عصام شرف الحاضر الغائب عن المشهد السياسي في مصر

القوى السياسية وصفت أداءه بـ«الباهت»

TT

يبدو أن الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء المصري، ينحني من جديد، لكن هذه المرة ليس لالتقاط حذاء سيدة ريفية خلعت نعلها قبل دخولها مكتبه في الأسبوع الأول لتوليه قيادة «حكومة الثورة»، وأصر هو على أن ترتديه.. لكنه ينحني مبتعدا عن الساحة الإعلامية، ربما في محاولة لتفادي عاصفة من النقد والاحتجاجات، طالته ووزراءه بعد اتهامات بعجز الحكومة عن توفير حلول عاجلة لتحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية، كان المصريون يأملون في أن تشعرهم بأن ثورة قد جرت في البلاد.

ويقول مراقبون إن شرف فشل في تغيير الصورة الذهنية عن مهام المنصب الرفيع، وإن كان قد نجح في كسب احترام الجماهير على المستوى الإنساني.. ويضيفون: «لكن اللحظة الراهنة تحتاج لقيادة تقدم للناس حلولا وليس مشاهد مؤثرة».

وظل منصب رئيس الوزراء في مصر خلال سنوات حكم الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، «أقرب لدور السكرتير أو الموظف التنفيذي»، وفق انتقادات القوى السياسية، التي تسعى نحو دور أكبر لرئيس الوزراء حتى يصبح صانع سياسات.

يرفض مجلس الوزراء هذه الانتقادات، ويقول السفير محمد حجازي، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط»: «من يعمل كثيرا يتكلم قليلا.. صحيح هناك انطباع سائد بغياب الدكتور شرف.. لكن يكفي أن يزور المهتم موقع مجلس الوزراء على الإنترنت ليكتشف أنه على خطأ، أو على أقل تقدير غير دقيق».

وابتعد شرف الذي تقلد منصب رئيس الوزراء منذ 3 مارس (آذار) 2011 الماضي، عن الظهور الإعلامي، بعد أن ظل لأسابيع يوجه خطابا للأمة لعرض القضايا الرئيسية على المواطنين، فيما يشبه الخطاب الأسبوعي لرئيس الولايات المتحدة الأميركية.

«الدكتور شرف يعمل ليل نهار.. وبرنامجه حافل باللقاءات الرسمية والزيارات ذات البعد الاستراتيجي»، هذا ما يؤكده السفير حجازي، الذي يضيف: «هناك مشروع لإنشاء مليون وحدة سكنية للشباب.. هناك مشروع لتطوير قناة السويس وتحويل المجرى الملاحي إلى مركز جذب عالمي.. هذه مشاريع لا تقدم عليها حكومة تسيير أعمال، وإنما حكومة تسعى لبناء مصر وتصر كذلك على التواصل الشفاف من خلال بيانات شارحة يوميا».

لكن انتقادات حادة وموجة من الاحتجاجات الفئوية أمام مقر مجلس الوزراء، أعادت إلى الأذهان سلسلة الغضب العمالي الذي اجتاح مصر قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني). وبدا أن أداء الحكومة المصرية الذي وصف بـ«المرتبك» في حادث مقتل جنود مصريين برصاص الجيش الإسرائيلي على الحدود بين البلدين، أفقد القوى السياسية ثقتها في حكومة شرف.

ويقول عضو بالمكتب التنفيذي لائتلاف شباب ثورة 25 يناير: «ندرك أن الدكتور شرف على الرغم من تقديرنا واحترامنا لشخصه.. لا يملك صلاحيات، هذه حقيقة أصبحت واضحة للجميع، إدارة المرحلة الانتقالية في يد المجلس العسكري (الحاكم)».

وغابت حكومة الدكتور شرف عن المفاوضات التي أجراها المجلس العسكري مباشرة مع القوى السياسية خلال الأسابيع الماضية، بعد أن التقى ثلاثة وزراء من حكومته محسوبين على المعارضة، قبل نحو شهر، وفودا من الأحزاب والحركات السياسية، لكن مصادر حضرت اللقاءات قالت لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أنهم غير مخولين بالتفاوض أو اتخاذ قرارات.. إنها لقاءات لامتصاص الغضب بعد أن أصدرت الحكومة سلسلة قرارات بتوسيع استخدام قانون الطوارئ، عقب حادث اقتحام السفارة الإسرائيلية».

«الدكتور شرف على علم بهذه النظرة السلبية لأداء حكومته».. هذا ما يؤكده مصدر مقرب من رئيس مجلس الوزراء المصري، وهو ضمن فريق مكتبه الذي رافقه لسنوات، يتابع: «الانتقادات تحبطنا أحيانا، لكن الدكتور عصام رجل متحل بالإيمان، يقول لنا دوما (إن الله يدافع عن الذين آمنوا).. ولا يهمكوا (لا تهتموا) ربنا أعلم بما نقوم به»، ويعلق أخيرا: «الدكتور عصام عنده هدف أساسي هو أن ينجز مهام عمله على أكمل وجه».

ونشرت بعض وسائل الإعلام أكثر من مرة، خلال الفترة الماضية، تسريبات حول تقديم شرف استقالته رسميا إلى المجلس العسكري، بسبب عدم قدرته على تلبية مطالب الثوار، لكن المجلس رفضها في حينه وتمسك باستمراره.

لكن أداء شرف الذي وصف بـ«الباهت»، ربما يصبح مثار جدل سياسي خلال الفترة المقبلة مع انتخاب البرلمان الجديد في يناير المقبل، حيث بدأت قوى سياسية في البلاد، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، المطالبة بأن تتولى الأغلبية البرلمانية تشكيل الحكومة، على الرغم من تصريحات المجلس العسكري بنيته في الاحتفاظ بحقه في تسمية رئيس الوزراء.