عشرات الآلاف يشاركون في تشييع مشعل تمو.. والأمن يفتح النار على المشيعين ويقتل 4 منهم

ناشطون أكراد في تشييع جنازة يتحول إلى مظاهرة غاضبة: اليوم بدأت انتفاضة الكرد في سوريا

الآلاف يشاركون في تشييع مشعل تمو في القامشلي أمس
TT

وسط أجواء من الوجوم والاستياء، انطلقت مظاهرات في مختلف أنحاء البلاد، استنكارا لاغتيال المعارض السوري الكردي البارز، مشعل تمو، أول من أمس، ونصرة للقامشلي ومدن وبلدات شمال شرقي البلاد، حيث تتركز الأغلبية الكردية. وفجر اغتيال تمو الغضب في الشارع الكردي، وأعلن ناشطون أكراد أنه يوم أمس الذي شهد تشييع تمو هو يوم انطلاق انتفاضة الأكراد السوريين، فلغاية يوم الجمعة لم تكن جميع الأطياف الكردية منخرطة في الثورة السورية.

وعمت حالة إضراب عام في مدينة القامشلي يوم أمس، وتوقفت معها كل مظاهر الحياة اليومية والمرافق العامة، وشارك فيها عشرات الآلاف، بحسب ناشطين. ومع انطلاق موكب التشييع، قامت قوات الأمن بإطلاق النار والغازات المسيلة للدموع، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل بإصابات نارية، وعدد من الجرحى، كما حصلت حالة اختناق بالغاز، حسبما أفادت مصادر محلية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قوات الأمن أطلقت النار على جنازة تمو في القامشلي، وقد شارك في تشييعه أكثر من 50 ألفا، مضيفا: «سقط أربعة شهداء إثر إطلاق الرصاص على موكب تشييع الشهيد مشعل تمو»، عضو المجلس الوطني السوري الذي شكلته المعارضة، مؤخرا، لتوحيد صفوفها ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

ويشار إلى أن تمو اغتيل على يد مسلحين مجهولين في بلدة القامشلي بعد ظهر يوم أول من أمس الجمعة. وكان برفقة ابنه في زيارة لمنزل أصدقاء له في شارع الكورنيش في القامشلي عندما جاء مسلحون في سيارة ونادوه فخرج، ثم أمطروه بوابل من الرصاص، وقتل على الفور. كما أصيب ابنه مارسيل بجروح خطيرة في البطن، نقل على أثرها إلى المستشفى في حالة حرجة، حيث خضع لعملية دقيقة جدا، وأصيبت الناشطة زاهدة رشكيلو بجروح طفيفة.

من جانبها، قالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «مجموعة إرهابية مسلحة اغتالت المعارض الكردي الوطني، مشعل تمو، وأصابت ابنه بجروح»، وأضافت أن «سيارة سوداء كان بداخلها أربعة مسلحين أطلقوا النار على المعارض تمو، مما أدى إلى استشهاده وإصابة ابنه بجروح».

وقالت مصادر محلية إن قوات الأمن، وكانت ترتدي زيا عسكريا، حاولت صد المتظاهرين المشيعين لمنع وصولهم إلى مقبرة «قدور بك» لدفن تمو، عبر إطلاق الغازات المسيلة للدموع بشكل مكثف، ما أجج حالة الغضب والغليان، وتم التوجه إلى بلدة الدرباسية، مسقط رأس تمو، ليصار إلى دفنه هناك، على وقع هتافات تنادي بإسقاط النظام، حيث رفع المتظاهرون شعارات تنادي بالوحدة الوطنية والقصاص لمقتل التمو وإعدام الأسد.

وعمّت المظاهرات، يوم أمس، الذي كان يوم مشعل تمو، أغلب المدن الكردية، في سريكانية ودرباسة، مسقط رأس تمو، وفي عامودا التي توجه إليها رتلين من الآليات العسكرية المحملة بالقوات الأمنية، بعدما قام متظاهرون بتحطيم تمثال كبير للرئيس حافظ الأسد، ورفعوا مكانه علم الاستقلال. وكان الأكراد الغاضبون في مدينة القامشلي قد قاموا مساء أول من أمس الجمعة، بإزالة صور رموز النظام السوري وإحراقها. وقالت مصادر محلية إن مدينة عامودا شهدت بعد ظهر يوم أمس حشدا أمنيا وعسكريا للفرقة 17، مع نشر للقناصة على سطح الملعب البلدي ومدينة الشباب، مع إغلاق للطريق العام بين الحسكة والقامشلي من قبل أهالي القرى ومدينة عامودا، لمنع وصول الجيش للمنطقة، وبعد وصول أنباء عن تحرك دبابات باتجاه عامودا، وفي مدينة المالكية أغلق الجيش الطريق المؤدية للمدينة لمنع تجمع الأهالي من القرى المحيطة.

وأظهرت صور فيديو بثها ناشطون سوريون حشودا هائلة من المتظاهرين في القامشلي، خرجت في تشييع جثمان تمو، رافعة شعارات منددة بالقمع، ومطالبة بإسقاط النظام، على غرار «الشعب يريد إسقاط الرئيس»، و«يسقط بشار ما في حوار»، كما تعالت زغاريد زفاف الشهداء.

وفي أحياء الأكراد في دمشق جرى نشر تعزيزات أمنية مكثفة، منذ مساء أول من أمس الجمعة، في حي ركن الدين، لا سيما منطقة أسد الدين حيث يتركز الأكراد، تحسبا لخروج مظاهرات غاضبة، علما بأن هذه المنطقة تشهد مظاهرات منذ أربعة أشهر، وفيها انتشار أمني كثيف، إلا أن يوم أمس جرى تعزيزه على نحو غير مسبوق، مع توقعات بتطويق الحي بشكل كامل خلال الساعات المقبلة. كما خرجت مظاهرات حاشدة في منطقة عفرين في ريف حلب استنكارا لاغتيال تمو، وفي قرية عين غرب أعلن عن إضراب عام حدادا على روح الشهيد تمو بعد مظاهرة عارمة نددت باغتيال تمو، ونادت بإسقاط النظام ومحاسبته.

وفي مدينة الحسكة، قالت مصادر محلية إن الأمن السياسي في الحسكة استدعى شيوخ العشائر العربية، في محاولة لاستمالتهم في مواجهة أي أزمة ممكن أن تحصل، وحذر ناشطون في دير الزور النظام من تلك المحاولات التي تهدف إلى شق صفوف الحراك الثوري، وأكدوا أن الشعب السوري وحّد صفوفه في مواجهة النظام، وقالوا باسم «عشائر دير الزور، إنهم يقفون جنبا إلى جنب مع الأكراد، وإن من يحاول ضربهم أو الإساءة إليهم هو من بلطجية النظام، حتى لو كان شيخ العشيرة نفسه»، وتوعدوا بأن يتم «التعامل معه على هذا الأساس».

وتضامنا مع القامشلي، واستنكارا لاغتيال تمو، خرجت مظاهرة حاشدة في قرى وبلدات حوران، مثل نوى ونمر، هتفت بـ«الروح بالدم نفديك يا تمو». وفي حمص خرجت مظاهرات غضب مساء الجمعة لنصرة القامشلي، وفي إدلب، دعا مجلس قيادة الثورة في محافظة إدلب إلى صلاة الغائب على روح تمو، مساء أمس، وخرجت مظاهرات في إدلب وريفها وفي جبل الزاوية، نصرة للقامشلي وتضامنا مع الأكراد. وفي التطورات الميدانية، قال اتحاد التنسيقيات إن اشتباكات عنيفة وقعت بين الجيش السوري الحر (كتيبة أبو بكر الصديق) وكتائب الأسد في قرية أوبين على الحدود التركية.

وفي ريف دمشق قال ناشطون إن الشابين: أمين خبية ورياض المبيض، قتلا يوم أمس برصاص قوات الأمن والشبيحة، وذلك خلال مشاركتهما في تشييع شهداء دوما الذين سقطوا يوم الجمعة.

وفي مدينة حمص جرى إطلاق رصاص على جنازات قتلى يوم الجمعة، وأصيب طفل (13 عاما) بمتفجرة في فخده، وتم قطع الاتصالات والإنترنت والكهرباء عن مدينة حمص وعدة مناطق في المحافظة، طيلة نهار يوم أمس، ما تسبب في مخاوف من عملية عسكرية واسعة وشيكة، إلا أن ناشطين قالوا لاحقا إن السبب كان قيام وزير الدفاع السوري، داود راجحة، بزيارة إلى حمص، علما بأن الخبر لم يؤكد الزيارة رسميا.

وشهدت منطقة القصير القريبة من الحدود مع لبنان دخول تعزيزات عسكرية للمنطقة، وجرى تمشيط قرى النيزارية وجوسية الواقعة على الحدود مع شمال لبنان، وترافق ذلك مع عزل تام للمنطقة، حيث قطعت كل وسائل الاتصالات مع إغلاق كل الطرق الدولية والمعابر الحدودية، لتعاد وتفتح بعد ظهر يوم أمس مع الاتصالات. وفي تلبيسه استمرت حملة الاعتقالات، واعتقل يوم أمس 6 أشخاص، وتم احتجاز أربعة أشخاص بينهم شخص مختل عقليا، وتم ضربهم بشدة قبل إطلاق سراحهم.

وفي دمشق تم إطلاق سراح الشابتين مروة تفاحة (18 عاما) وبتول الحمصي (19 عاما) بعد أسبوع من اعتقالهما عشوائيا في منطقة المهاجرين، إثر خروج مظاهرة طيارة قريبا من القصر الرئاسي نادت بإسقاط النظام ومحاسبة الرئيس.