جيهان السادات لـ «الشرق الأوسط»: النظام السابق اختزل تاريخ زوجي في سطرين على استحياء

اعتبرت يوم 6 أكتوبر هذا العام أول احتفال يقدر فيه الرئيس الراحل بشكل مناسب

جيهان السادات
TT

اعتبرت زوجة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، السيدة جيهان السادات، أن احتفالات السادس من أكتوبر (تشرين الأول) هذا العام هي أول احتفالات يأخذ فيها الرئيس الراحل حقه كبطل رئيسي في الحرب التي أعادت الكرامة للشعب المصري، قائلة بمنتهى العفوية: «بقلنا (ظللنا) 30 سنة لم نر ذلك فعلا.. حسيت (أعتقد) أن الله منحني العمر لأعيش وأرى أن الشعب يقدر السادات وعارف إيه اللي عمله (ماذا فعل)». وأردفت «شعرت أن تاريخه لم يذهب هباء».

وشهدت مصر هذا العام احتفالات مختلفة بانتصار أكتوبر 1973، كأول مناسبة له تأتي بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني)، وفي ظل تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد خلال هذه المرحلة الانتقالية، بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير (شباط) الماضي تحت ضغط شعبي، حيث يحاكم حاليا بتهمة قتل المتظاهرين وقضايا فساد.

وظهر بوضوح احتفاء التلفزيون الرسمي المصري والصحف القومية منذ نهاية الأسبوع الماضي بالرئيس السادات ضمن احتفالات ذكرى حرب السادس من أكتوبر، وأذعيت بكثافة خطب للسادات واستعرضت مشاهد له خلال تفقده للجيش المصري مع أغان تم تأليفها له. كما أعيد استخدام عبارة «السادات رجل الحرب والسلام»، التي كانت تطلق عليه. تقول جيهان السادات «هذه العبارة كانت مختفية طوال 30 عاما».

ويتهم سياسيون وعسكريون شاركوا في حرب أكتوبر، مؤسسات الدولة وإعلامها باختزال انتصار أكتوبر خلال الثلاثين عاما الماضية، في قيادة ودور الرئيس السابق حسني مبارك، وأن الفضل ينسب إليه بأنه صاحب الضربة الجوية الأولى أثناء الحرب، حيث كان يتولى قيادة القوات الجوية.

وترى السيدة جيهان السادات، في حوار لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك تعتيما مورس خلال الفترة الماضية، على فترة حكم السادات وإنجازاته ليس فقط في وسائل الإعلام، بل في المناهج الدراسية بالمدارس والجامعات، مشيرة إلى أن «النظام السابق اختزل تاريخ السادات في سطر أو سطرين في الكتب، ومر على إنجازاته مرور الكرام على استحياء».

لكنها في المقابل تقول: «لا أريد أن يتم التحدث عن السادات كل يوم، لأننا لا نعيش في الماضي وهناك حاضر ومستقبل»؛ وترى أنه لا يجب سوى «إحياء ذكرى زوجي يومين في العام فقط في ذكرى مولده وفي ذكرى السادس من أكتوبر، من أجل رد الجميل».

وتحرص جيهان صباح يوم السادس من أكتوبر من كل عام، على إحياء ذكرى زوجها الراحل، من خلال زيارة قبر السادات برفقة أحبائه وقليل من المواطنين دون وسائل إعلام أو دعاية. لكن هذا العام تغير المشهد تماما أمام ضريح السادات، فحسب السيدة جيهان كان هناك «مظاهرة حب من الشعب البسيط أمام النصب التذكاري للسادات، وكان الاحتفال تلقائيا تخلله كلمات تمجيد لتاريخه من مئات المواطنين الذين حرصوا على الحضور دون توجيه دعوة لهم».

وترى زوجة الرئيس الراحل، صاحبة الـ78 عاما، حيث ولدت بالقاهرة في 29 أغسطس (آب) عام 1933 لأب مصري وأم بريطانية، أن ذلك يعود لسلوك الشعب المصري البسيط الذي شعر بالسادات وأدرك ماذا قدم له، قائلة: «السادات كان هدفه الأول خدمة مصر، وكان عشقه الأول لها، ليس بالكلام ولكن بالفعل.. قاسى كثيرا ولم يكن أبدا يحسب المقابل أو المردود من أفعاله».

وتتابع: «في اعتقادي أن السادات لم يأخذ حقه أبدا، فالسادات ضحى بحياته، وكان ممكن أن يجلس على كرسي ويحتفظ بمكانته كرئيس لمصر ويعطي شعارات وشجبا لأشياء وللاحتلال ويقول كلاما فقط؛ لكنه كان يفعل ما يؤمن به، دخل حرب أكتوبر وانتصر ودخل السلام وحمى مصر من أشياء كثيرة». وأشارت: «لو أن السادات لم يوقع السلام مع إسرائيل، لكانت مصر تعرضت لمضايقات كثيرة.. ستكون نصف سيناء محتلة ومليئة بالمستوطنات، وكان وضعنا يشبه وضع سوريا والفلسطينيين الآن مع إسرائيل.. لكنه كزعيم كانت له نظرة مستقبلية وحب لوطنه واستطاع أن يخرج بمصر من المأزق».

ونالت جيهان درجة الدكتوراه من كلية الآداب بجامعة القاهرة، وتزوجت أنور السادات مبكرا قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية عندما كان ضابطا صغيرا في الجيش، منجبة منه 3 بنات (لبنى ونهى وجيهان) وولدا واحدا هو جمال، علما بأنه كان متزوجا من سيدة أخرى قبلها هي السيدة «إقبال ماضي»، التي أنجب منها 3 بنات قبل أن ينفصلا هن راوية ورقية وكاميليا.

تقول حرم الرئيس السابق، واسمها بالكامل «جيهان صفوت رؤوف»، إنها تتابع المشهد السياسي الآن في مصر بعد الثورة، مؤكدة أنها تشعر بالتفاؤل من أن المستقبل سيكون أفضل من الماضي في ظل انتخابات برلمانية ورئاسية ودستور جديد، وإن مصر ستبقى في وضع ممتاز لكن ذلك يحتاج لوقت، على حد تعبيرها.

وباعتبار زوجها أحد الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة يوليو (تموز) 1952 وقائد حرب أكتوبر، فترى السيدة جيهان السادات أن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم حاليا هو صمام الأمن الآن لمصر، وأنه لولا الجيش ما نجحت الثورة»، واصفة المجلس العسكري بأنه «متفهم ومتريث وعاقل».

وتعتبر جيهان أول زوجة رئيس جمهورية في مصر تهتم بالعمل العام، فقد كانت لها مبادرات اجتماعية ومشاريع إنمائية، منها «جمعية الوفاء والأمل»، كما تبنت مبادرات لتعليم المرأة والحصول على حقوقها.

وتدعو جيهان السادات شباب الثورة المصرية بالتوحد على برامج محددة أو تأسيس حزب سياسي واحد بدلا من هذا التشرذم، مؤكدة «أنهم قاموا بالثورة وبدأوها وأن الشعب المصري انضم إليهم.. لكن لا يوجد اتحاد بينهم». مطالبة جميع الأحزاب والحركات بالنظر لمصر أولا ثم أنفسهم بعد ذلك، مبدية أملها في أن يحدث تغيير في مستقبل مصر بحيث يتولى الشباب مهام كل شيء.

وتختم جيهان السادات حديثها بالقول إنها «لا تفتخر بلقب سيدة مصر الأولى»، الذي يطلق على زوجات الرؤساء، مشيرة إلى أن هذا اللقب لم تطلبه ولكنها وجدته في الصحافة. وقالت: «أفتخر بلقب أم الأبطال وهو اللقب الذي تفانيت في تحقيقه أيام المعركة في حربي 67 و73، وكنت ليلا ونهارا بين الجنود المصابين في المستشفيات، وهم من أطلقوا علي هذا اللقب وقتها».