المنتخب الليبي فرقته الحرب ضد القذافي.. ووحده هدف جديد

الساعدي ترأس اتحاد الكرة بيد من حديد.. والعقيد كان «يغار» من شهرة اللاعبين

TT

عندما اندلعت مظاهرات عنيفة في ليبيا في شهر فبراير (شباط)، قام بعض أفراد المنتخب الوطني لكرة القدم بدعم نظام العقيد معمر القذافي، بما في ذلك قائد المنتخب في ذلك اليوم، طارق التايب، الذي وصف الثوار بالجرذان والكلاب، بينما اختار آخرون حمل السلاح.

وكان وليد الختروشي (27 عاما)، لاعب خط الوسط، واحدا من 3 لاعبين تركوا المنتخب وانضموا للثوار. وقال الختروشي: «جاء إلي بعض الأشخاص وأخبروني أن أحد أصدقائي الأعزاء في المستشفى وفقد ذراعه. في هذه اللحظة قررت أن أترك المعسكر وأنضم إلى الصفوف الأمامية».

أطاحت الثورة بنظام القذافي في أغسطس (آب)، عاد الختروشي لينضم إلى معظم زملاء فريقه في لحظة رياضية هامة بالنسبة لدولة ما زالت تموج بحرب أهلية، حيث واجهت ليبيا زامبيا على أرضها، أمس، السبت، (انتهت المباراة لاحقا بتأهل الفريقين بعد تعادلهما سلبا)، في التصفيات النهائية لكأس الأمم الأفريقية، أكبر الدورات الرياضية في القارة.

وقال الختروشي خلال حوار معه في غرفة الفندق في هذه البلدة الصغيرة التي تشتهر بتصنيع النحاس والقصدير بالقرب من حدود زامبيا والكونغو: «لو كان الأمر متعلقا بي فقط، لما وجدتني هنا ألعب كرة القدم. لكن أصدقائي في الخطوط الأمامية قالوا لي: هذا مستقبلك ويجب أن تذهب»، مشيرا إلى مباراة كرة القدم في زامبيا، «إن هذا بمثابة حرب بالنسبة لك. وهذا هو واجبك، يجب أن تذهب وتلعب ثم تعود مرة أخرى»، وأضاف «وهذا هو سبب وجودي هنا الآن».

خضعت كرة القدم في ليبيا لسيطرة أسرة القذافي لفترة طويلة، فترأس الساعدي القذافي الاتحاد الليبي لكرة القدم بقبضة حديدية، بمجرد أن نصب نفسه قائدا للمنتخب الوطني. ومنذ عام 1997، تراجعت ليبيا كثيرا في تصنيفات العالم ووصلت إلى المرتبة 187، وكان الساعدي قد أدين بأنه يستخدم كرة القدم كوسيلة للعقاب. في عام 2000، لعب فريق الأهلي الطرابلسي، فريق يمتلكه الساعدي، ضد الأهلي في بنغازي، وهي مدينة مشهورة بمعاداتها للقذافي. وقام جمهور بنغازي بإلباس حمار قميصا عليه رقم الساعدي في المنتخب الوطني. ونتيجة لذلك تم حظر النادي لمدة 5 سنوات كما تم تدمير ملعب ومكاتب النادي. وكانت عاطفة العقيد القذافي بالنسبة للعبة أكثر برودة من عاطفة الساعدي وأخيه محمد، الذي حل محله في رئاسة الاتحاد الليبي لكرة القدم. وقال علي الأسود (60 عاما)، مدير الفريق الذي كان أحد اللاعبين السابقين البارزين في المنتخب الوطني لكرة القدم: «لقد لعبت في الأهلي الطرابلسي حتى عام 1979. هل تعرف لماذا توقفت؟ لأن القذافي وضع نهاية النوادي والدوري. لقد أراد أن نلعب في الشوارع فقط. من الممكن أن يسمح القذافي للناس بلعب كرة القدم وأن يرى الأسماء مكتوبة على الجدران ولم يكن يعرف من هم. لكن عندما أخبروه أنهم لاعبي كرة قدم، أنهى الأمر. لقد كان غيورا». إن القذافي مختبئ الآن، لكن مسؤولي حلف شمال الأطلسي ذكروا هذا الأسبوع أنه لا يزال هناك خطر وشيك يمثله الموالون له. في الوقت نفسه، حاول المنتخب الوطني الليبي الاتحاد مرة أخرى، وتم عمل زي جديد وشارة جديدة وعلم جديد من أجل التصفيات مع موزمبيق في شهر سبتمبر (أيلول)، وفازت ليبيا 1-0 في المباراة التي لعبت من دون جمهور في مصر. لكن المسألة الأكثر إلحاحا هي كيف يتجمع مجموعة من اللاعبين الذين قاموا بدعم جوانب مختلفة خلال الصراع. قال ماركوس باكيتا، المدرب البرازيلي للمنتخب الليبي، مبكرا هذا الأسبوع أثناء معسكر تدريب الفريق في تونس: «في المرة الأولى التي تلت الحرب، عقدت اجتماعا مع اللاعبين قبل بدء التدريب. وطلبت منهم أن يركزوا على كرة القدم فقط وأن ينسوا الحرب والقذافي وأن يركزوا على الشعب. لأن ليبيا تظل ليبيا، فهي ليست القذافي وليست الثورة، إنها ملك الليبيين فقط».

وفي الوقت الذي يستعد فيه الفريق لمواجهة زامبيا، لم يكن هناك دليل على وجود التايب، قائد الفريق السابق البالغ من العمر 34 عاما، الذي تحدث ضد الثوار. وقال باكيتا «إنه كبير السن للغاية». (قائد الفريق الجديد، هو حارس المرمى سمير عبود، 39 عاما).

كما غاب اللاعبون الآخرون الذين تركوا الفريق للانضمام لصفوف الثوار. وكان أحمد الصغير أصيب بطلق ناري في كتفه وقضى شهرا في المستشفى. وعندما شفي قرر العودة إلى القتال. كما أصيب جمعه موسى، حارس المرمى الاحتياطي، خلال المباراة الودية مع تونس غدا، الاثنين.

وصعد الليبيون إلى المرتبة 62 في تصنيفات العالم، وهو أعلى تصنيف لهم على الإطلاق. وقال الختروشي: «إن هذه اللعبة تعني الكثير بالنسبة لنا كلاعبين. ونحن مستعدون أن نحارب من أجل ليبيا». وأضاف: «سوف يساعد هذا ليبيا كثيرا. على الأقل سيجلب بعض السعادة بعد كل مشاعر الحزن التي مروا بها».

* خدمة «نيويورك تايمز»