رغم إعلان زعيمها إياد علاوي مساء أول من أمس تخليه عن رئاسة المجلس الوطني للسياسات العليا أو حتى العضوية في هذا المجلس المثير للجدل، أكدت القائمة العراقية تمسكها بهذا المنصب، معتبرة إياه جزءا من استحقاقها بموجب اتفاقات أربيل التي على أساسها تشكلت الحكومة الحالية برئاسة نوري المالكي.
وأكدت المتحدثة باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار الذي اتخذه الدكتور علاوي بتخليه عن رئاسة أو حتى عضوية مجلس السياسات إنما هو بهدف إبعاد الجانب الشخصي من الموضوع، لأننا نعتقد أن علاوي هو المستهدف شخصيا». وأضافت أن «علاوي لا يبحث عن منصب، ولا يهمه مثل هذا الأمر، لكن المسألة أبعد من ذلك، وهي اتفاقات شراكة وطنية، وهو ما تم الاتفاق عليه ويجري التنصل عنه تحت ذرائع مختلفة، مثل معارضتها للدستور أو أن علاوي يريد أن يكون رئيسا فوق الرؤساء، وهذه كلها لا صحة لها، والدليل أن علاوي الآن تخلى عن هذا الموضوع بكل وضوح». وحول ما إذا كان هذا الأمر هو خيار شخصي لعلاوي أم أنه خيار «العراقية» كذلك، قالت الدملوجي «إننا نشعر بالحاجة لوجود مجلس للسياسات الاستراتيجية، فهو ليس ديكورا أو منصبا للترضية مثلما يحاول البعض تصوير الأمر، ولذلك فإن (العراقية) تعتقد أن هذا المنصب جزء من اتفاقات الشراكة، وهو استحقاق لـ(العراقية) كقائمة وليس لأي شخص فيها بمن في ذلك علاوي»، مضيفة «ونحن متمسكون به ومتمسكون بتنفيذ باقي اتفاقات الشراكة الوطنية التي هي حجر الزاوية للاستقرار في البلاد».
وجاء إعلان علاوي بعد ثلاثة أيام من اجتماع قادة الخط السياسي الأول في العراق، في قصر السلام ببغداد، برعاية رئيس الجمهورية جلال طالباني، لبحث ما بات يعرف بالقضايا العالقة. وعلى الرغم من حضور علاوي اجتماع قادة الكتل الثلاثاء الماضي، بصرف النظر عن وجود ضمانات لنجاحه أم لا، فإن اقتصاره على بحث قضية واحدة وهي قضية المدربين الأميركيين في العراق بعد الانسحاب مع عدم منحهم الحصانة أعطى انطباعا أوليا بوجود توافق مبدئي بين علاوي وخصمه رئيس الوزراء نوري المالكي في قضية وطنية كبرى بحجم بقاء الأميركيين بعد نهاية المدة المحددة لبقائهم بموجب الاتفاقية الأمنية، وهو ما عزز الآمال بإمكانية استئناف اللقاءات بين قادة الكتل قريبا لمناقشة ما تبقى من قضايا عالقة وهي اتفاقيات أربيل التي تتضمن المجلس الوطني للسياسات العليا والحقائب الأمنية والتوازن الوطني والمصالحة الوطنية والمساءلة والعدالة وما سواها من الأمور العالقة الأخرى. لكن القرار المفاجئ من حيث التوقيت الذي اتخذه علاوي برفضه أن يكون طرفا في المجلس الوطني للسياسات العليا يمكن أن تكون له تبعاته السياسية في إضافة تعقيدات جديدة للمشهد السياسي.
وطبقا لما قاله علاوي خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر حركة الوفاق، فإن قراره هذا جاء بسبب «تنصل من يدعي الشراكة عن روح الشراكة الحقيقية وتخليه عن الالتزام بالاتفاقات والتوافقات وغياب حسن النوايا، وتقديرا منا لمصلحة العراق العليا وتلمسا لرغبة مراجع الدين الكرام، أعلن مرة أخرى، حيث أعلنت قبل أشهر عدة، رفضي لأن أكون في رئاسة مجلس السياسات أو عضوا فيه، على الرغم من أن المجلس هو من الاستحقاقات الانتخابية وقاعدة الشراكة الوطنية، وإقراره مستند إلى التوافقات التي جاءت بالحكومة». وأضاف علاوي قائلا «لن أقبل لبلادي بأن شعبنا الكريم لا يزال يرزح تحت وطأة الطائفية السياسية والجهوية المقيتة والرعب والاعتقالات العشوائية وقوانين المخبر السري والإرهاب والاجتثاث السيئة الصيت وتزايد الجزع والفقر وانعدام الأمن والخدمات والانفراد بالقرار السياسي»، مشيرا في الوقت نفسه إلى «أننا لا نريد أن نكون شهود زور على المعاناة التي يمر بها شعبنا».