإن خلافات عديدة كانت قد فرقت المنظمين، خاصة حول الشخصيات التي ستلقي بكلمات. وقال أحد المنظمين لـ«الشرق الأوسط» رافضا الكشف عن اسمه «إن مثل هذه المناسبات هي أفضل الأوقات للبروز وإثبات الذات، لذا فإن المشاركين في التنظيم غالبا ما ينتهزونها فرصة لإبراز عضلاتهم، وهو ما يتسبب في حساسيات وخصومات». وبقيت أسماء لعدد ممن سيلقون الكلمات غير معروفة حتى اللحظة الأخيرة، لكن المتجمهرين لم يلقوا بالا لكثير مما قيل نظرا لأن الكلام جاء متشابها، وركز على الجانب الإسلامي، وضرورة حماية المسلمين في الشام، مع رفض المخاوف التي تتعلق بالأقليات. وجاء في كلمة الشيخ زكريا المصري، وهو من أبرز الإسلاميين المناهضين للنظام السوري، وينظم مظاهرة أسبوعية بعد صلاة الجمعة، في منطقة القبة في طرابلس، تساؤل مفاده «أيهما أولى بحماية الأقليات: الإسلام أم (البعث)؟»، معتبرا أن النظام السوري هو اشتراكي شيوعي يقوم على المادية بدل الروحانية، لذلك فإن «استنجاد البطريرك الراعي بالنظام البعثي، هو كالمستجير من الرمضاء بالنار». وقال الشيخ داعي الإسلام الشهال، مؤسس التيار السلفي في لبنان، لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس ردا عن سؤال حول جدوى التظاهر قال «هذا أقل ما يمكن أن نفعله للجرحى والثكلى والمهجرين السوريين، كي نشعرهم بأننا معهم». ويضيف «نحن لا نستطيع التدخل بقوى عسكرية، وإنما نملك حق التظاهر والاعتصام، وتسجيل موقفنا». وقال أيضا «نحن نقوم بما يقوم به الثوار السوريون أنفسهم، فهم لا يملكون أيضا سوى التظاهر والاعتصام والتعبير عن مواقفهم».

وتشهد طرابلس تحركات أخرى لمساندة المعارضة السورية، ويحضر حاليا علي الأيوبي «رئيس جمعية لجان المتابعة الإنمائية» لمؤتمر لدعم المعارضة السورية، يقول «إنه سيخرج من الطابع الإسلامي هذه المرة ليشمل أطيافا مختلفة من المجتمع اللبناني، يشارك فيه مسيحيون وعلمانيون، لإبراز أن قضية سوريا لا تهم الإسلاميين وحدهم وإنما كل اللبنانيين».